أطلقت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، اليوم السبت، تقريرها السنوي الأول لرصد الانتهاكات المتعلقة بحرية التعبير خلال عام 2013، وذلك تزامنًا مع اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يحتفل به العالم في الثالث من مايو كل عام، لتذكير الحكومات بواجبها تجاه حماية وتعزيز حرية التعبير، وأيضا لفضح الانتهاكات التي تصدر عنها تجاه الصحفيين وأصحاب الرأي. وانتهى التقرير إلى تأثير التحولات السياسية العنيفة التي شهدتها البلاد خلال عام 2013، على وضعية حرية الفكر والتعبير، حيث شهدت بدايته وجود الإخوان المسلمون على رأس السلطة، موضحا أنه مع حلول شهر يونيو، اندلعت تحركات شعبية واسعة، طالبت بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة وبتنحي الرئيس السابق محمد مرسي عن الرئاسة، وهو ما أسفر عن احتلال المؤسسة العسكرية للمشهد السياسي، وخلال المرحلتين لم تنج حرية التعبير من انتهاكات السلطتين السابقة والحالية، إلا أن معدل انتهاكات حرية التعبير خلال النصف الثاني من عام 2013 قد ازداد بشكل غير مسبوق. وركز التقرير على الانتهاكات ذات الصلة بحرية الصحافة والإعلام، وحرية التعبير الفني، وكذلك حرية التعبير عن المعتقد الديني، والقضايا المتعلقة بحرية التعبير على الإنترنت، والحريات الأكاديمية والطلابية والحق في التظاهر والتجمع السلمي، مؤكدا أن الانتهاكات المرصودة هي فقط ما استطاع فريق عمل التقرير التوصل إليه وتوثيقه، وأنه كان هناك الكثير من المعلومات بشأن انتهاكات حرية التعبير لم يلتفت إليها التقرير لعدم وجود مصادر موثقة بشأنها. ويتناول التقرير حرية التعبير في ضوء السياسة التشريعية والتزامات مصر الدولية، التي تم انتهاكها من قبل القائمين على الحكم، وذلك في الحالات موضع اهتمام التقرير، مثل المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي ألزمت الدول المصدقة على هذا العهد بضرورة احترام وتعزيز حرية التعبير وتداول المعلومات، وكذلك المادة 21 من العهد ذاته، التي تلزم الحكومة المصرية بضرورة صيانة الحق في التظاهر والتجمع السلمي. ورصد التقرير انتهاكات جسيمة ضد الحق في التظاهر والتجمع السلمي، تنوعت بين القبض على المتظاهرين، وفض التجمعات الاحتجاجية بالقوة، ومحاكمة المتظاهرين جنائياً، وامتدت انتهاكات الحق في التظاهر والتجمع السلمي، منذ إحياء ذكرى ثورة الخامس والعشرين من يناير في بداية عام 2013، والاحتجاجات ضد الرئيس السابق محمد مرسي، ومروراً بفض تظاهرات واعتصامات مؤيدي الأخير بعد خلعه من السلطة، وانتهاء بالاحتجاجات ضد سياسات السلطة الحالية. وفقا للتقرير، كانت حرية الصحافة والإعلام هدفا دائما للقائمين على الانتهاكات، حيث شهدت البيئة الصحفية والإعلامية عددًا ضخمًا منها، اتخذت صورًا مختلفة من الملاحقة القضائية، بلغت 38 حالة، إلى 57 واقعة تحطيم كاميرات للمصورين الصحفيين، مرورًا باستعمال القوة ضد الصحفيين والإعلاميين، تنوعت بين 7 حالات قتل، 43 إصابة بالخرطوش أو مطاطي أو طلق ناري، و3 حالات اختناق من الغاز المسيّل للدموع، و115 حالة اعتداء بدني، كما يشير الرصد الذي يتضمنه التقرير إلى تعدد مصادر هذه الانتهاكات، من قوى وأحزاب ومجموعات سياسية وأفراد عاديين، وجهات حكومية احتجزت 30 صحفيًا، ومنعت 4 حالات من تأدية عملهم، وأوقفت 6 مؤسسات إعلامية عن البث، كما داهمت مقار 6 مؤسسات إعلامية. أما عن حرية التعبير داخل الجامعات والمجتمع الأكاديمي، يرصد التقرير 14 حالة حدث لها تحقيق وملاحقة قضائية، و21 أخرى تعرضت للإحالة إلى التحقيق ومجالس التأديب، و3 انتهاكات وقعت على أعضاء هيئة التدريس، و18 حالة فصل من الكلية والمدن الجامعية، و14 حالة منع للأنشطة والفعاليات، و36 حالة تدخلت فيها قوات الشرطة لفض مظاهرات وإضرابات طلابية، و24 حالة اعتداء من قبل المدنيين، 9 من قبل الأمن الإداري، و44 اعتداء من قبل قوات الشرطة والجيش. ويرصد التقرير انتهاكات حرية التعبير الفني خلال عام 2013، حيث شهدت ساحة محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة عددا من الدعاوى التي تستهدف منع عرض محتوى فني معين بناء على أسباب دينية تتعلق بتجسيد شخصيات دينية معينة، أو بتحقير الأديان وازدرائها. وعن حرية التعبير الرقمي وحرية نشر المعلومات بأي صورة وتلقيها عبر الوسائل الرقمية، يقول التقرير إن عام 2013 شهد نوعين من الدعاوى، أولهما الطعون التي تقدم بها مواطنون، وثانيهما الدعاوى التي تقدمت بها وزراة الداخلية، ومن أبرزها دعوى إغلاق موقع "يوتيوب" لعرضه بعض المقاطع من الفيلم المعروف إعلاميًا "بالفيلم المسيء للرسول" أو "براءة المسلمين". وترى مؤسسة حرية الفكر والتعبير أنه مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، فإنه يتعين على الرئيس القادم، الشروع فور توليه السلطة، في معالجة الجراح التي خلفتها الانتهاكات الواسعة ضد حرية التعبير خلال عام 2013، بوصفها ضمانة رئيسية للحكم الديمقراطي القائم على استيعاب كافة الآراء، وبوصفها أيضا أماً لجميع الحقوق والحريات التي شهدت تراجعا ملفتا للنظر خلال عام 2013.