رئيس الوزراء يشهد تدشين الأكاديمية الدولية للعمارة والعمران    قرار جمهوري بتعيين علاء الشريف أمينًا عامًا لمجلس الوزراء    16 سبتمبر 2025.. أسعار الذهب تقفز 70 جنيها وعيار 21 يسجل 4970 جنيها    22% زيادة فى الحركة السياحية الوافدة لمصر خلال ال7 شهور الأولى من 2025    محافظ الغربية خلال افتتاح مدرسة كمال مرعي بقرية الدواخلية: التعليم في صدارة أولوياتنا    مسئول عسكري: إسرائيل تطلق مرحلة جديدة لاحتلال مدينة غزة ب توغل تدريجي    قطر: مفاوضات غزة غير واقعية حاليا.. وهذه رسالتنا إلى نتنياهو    دويدار: الزمالك يمتلك أفضل خط دفاع في مصر وأفريقيا    مدرب أهلي جدة: أرحت اللاعبين أمام ناساف بسبب الهلال    موقف لامين يامال من مباراة نيوكاسل في دوري الأبطال    أوباما: تنازلت عن مستحقاتي من أجل الزمالك ولن أطالب بالحصول عليها    ضبط عصابتين و3 عاطلين بتهمة ارتكاب جرائم سرقات في القاهرة    اختلف معها فطعنته.. التحقيق مع سيدة بتهمة الاعتداء على زوجها في الشرقية    وزير التعليم: المناهج الجديدة متناسبة مع عقلية الطالب.. ولأول مرة هذا العام اشترك المعلمون في وضع المناهج    مهرجان الجونة يكرم منة شلبي بجائزة الإنجاز الإبداعي في دورته الثامنة    قصور الثقافة بالغربية تحتفل باليوم المصري للموسيقى بأغاني سيد درويش    نادين نجيم وظافر العابدين يبدأن تصوير مسلسلهما الرمضاني الجديد.. أكتوبر المقبل    بالصور- إخلاء سوق التحرير العشوائي بأبنوب    وكيل تعليم أسيوط يوجه بتكثيف المتابعة الميدانية استعدادًا للعام الدراسي الجديد    محاكمة 111 متهمًا بقضية "خلية حسم الإرهابية".. اليوم    "موتوسيكل دخل في جرار".. إصابة 3 شباب في حادث تصادم بالمنوفية    99.1% لفني صحي طنطا.. نتيجة تنسيق الثانوية التجارية 3 سنوات كاملة    الرئيس البولندي يدعو الناتو إلى تعزيز قدراته على الردع    ترامب يستبعد شن إسرائيل المزيد من الضربات على قطر    مصر تتسلم جائزة الآغا خان العالمية للعمارة عن مشروع إحياء إسنا التاريخية    الإفتاء تحذر من صور متعددة للكذب يغفل عنها كثير من الناس    أسامة قابيل: يوضح معني" وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ": لا يعني مجرد التفاخر    أمين الفتوى: الشكر ليس مجرد قول باللسان بل عمل بالقلب والجوارح    الأنبا دانيال يشارك في نهضة القديس برسوم العريان بالمعصرة    الخميس.. الحكم على قاتل شاب بمنطقة الخليفة بسبب المخدرات    بعد قليل .. انطلاق فعاليات المؤتمر الصحفي لمهرجان الجونة السينمائي    قافلة المساعدات الإنسانية ال 38 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    القومي لذوي الإعاقة وتنظيم الاتصالات يوقعان بروتوكول تعاون لتعزيز الخدمات الرقمية    استقرار أسعار النفط مع ترقب انقطاع محتمل في الإمدادات من روسيا    الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تحذر من شخص ينتحل صفة كاهن    أونروا: عدد كبير من سكان غزة يجبرون على مغادرة منازلهم    ضبط سائق تعدى على شخص بالضرب في القاهرة    ترامب يعلن مقتل 3 أشخاص باستهداف سفينة مخدرات من فنزويلا    الصحة: حل جميع الشكاوي الواردة للخط الساخن 105 استطاع خلال أغسطس الماضي    مي فريد: المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل تشمل 5 محافظات    نائب وزير الصحة: وضعنا استراتيجية وطنية لدمج القابلات تدريجيا في منظومة الولادة الطبيعية    أبو بكر