ما ضرّ الحكومة الفرنسية في أن يتوجه السوريون المقيميون في فرنسا بخيارهم الحر إلى سفارة بلادهم ليدلوا بأصواتهم في عمليه انتخاب رئيس لسوريا؟ أهكذا يتصرف أصدقاء الشعب السوري مع الشعب السوري؟ أم أن الحكومة «الاشتراكية» في فرنسا تصفُّ في صف واحد مع مجلس التعاون الخليجي. كذب الذي قال أن أعداءه هم الذين يحبون جمع الأموال. تقف هذه الحكومة أيضا إلى جانب مصر التي قطع الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي علاقاتها الديبلوماسية مع سوريا وما تزال العلاقات مقطوعة!. كل الرحمة على شهداء «حرب أكتوبر». على الأرجح تتبنى الحكومة الفرنسية بصفتها الدولة المستعمِرة سابقا، الحكومة التونسية حيث حذا فيها المنصف المرزوقي وحلفاؤه في النهضة حذو الأخوان المسلمين في مصر. أم أن هذه الحكومة الفرنسية الاشتراكية، تحرص كل الحرص على الإنجازات التي تحققت في سوريا على أيدي إرهابيي جبهة النصرة. ألم يقل وزيرها (فابيوس) «أحسنت جبهة النصرة فعلا في سوريا»؟! قد لا تكون السيدة التي ضيّق السوريون عليها في لبنان، على خطإ. إذ أنها تعترف أن الغاية من القرار 1559 كانت تحرير لبنان من «السوريين». لذا فهي تطالب بقرار مماثل يحرر لبنان مرة ثانية، من السورييين الذين توجهوا إلى سفارة بلادهم للمشاركة في الانتخابات! هي لا تريد في لبنان سوريين يتمسكون بسوريا ودولتها! على السوريين الذين لا يقاطعون الانتخابات العودة إلى بلادهم. فهم ليسوا في نظرها لاجئين أو نازحين. النازح يكون ضد الدولة السورية بصرف النظر عمن أجبره أو شجعه أو أغواه على النزوح! توافق هذه السيدة اللبنانية الحكومة الفرنسية الاشتراكية في النظر إلى السوريين كرهائن ورعايا! يجدر التذكير هنا لعل الذكرى تنفع «بعض اللبنانيين» و «أصدقاء الشعب السوري» في مجلس التعاون الخليجي، ومصر وليبيا وتونس التي نكبتها الثورات، بأن الحكومة الفرنسية الاشتراكية هي أسوأ حكومة عرفها الفرنسيون منذ الحرب العالمية الثانية، أي منذ حكومة الماريشال بيتان الذي طبّع العلاقات مع الحكومة الألمانية رغم أن جيوش الأخيرة كانت تحتل فرنسا. المفارقة هنا، هي في أن «أصدقاء الشعب السوري» في بلاد العرب، وأصدقاء الحكومة الفرنسية الاشتراكية استطرادا يطبعون على شاكلة الماريشال بيتان، علاقاتهم مع المستعمرين الإسرائيليين الذين يحتلون أرضهم! وأغلب الظن أن الأساس المشترك لهذه الصداقة العربية الفرنسية، هو معاقبة السوريين لأنهم تخلفوا عن التطبيع مع المستعمرين الإسرائيليين! وفي سياق آخر، لسائل أن يسأل ما هي المحفزات التي دفعت فرنسا إلى مصادرة رأي السوريين! الإجابة تكون هو ان الحكومة الاشتراكية الفرنسية الحالية وصلت إلى السلطة عن طريق الغش والتدليس. بمعنى أن خطابها إلى الفرنسيين احتوى على وعود بأنها ستسلك نهجا على خلاف نهج حكومة الرئيس السابق، فتطبق سياسة وطنية غايتها تنشيط الإنتاج الوطني لاستيعاب اليد العاملة المحلية بالإضافة إلى تصحيح الخلل الكبير في ميزان توزيع الأرباح. ذهبت جميع الوعود أدراج الرياح. بدلا عنها استكملت هذه الحكومة الحروب الخارجية من حيث تركها الرئيس السابق. فأرسلت