بين جهود الحزب الحاكم في السودان للاحتفاظ بالسلطة والترتيب لانتخابات الرئاسة المقبلة، المزمع عقدها في أبريل 2015، ومحاولات المعارضة الإطاحة بالنظام الحاكم قبل الموعد المحدد للانتخابات، تشهد السودان معارك طاحنة. من جانبه يسعى الحزب الحاكم للحفاظ على البقاء في السلطة عبر الفوز في الانتخابات المقبلة؛ سواء بطريق شرعي أو غير شرعي، أما المعارضة فتحاول بشتى الطرق الممكنة الضغط لإسقاط النظام قبل الانتخابات المقبلة، وتتركز الآن جهود المعارضة على الضغط الخارجي والداخلي لحصار النظام وإجباره على الرحيل أو بتحريك شرارة الانتفاضة داخل السودان، تلك الشرارة التي حاولت المعارضة منذ 2011 إشعالها وفشلت مرارًا في تنفيذ ذلك. ومن أبرز ما قامت به المعارضة لتقويض النظام اتفاق المعارضة وتوقيع المهدي زعيم المعارضة السودانية في 8 أغسطس الجاري إعلان باريس مع الجبهة الثورية وهي تحالف لحركات دارفور والحركة الشعبية شمال، التي تحارب الحكومة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، لكن الحكومة السودانية ترفض الإعلان بشدة، وتتمسك بمبادرة الحوار الوطني التي أطلقها الرئيس عمر البشير يناير الماضي. وأطلق المهدي نداءً للمجتمع الإقليمي والدولي لدراسة إعلان باريس، وإدراك وتقدير الاختراق الذي يمثله بالنسبة للسلام والتحول الديمقراطي في السودان ومن ثم مباركته، ولم يكن لجوء المعارضة لباريس هو الأخير بل في 21 أغسطس 2014 اجتمع قادة المعارضة والحركات المسلحة في برلين بوجود وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر، مطالبين بالتحاور مع النظام السوداني لدعوتهم للحوار الوطني. وتوعد الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، والقيادي بالجبهة الثورية بإفشال محاولات النظام لإجهاض الحل السلمي والتحول الديمقراطي عبر تنظيم انتخابات في العام المقبل؛ لشكوك المعارضة من تزوير نتائج الانتخابات المقبلة في السودان، قائلًا: إنهم يسعون لتحويلها إلى انتفاضة شعبية تطيح بالنظام. وحذر حزب المؤتمر الوطني في تصريحات من العاصمة البريطانية لندن من أي محاولة لإجهاض الجهود الرامية لإقامة حوار وطني حقيقي والعمل على فرض واقع عبر انتخابات صورية مزورة، قائلًا: "إننا منذ الآن سنعمل مع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني لتحويل معركة الانتخابات من بداية مراحلها في التسجيل حتى الاقتراع إلى عمل جماهيري واسع؛ للانتفاضة السلمية التي تزيل النظام وتحقق طموحات شعبنا في السلام والطعام والمواطنة والديمقراطية". ووفقًا للمعطيات الحالية، فإن هناك ثلاثة مرشحين يفرضون أسماءهم بقوة وبدأوا الدخول في أجواء السباق الرئاسي، أول هؤلاء المرشحين نائب الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان لقطاع الشمال "ياسر عرمان"، حيث أكد في عدة تصريحات مؤخرًا عن عزمه خوض السباق الرئاسي المقبل. ثاني المرشحين المحتملين لرئاسة السودان، نائبة رئيس حزب الأمة القومي "مريم الصادق المهدي"، حيث أكدت أنها على أتم الاستعداد لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة حال تكليفها بذلك من قِبَل حزبها. ويبقى المرشح الثالث، الرئيس الحالي وزعيم حزب المؤتمر الوطني "عمر البشير"، ويُعد الأوفر حظًّا في السباق الرئاسي، رغم تصدع حزبه وتفرق أصواته بين إصلاحيين ومعترضين، لذلك يحتاج تقديم نفسه للشعب بصورة جديدة؛ لضمان مزيد من الأصوات الانتخابية خلال الجولة المقبلة. وفي خضم هذا الحراك السياسي من قِبَل المعارضة السودانية ومحاولاتهم إثبات عدم جدوى الانتخابات أو عقدها من الأساس، قال الرئيس السوداني عمر البشير الأسبوع الماضي: إنه "لن يكون هناك أي تأجيل للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في 2015″، ضاربًا بكل محاولات المعارضة عرض الحائط.