الديب يكتب: مصر وروسيا.. شراكة تتجاوز التوقعات    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 16 سبتمبر والقنوات الناقلة    وزير الصحة يبحث مع شركة أليكسيون التعاون في مجال الأمراض النادرة والوراثية    دراسة: وجبة غنية بالدهون قد تؤثر سلبا على الذاكرة خلال أيام قليلة    أوكرانيا: مقتل أو إصابة 910 من العسكريين الروس خلال 24 ساعة    بعد فشل النحاس في لملمة الجراح، قناة الأهلي تفجر مفاجأة حول المدرب الجديد (فيديو)    قرارات التعليم بشأن الكتب المدرسية 2025.. تسليم دون ربط بالمصروفات (تفاصيل)    «البترول»: تداول 74 مليون برميل زيت خام بميناء الحمراء    رسمياً موعد صرف مرتبات شهر سبتمبر 2025 للمعلمين.. هل يتم الصرف قبل بدء الدراسة؟ (تفاصيل)    هند صبري عن والدتها الراحلة: علاقتنا كانت استثنائية ومبحبش أعيط قدام بناتي    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الكلب طاهر.. وغسل الإناء الذي ولغ فيه أمر تعبدي    ليت الزمان يعود يومًا.. النجوم يعودون للطفولة والشباب ب الذكاء الاصطناعي    تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد تُناشد: «حافظوا على سلامتكم»    سيطرة مصرية في ختام دور ال16 ببطولة مصر المفتوحة للإسكواش    الوقت ليس مناسب للتنازلات.. حظ برج الدلو اليوم 16 سبتمبر    قبل كأس العالم.. أسامة نبيه يحدد برنامج معسكر منتخب الشباب في تشيلي    أمين الفتوى: الاقتراض لتجهيز البنات لا يجوز إلا للضرورة القصوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسماعيل الإسكندراني : عن رحيل العظماء
نشر في البديل يوم 31 - 08 - 2014

حاول بعض الأصدقاء أن يجيبوا على السؤال الوجودي الملحّ "لماذا لا يموت أولاد المتسخة؟"، فاجتهدوا في ذلك قائلين بأن أفضل من فينا يموتون قبل أن يتعرضوا للفتن الضارية فيسقطوا بين براثنها. رحل الدكتور عبد الوهاب المسيري قبل الثورة، وهو المفكر الذي ختم حياته بنضال ميداني دفع ثمنه اعتقالاً في ظروف غير آدمية رغم إصابته بالسرطان، فقال محبّوه لعل الله قد رحمه من ابتلاء المحن التي تلت الثورة ولعله كان سيخسر الإجماع حول شخصه ونبل مواقفه تحت وطأة الاستقطاب السياسي والاجتماعي. قاسوا على ذلك أمثلة عديدة من كتاب ومشاهير إما سقطوا سقطات مروعة، وإما خسروا مصداقيتهم أو جانباً منها أو قطاعاً عريضاً من جمهورهم. لكن تلك المحاولة للإجابة لا تصمد أمام دلالات مشهد جنازة المحامي الحقوقي النبيل أحمد سيف الإسلام عبد الفتاح قبل يومين…
رحل عم أحمد سيف مقهوراً على ابنه علاء المحبوس ظلماً وغدراً، وعلى ابنته سناء المحبوسة لمطالبتها بالإفراج عن أخيها، وشيّعه آلاف المحبين من الأطياف الوطنية كافة، في مشهد كنا نظن أنه لن يتكرر بعد ما فعل بنا الاستقطاب السياسي ما فعل. كان مشهداً مهيباً، ينتمي لمشهد التنوع في الثمانية عشر يوماً الأولى في ميادين وشوارع التحرير في أنحاء مصر. احتشد الآلاف في جامع صلاح الدين بالمنيل لصلاة الجنازة، ثم زحفنا إلى مقابر التونسي في السيدة عائشة لوداع الجثمان، حشوداً من الرجال والنساء، من الشيوخ والشباب، من المسلمين وغير المسلمين، من اليسار وغير اليسار، من الحقوقيين وغير الحقوقيين، من الأصحاء والمرضى، من الموسرين والبسطاء، كلهم قد اجتمعوا على حب ذلك الرجل والوفاء لتاريخه النضالي الطويل، المشرف والنبيل. اليوم فقط ننتبه أن واحداً من أفضل من فينا كان بيننا طيلة السنوات الماضية ..