قوات عسكرية إلى شمال مالي وأفريقيا الوسطى واستعدت لمهاجمة سوريا إلى جانب الولاياتالمتحدة الأميركية. وتدخلت في أوكرانيا، وأعلنت مؤخرا النفير لقتال جماعات القاعدة في نيجيريا «بوكوحرام». العودة إلى بيافرا ! أي إلى فصل جنوبنيجيريا عن شمالها! مثلما فصل جنوب السودان عن شماله! هل سوف يتمكنون من الفصل بين المناطق السورية. يبدو ان الأمور معقدة في سوريا. ها هي جموع السوريين الذين أجبروا على النزوح عن بلادهم يفدون في مسيرات ضخمة على سفارات بلادهم للإدلاء بأصواتهم تعبيرا عن وحدتهم الوطنية فضلا عن تمسكهم بوطنهم الواحد ! أنهم جاءوا ليقولوا نعم لسوريا. هل كانوا جميعهم من المذهب العلوي أو السني، هل كانوا مسيحيين. سقطت مقولة النظام، المذهبي العائلي الوراثي، مثلما سقطت أمام السفارات السورية خدعة النظام الذي يقتل شعبه. إذ تبين أنه كان في سوريا نظام أفضل من جميع نظم الحكم العربية، رغم عيوبه الكثيرة.. ولكن إذا انتصر السوريون على أعدائهم، يكون ما بعد الحرب مختلفا كليا عما قبلها، نحو الأحسن. فلولا التغيير في البنية السياسية والعسكرية لما أمكن الصمود، ولما كان الأنتصار محتملا. ولكن هذا موضوع يحتاج أستيفاؤه ألى تفاصيل لا يتسع لها هذا الموقع! مجمل القول أن السوريين، هم في غالبيتهم سوريون في المقام الأول. فهم ليسوا كمثل الغالبية في أقطار أخرى، ذوي ذهنية تجعلهم يتسترون بالدين والمذاهب طلبا لأجر أو لحماية! على حساب سوريا. هذه حقيقة تبينها في تقديري الآن، جميع الذين يدّعون أنهم «أصدقاء الشعب السوري». لهذا منعوا السوريين من أن يشاركوا في الانتخابات الرئاسية! ربما يكون في هذا دلالة على أن هناك سوريين، قبلوا الرشوة فنزحوا إلى البلاد المجاورة، ولكنهم لم يقبلوا التنكر لبلادهم وخيانتها، ضدّ الذين قدموا الرشى لهم، بغية إفراغ سوريا من السوريين، فضلا عن أخذ السوريين في المخيمات رهائن ! فلقد تناهى إلى السمع أخبار تفيد بأن بعض السوريات تعرضن على أيدي الأشقاء في العروبة والدين والمذهب، لمثل ما تعرضت له التلميذات في نيجيريا على أيدي بوكوحرام. تجدر الملاحظة هنا إلى أن تقارير نشرت، تشير الى علاقة بوكوحرام بالمخابرات العربية والغربية، التي تقود في الوقت نفسه الثورة في سوريا! لا ننسى أن بلاد بوكو حرام، نيجيريا غنية بالنفط! لا منأى في الختام عن العودة إلى الانتخابات الرئاسية السورية. إذ ان المستعمرين، في فرنسا وغيرها، وأتباعهم في دنيا العرب، دعوا إلى مقاطعتها. هم يحاولون بشتى السبل والوسائل تعطيلها، منها كما تقدم، منع السوريين من الإدلاء باصواتهم بالترهيب والترغيب. بعد أن حاولوا بالسيارات الملغمة وقنابل الهاون، والمواد السامة والتخريب، إفراغ سوريا من السوريين. حتى يشككوا في شرعية السلطة! أما الذين يريدون تأجيل الانتخابات، وهم من المعارضة، فأغلب الظن أنهم أيقنوا أن الدولة السورية باقية. فانتهزوا الفرصة للمطالبة بالتأجيل والرجوع إلى طاولة المباحثات املا بالحصول على شيء من قرص الجبنة قبل فوات الأوان. ولكن على الجميع أن يتذكروا أن الدماء والألام والعذابات هي من أجل سوريا. أن السوريين ينتخبون سوريا.