تزايدت حالات التعدي علي الأراضي الزراعية الخصبة بمحافظة الفيوم، وأصبحت مخالفات التعدي على أرض الواقع تؤكد أن البيانات والتقارير الحكومية الخاصة بالتعدي في وادٍ والحقيقة في وادٍ آخر، حيث تحول حرم الطريق العام إلى غرز ومقاهي وكافيتريات، كما تحول طريق "الفيوم – القاهرة" الذي كان يتميز بجماله وسحره إلى مبانٍ لشركات كبرى للزيوت وألعاب الأطفال وقاعات للأفراح وقرى سياحية وكافيتريات بالمخالفة للقانون، بينما استهدفت حملات الإزالة "الغلابة" من أصحاب العشش والمساحات التي لا تتعدى أمتارًا وشيدت بالبلوك الأبيض. حيث تبين أن بعض موظفي الوحدات المحلية يتخذون الإجراءات القانونية ويستصدرون قرارات الإزالة للحالات العشوائية، أما عشرات الأبراج السكنية بنفس المنطقة وقاعات الأفراح التي تشدو يوميًا فتتم بالاتفاق مع الفاسدين وتعمل بدون ترخيص ويسرقون التيار الكهربائي، وهو ما كشفه اللواء الشافعي حسن أبو عامر، مساعد وزير الداخلية لأمن الفيوم، عندما شاهد حازم عطية الله، محافظ الفيوم، حفارا عملاقا يحفر أساسات لبرج سكنى بمنطقة الشرطة العسكرية. وأكد أيمن بكرى، من شباب الثورة، أن تقريرًا لرابطة أبناء الفيوم كشف أن تعديات الأبراج السكنية بالمحافظة تعدت المئات، من بينها أبراج بمنطقة المسلة تمثل خطورة بالغة على حياة المواطنين بسبب وجود عيوب إنشائية أدت إلى حدوث ميل واضح يهدد بكارثة، بالإضافة إلى وجود أكثر من 22 قاعة أفراح على الطريق الدائري وداخل مدينة الفيوم ومعظمها لعدد كبير من رجال القانون وتعمل بدون تراخيص، و30 مقهى وكافتيريا، و45 غرزة، إلى جانب شركة لألعاب الأطفال على بعد خطوات من الشرطة العسكرية وشيدت بنفس الطريقة، وتسببوا جميعاً في إعاقة حركة المرور وابتلعوا مئات الأفدنة "ولا عزاء للغلابة". وأضاف ممدوح الحسيني، رجل أعمال وناشط سياسي، أن محافظ الفيوم أثناء إحدى حملات الإزالة حاول هدم غرفة لأحد المواطنين بمنطقة قرية "رحيم"، وعندما تدخل الأهالي وشرحوا للمحافظ ظروف الحالة وأنهم جمعوا بعض الأموال من أجل تشييد الغرفة وطلبوا منه تنفيذ روح القانون أصر وهدمها أمام الجميع، وذلك على الرغم من وجود مبنى مكون من 3 طوابق لإحدى شركات السيراميك أقيم بمدخل مدينة سنورس من ناحية جرفس بجوار شعار النورس بالمخالفة والتعدي بل واستولت الشركة على مساحة تقارب الأربعة أفدنة استخدمتها كمخازن ولم يصدر بحقها قرار إزالة. وأشار صلاح هديب، مهتم بشئون البيئة، إلى أن التعديات ما زالت تتم على قدم وساق وتحت سمع وبصر المسئولين بالمحافظة، خاصة الواقعة على الطرق السريعة، كما استولى المواطنون على ما يسمى «طبان الطريق» بالرغم من إشراف 3 جهات علي حماية هذا الحرم الذي يستخدم دائماً في توسعة الطرق، كما أن هذا الحرم يحمي المواطنين من الحوادث لوجود مسافة ليست قليلة بين الطريق والأراضي الزراعية، مؤكدا أنه بسبب تكاسل الأجهزة التنفيذية أصبحت هذه التعديات الصارخة تتركز أغلبها علي طريق "الفيوم – القاهرة"، والذي تحول إلي عشوائيات بداية من ميدان المسلة حتي المنطقة الصناعية بكوم أوشيم بطول 25 كيلو مترا، كما غطت الكتل الخرسانية الطريق الدائري الذي يربط الفيوم بجميع المدن والقرى. وكشف خالد الجندي، المحامى بالنقض، واقعة تعدى أحد المواطنين بمنطقة كفر القرعة بمدينة الفيوم بجوار مدرسة التقوى على حرم الطريق، واستقطاع 130 مترا من مساحة الشارع وضمه إلى منزله في تحدٍ صارخ للقانون، وقام المحامى بإرسال استغاثات للوحدة المحلية لمركز ومدينة الفيوم لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالف، لكن دون جدوى، وبتردده على اللواء أحمد الجزار، رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة الفيوم، طالبه بتأجير حفار من ماله الخاص، الأمر الذي دفع بالمحامى لإرسال عريضة دعوى لرئيس الوحدة المحلية والمحافظ يتهمهما بالتراخي في حماية المال العام وإمهالهما سبعة أيام وإلا سيضطر إلى اختصام المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء والتقدم بشكوى إلى رئاسة الجمهورية. ومن ناحيته، قال المهندس محمود على سليمان، وكيل وزارة الزراعة بالمحافظة، إن الإحصائيات تشير إلى أن إجمالي حالات التعديات بلغت 32155 حالة بالفيوم بمساحة 1593 فدانا و10 قراريط وسهم واحد، مشيراً إلى أن ما تمت إزالته 1613 حالة بمساحة 108 أفدنة و11 قيراطا و50 سهما، مضيفا أن التعديات بالبناء تركزت بالمناطق القريبة من الطرق الرئيسية أو الفرعية، ورصدت مديرية الزراعة نسب التجاوزات والمخالفات بالمراكز، حيث تصدرت الوحدة المحلية لمركز ومدينة الفيوم وحصلت على المركز الأول في التعدي، بينما جاء مركز إطسا في المركز الثاني، وسنورس الثالث، وجاءت مراكز أبشواى ويوسف الصديق وطامية في المؤخرة. وأكد وكيل وزارة الزراعة، أن نسبة التعديات حالياً في تراجع، حيث شهد شهر أغسطس 20 حالة تعد فقط من 90 حالة كانت تتم بشكل ممنهج يومياً، وأن المديرية حررت مذكرة للعرض على وزير الزراعة تطالب بإصدار تشريع جديد يواجه التعدي على الأراضى الزراعية ويحد منها ويتعامل بقسوة وغلظة مع المخالفين.