ماذا لو عاد إلينا عم أحمد سيف بوافر الصحة والعافية شهراً واحداً نعلم أنه سيفارقنا بعده؟ كم منا سيكون حريصاً على زيارته والحديث معه والاستماع إليه؟ كم صورة كنا سنلتقط معه؟ وكم تسجيلاً صوتياً ومرئياً كنا سنحتفظ به؟ لكن، وللأسف الشديد، فإن الراحلين من عالمنا لا يعودون إليه، فلن نستطيع أن نفعل شيئاً من ذلك ..
في رحيل الأستاذ أحمد سيف الإسلام رسائل كثيرة من خالق الموت والحياة؛ فهي تذكرة أن بيننا عظماء كثيرين لا نلتفت إليهم إلا بفزعنا من مصابنا فيهم، وهي دعوة لأن نحتفي بمن نخشى رحيلهم عساهم يسعدون بصحبة طيبة في أيامهم الأخيرة. قد يدفعنا الإنكار إلى التهرب من مواجهة حقيقة الأمر بأن فلاناً وعلانة على وشك الرحيل، فلا نريد أن نصدق أننا سنزور فلاناً اليوم قبل ألا نستطيع أن نفعلها لاحقاً، ويحدونا الأمل بأن تبقى فلانة متاحة إلى الأبد، لكن الأماني الكاذبة لن تعطل الأقدار!
قبل ثلاثة أسابيع، رحلت عن عالمنا الحاجة فرحانة، شيخة مجاهدات سيناء، التي تشهد لها سجلات المخابرات الحربية المصرية ببطولاتها الفريدة ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي عملياتياً ومعلوماتياً. وفي الأسبوع ذاته الذي رحل فيه عم أحمد سيف، شاهدت الجزء الثاني من فيلم "عن يهود مصر"، وهو فيلم وثائقي في غاية الأهمية يسجل هذا التاريخ وذاك التراث المهدديْن بالضياع تحت وطأة الجهل بتاريخ مصر الحديث، وتحت نير الخلط الآثم بين الديانة اليهودية والأيديولوجية الصهيونية. لم يدر بخلد صانع الفيلم أن الأخت الصغرى لرئيسة الطائفة اليهودية المصرية ستموت بعد التصوير بأسبوعين، فتفقد الطائفة الصغيرة واحدة من أصغر العضوات التي يتراوح متوسط أعمارهن بين السبعين والثمانين سنة، والتي كان يمكن أن يكون لها دور في حفظ ما تبقى من تراث الطائفة.
هذا هو الجانب الأسوأ من الحقيقة، أن الموت يلاحق أهم الشخصيات في مجتمعنا فإن لم نستطع أن نوقف عجلته فعلينا أن نسابقه كي ندرك اللحظات الأخيرة مع من سيؤلمنا رحيلهم. فيبدو أن أفضل من فينا يرحلون أسرع وأكثر من "أولاد المتسخة" الكابسين على أنفاسنا. ولذلك، نؤمن بالحياة الآخرة والحساب والجنة والنار، وهو الجانب الأفضل من الحقيقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.