تتعامل الحكومة مع أصحاب المعاشات برصاصة الرحمة التي تطلقها على الخيل المريض المسن للتخلص منه بعد أن أصبح عبئاً عليها ,أما الصحفيين الذين يبلغون سن التقاعد لايجدون حتى هذه الرصاصة كي تنهي الحياة دون معاناة الاحتياج والعوز.وبالطبع ليس المقصود هنا صحفيين الحكومة حيث ينعم هؤلاء بكل المميزات والرواتب المرتفعة فضلاً عن الأرباح ومكافآت نهاية الخدمة ,في الوقت الذي يحرم فيه جميع الصحفيون بالصحف الحزبية والمستقلة من كل هذه الحقوق فيترك معظمهم لاستغلال وجشع أصحاب هذه الإصدارات دون رقابة أو محاسبة ,رغم أن الجميع يستظلون بنقابة مهنية واحدة. إن المئات بل الآلاف من هذه الشريحة يعانون عدم الاستقرار بدخول شهرية ثابتة مما يجعلهم يكدون ليل نهار للعمل بنظام القطعة لتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة ,وتتعاظم المشكلة بخروجهم للمعاش حيث يعاني الكثير منهم الأمراض المزمنة التي تثقل كواهلهم بنفقات متزايدة وضرورية لا يمكن الوفاء بها في هذه السن الحرجة ,فضلاً عن الالتزامات الأخرى تجاه الأسرة والأبناء في مرحلة الزواج,المدهش أن المجلس الأعلى للصحافة بالتعاون مع نقابة الصحفيين يشتركان في ارتكاب جريمة لا تغتفر بحرمان صحفيين الصحف الحزبية والمستقلة من مكافأة نهاية الخدمة التي يمنحها المجلس الأعلى للزملاء من الصحف الحكومية دون الخاصة بالمخالفة الصريحة لقانون نقابة الصحفيين رقم 76 لسنة 1970 ,الذي ينص على حق الصحفي في الحصول على مكافأة نهاية الخدمة على أساس شهر عن كل سنة من سنوات التعاقد بالصحيفة دون تمييز بين الصحفيين, كما إن المادة 67 من قانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 1996 يؤكد أن المجلس الأعلى للصحافة هيئة مستقلة من شأنها الحفاظ على حقوق جميع الصحفيين ,وعلى ضوء ما تكفله هذه القوانين من حقوق الصحفيين أقام عدد من الزملاء بالصحف الحزبية والمستقلة الذين بلغوا سن المعاش عدة دعاوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة للمطالبة بإلزام رئيس المجلس الأعلى للصحافة ونقيب الصحفيين بصرف مكافأة نهاية الخدمة لهذه الشريحة أسوة بصحفيين الصحف القومية طبقاً لما أقرته جميع الدساتير المصرية التي تنص على مساواة جميع المصريين في الحقوق والواجبات على اعتبار أن المساواه أساس العدل الاجتماعي ,فليس من الإنصاف أن يظل صحفيو الصحف الخاصة يعانون طوال عملهم الصحفي ثم تتزايد المعاناة في مرحلة التقاعد حيث يقل الجهد بتدهور الحالة الصحية فلا يجد أحدهم مستحقاته التي يعتمد عليها في مرحلة لا يستطيع بذل المزيد من العطاء. إن العدل الاجتماعي الذي قامت من أجله ثورتين متتاليتين على مدى ثلاث سنوات فقط ,يعني أن يحال المواطن المصري الذي يعمل بكافة مؤسسات الدولة بقطاعيها العام والخاص للتقاعد على آخر راتب شهري تقاضاه وأن يعود للصحفيين المستقلين والحزبيين حقوقهم المسلوبة على مدى سنوات طويلة بصرف مكافأة نهاية الخدمة على الأسس المبينة بالقانون لكل الصحفيين على حد سواء من قبل المجلس الأعلى للصحافة مع التأكيد على زيادة معاش النقابة ل1200 جنيه بحد أدنى كنوع من التعويض عن حرمان بعضهم من معاش الصحيفة التي يعمل بها بعد عجز أصحاب هذه الصحف عن الوفاء بالحصة المقررة وتخليهم عن سداد التأمينات الاجتماعية,ومن ثم يجب أن تتم الزيادة السنوية من قبل الحكومة تلقائياً أسوة بزيادة المعاشات التي تتم تدريجياً دون الحاجة لإلحاح النقابة في انتزاع حقوق أعضائها. أما ما يجب أن تتحمله النقابة بالنسبة لأصحاب المعاشات فهو يتعلق بمشروع العلاج الذي ينبغي أن يتحمل النسبة المستحقة بالكامل لشيوخ المهنة مع توفير الدواء بالمجان للأ مراض المزمنة التي تستقطع جزءاً كبيراًمن الدخل الشهري ,وهذا لن يتحقق إلا بقناعة تامة بحقوق الزملاء المتقاعدين من قبل المجلس والنقيب لتزويد المشروع بميزانية كبيرة تكفلها الدولة وتتحمل الإنفاق على من أفنوا شبابهم في البحث عن المتاعب وعرضوا حياتهم للمخاطرفي سبيل الوطن لاسيما أنهم محرومون من نظام التأمين الصحي الذي ترعاه الدولة لجميع مواطنيها.