كلمة حمدين صباحي في المؤتمر الصحفي الذي عقد عقب الانتهاء من عملية الإدلاء بالأصوات في الانتخابات الرئاسية 2014 أكدت على نقاط كان ينبغي التأكيد عليها ,كما أوضحت مدى صدقه ووطنيتة التي لا نختلف عليها .بشجاعة الفرسان هنأ منافسه وتمنى له ولمصر التوفيق ,ثم راح يفند ملاحظاته على سير العملية الانتخابية وما جرى فيها من بعض التجاوزات التي استتبعت بالفعل تقديم الطعون ,كما أبرأ ذمته من أطماع السلطة وعدم رغبته في اعتلاء المناصب الرفيعة وأنه سيعود لصفوف الجماهير مؤيداً أو معارضاً لحين تحقيق أهداف الثورة. في انتخابات 2012 كان حمدين بمثابة الحصان الأسود الذي قاب قوسين أو أدنى حيث كان مرشحاً بقوة للفوز بمقعد الرئاسة ,وفي انتخابات 3014 المحسومة شعبياً كان قرار التقدم للترشح مرة أخرى أمر في غاية الصعوبة لاسيما أمام السيسي الذي وعدته الملايين من الجماهير بتأييد كاسح وازداد الأمر حرجاً وخطورة على صورة مصر أمام العالم حين لم نجد وجوهاً جديدة تتقدم لتنال شرف المحاولة ,اللهم إلا من اثنين لم يستطعا الحصول على النصاب القانوني للتقدم للإنتخابات ,وبالتالي خلت الساحة إلا من المرشح الوحيد ,في هذه اللحظة التاريخية الحرجة كان ينبغي أن يتخذ حمدين قراره بالترشح لسببين مهمين في اعتقادي أولهما إجراء انتخابات رئاسية حقيقية تعتمد على النزاهة والتنافسية ,ومن ثم يتم ترسيخ أول مبدأ من مبادئ الديمقراطية في مصر الجديدة وهوحق الشعب في انتخاب رئيسه فإذا قدر له الفوز يكون للشعب الكلمة العليا في اختيار مرشحه دون انتقاص لهذا الحق الذي يسعى لترسيخه عبر ثلاث سنوات حقق خلالهم ثورتين عظيمتين,ثانياً إظهار قوة المعارضة التي يشتد عود الدولة في ظلها والتي يقع على عاتقها تصحيح المسار لكل قرار ينحرف عن مطالب الثورة ومن ثم تقف هذه المعارضه بالمرصاد لكل من ينتقص من أهدافها المشروعة والمعلنة,لهذا كانت الدعوات للنزول بالمشاركه لاتعني تحديد الفائز بقدر ما تسهم في خلق مناخ ديمقراطي جديد يقدم نموذجاً للسلطة المنتخبة يعمل حسابها ولا يستهان بها . بالطبع هذا لايعني ان تكون المعارضة قوة معطلة للمسار لكنها معارضة وطنية تساند حين يصيب صانع القرار وتدعم نحو المضي قدماً في طريق الإصلاح. المعنى ذاته أكد عليه حمدين مراراً,وحقيقة الأمر أن الرجل تكبد في سبيل تحقيق هذين المعنين الكثير من التجريح والتشكيك والتلفيق للحقائق بصبر المتمرس وعقل الثوري,الذي لايكترث بما يشاع عنه بقدر ما أهمه من هموم الوطن,منذ بدأ وعيه السياسي يتشكل حين كون رابطة الطلاب الناصريين بعد وفاة الزعيم عبد الناصر ثم رئيساً لاتحاد طلاب مدرسته الثانوية ببلطيم وحين تولى السادات وتأكد لدى حمدين انه يسير على مبادئ ثورة يوليو بأستيكة شرع فى تكوين نادي الفكر الناصري بجامعة القاهرة والتي انتشرت في جميع جامعات مصر وحين انتفض الطلاب عام 1977 في مظاهرات حاشدة ضد سياسات السادات الممالئة للكيان الصهيوني حاول السادات امتصاص غضب الجماهير فعقد عدة لقاءات كان منها اللقاء الشهير باتحاد طلاب مصر الذي واجه فيه السادات بانتقادات جريئة حول سياساته الاقتصادية وموقفه من العلاقات المصرية الصهيونية ,لقد دفع حمدين ثمناً باهظاً جراء هذا اللقاء حيث تم مطاردته فيما بعد في عمله وفي رزقه ,فضلاً عن اعتقاله في أحداث 17 ،18 يناير 77 19 التي عرفت بانتفاضة الشعب المصري ضد الغلاء وإلغاء الدعم والفساد الحكومي التي أطلق عليها السادات انتفاضة الحرامية.ثم ما يعرف باعتقالات سبتمبر 1981 التي طالت الرموز الوطنية المعارضة للسادات وكان هو واحداً من هؤلاء . وكما عارض حمدين سياسات السادات وقف معارضاً عنيداً في عهد مبارك ,فاعتقل عام 97 حين قاد مظاهرة للتنديد بقانون العلاقة بين المالك والمستأجر الذي كان دعوة صريحة لعودة الإقطاع ,ثم اعتقل عام 2003 وهو عضو في البرلمان بدون أن ترفع عنه الحصانه لانضمامه لانتفاضة الشعب المصري ضد ممارسات مبارك المخزية في تأييد غزو العراق ,فضلاً عن معاركه الشهيرة في خوض الانتخابات البرلمانية ضد رجال مبارك ولجنه السياسات ,لقد قدم حمدين طوال سنوات عمره الكثير من أجل تحقيق ما آمن به من مبادئ . حمدين صباحي المناضل الشريف الأخ والصديق لك منا باقة ورد لكل ما قدمته وما تحملته بجرأة وشجاعة في خوض انتخابات كنت تعلم أنها محسومة ,لقد آثرت الدخول في المعترك بحسابات يجهلها أو يتجاهلها الكثيرون.