أمّ المصلين بالجامع الأزهر، أول تعليق من الطالب محمد أحمد حسن بعد نجاحه بالثانوية الأزهرية    9 بنوك تخطر البنك المركزى بخططها للتوافق مع ضوابط تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة    مطالب فلسطينية بعقوبات دولية على الاحتلال لوقف المجاعة وإنهاء حرب الإبادة بغزة    ‌ماكرون في اتصال مع الشرع: لا بد من حماية المدنيين وتفادي تكرار مشاهد العنف ومحاسبة المسؤولين عنها    مشادة كلامية بين فليك ولابورتا في مران برشلونة    الداخلية تكشف ملابسات ابتزاز فتاة من قِبل خطيبها السابق بالزقازيق    من ساقية الصاوي إلى المنارة.. كيف استقبلت القاهرة حفلات زياد الرحباني؟    زياد الرحباني.. الموسيقار المتمرد وآراء سياسية صادمة    ناهد السباعي تتربع على عرش التريند بسبب إطلالة جريئة    فحص 394 مواطنا وإجراء 10 عمليات باليوم الأول لقافلة جامعة المنصورة الطبية بشمال سيناء    كيفية علاج الإمساك أثناء الحمل بطرق فعالة وآمنة بالمنزل    بيراميدز يقترب من حسم صفقة البرازيلي إيفرتون دا سيلفا مقابل 3 ملايين يورو (خاص)    أحمد حسن كوكا يقترب من الاتفاق السعودي في صفقة انتقال حر    انتقال أسامة فيصل إلى الأهلي.. أحمد ياسر يكشف    انتقال أسامة فيصل إلى الأهلي.. أحمد ياسر يكشف    غدا آخر موعد للتقديم.. توافر 200 فرصة عمل في الأردن (تفاصيل)    إخلاء سبيل زوجة والد الأطفال الستة المتوفيين بدلجا بالمنيا    الداخلية تكشف ملابسات ابتزاز فتاة بالزقازيق من خطيبها السابق    حزب الجبهة الوطنية يختتم دعايته ب8 مؤتمرات جماهيرية قبل الصمت الانتخابي    ماكرون: دعم فرنسي كامل للمساعي المصرية لإدخال المساعدات إلى غزة    قصة الصراع بين تايلاند وكمبوديا.. خلاف حدودى قديم قد يتحول إلى صراع إقليمى    أكسيوس عن مصادر: أعضاء بإدارة ترامب يقرون سرا بعدم جدوى استراتيجيتهم بغزة    سميرة عبدالعزيز في المهرجان القومي للمسرح: الفن حياتي وكل مخرج أضفت من خلاله إلى رصيدي    الأزهر يرد على فتوى تحليل الحشيش: إدمان مُحرّم وإن اختلفت المُسميات    صور| ترامب يلعب الجولف في مستهل زيارته إلى أسكتلندا «قبل تظاهرات مرتقبة»    محافظ المنيا يضع حجر الأساس المرحلة الاولى من مبادرة "بيوت الخير"    نجاح جراحة ميكروسكوبية دقيقة لاستئصال ورم في المخ بمستشفى سوهاج الجامعي    وزير الأوقاف يحيل مخالفات إلى التحقيق العاجل ويوجه بتشديد الرقابة    "الزراعة" تعلن التوصيات النهائية لورشة العمل تنمية المهارات الشخصية للعاملين بالقطاع    لن توقف المجاعة.. مفوض «الأونروا» ينتقد إسقاط المساعدات جوا في غزة    أبو ليمون يهنئ أوائل الثانوية الأزهرية من أبناء محافظة المنوفية    بعد إصابة 34 شخصًا.. تحقيقات لكشف ملابسات حريق مخزن أقمشة وإسفنج بقرية 30 يونيو بشمال سيناء    مصرع سيدة أسفل عجلات قطار بمدينة إسنا خلال توديع أبناؤها قبل السفر    "القومي للطفولة" يشيد بقرار محافظ الجيزة بحظر اسكوتر الأطفال    الدفاع المدني في غزة يحذر من توقف مركباته التي تعمل في التدخلات الإنسانية    انخفاض سعر الدواجن المجمدة ل 110 جنيهات للكيلو بدلا من 125 جنيها بالمجمعات الاستهلاكية.. وطرح السكر ب30 جنيها.. وشريف فاروق يفتتح غدا فرع جديد لمبادرة أسواق اليوم الواحد بالجمالية    مركز التجارة الدولي: 28 مليون دولار صادرات مصر من الأسماك خلال 2024    سميرة عبد العزيز في ضيافة المهرجان القومي للمسرح    الإنجيلية تعرب عند تقديرها لدور مصر لدعم القضية الفلسطينية    حبس أنوسة كوته 3 أشهر وتعويض 100 ألف جنيه في واقعة "سيرك طنطا"    في ذكرى رحيله.. محمد خان الذي صوّر مصر بعيون محبة وواقعية    مصر تدعم أوغندا لإنقاذ بحيراتها من قبضة ورد النيل.. ومنحة ب 3 ملايين دولار    ما حكم تعاطي «الحشيش»؟.. وزير الأوقاف يوضح الرأي الشرعي القاطع    مطالبات في المصري بالتجديد لمحمود جاد    المدرسة الأمريكية تقترب من القيادة الفنية لرجال الطائرة بالأهلي    إنتر ميامي يتعاقد مع الأرجنتيني دي بول لاعب أتلتيكو مدريد    أسوان تواصل توريد القمح بزيادة 82% عن العام الماضي (صور)    محافظ أسوان يتفقد نسب الإنجاز بمشروعات المياه والصرف ميدانيًا (صور)    إصابة سيدة في انهيار منزل قديم بقرية قرقارص في أسيوط    الصحة تدعم البحيرة بأحدث تقنيات القسطرة القلبية ب46 مليون جنيه    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 154 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات في مواعيدها    رسميًا إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 بنسبة 53.99% (رابط بوابة الأزهر الإلكترونية)    مقتل 4 أشخاص في روسيا وأوكرانيا مع استمرار الهجمات الجوية بين الدولتين    وزير الثقافة ناعيًا الفنان اللبناني زياد الرحباني: رحيل قامة فنية أثرت الوجدان العربي    سعر الخضار والفواكه اليوم السبت 26-7-2025 بالمنوفية.. البصل يبدأ من 10 جنيهات    كيف احافظ على صلاة الفجر؟.. أمين الفتوى يجيب    الأوقاف تعقد 27 ندوة بعنوان "ما عال من اقتصد.. ترشيد الطاقة نموذجًا" الأحد    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نزار قباني.. قهوة كل المقاهي «ليس» لها نكهة واحدة
نشر في البديل يوم 30 - 04 - 2014

عرف مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته خلال تفجير انتحاري في بيروت، وصولاً إلى وفاة ابنه، وعاش السنوات الأخيرة من حياته في لندن يكتب الشعر السياسي.
نزار قباني، الذي تمر اليوم ذكرى وفاته ال16، ولد لأسرة دمشقية عريقة إذ يعتبر جده أبو خليل القباني رائد المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلاً بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966، أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات".
أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيزًا خاصًا في أشعاره لعل أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.
في ذكرى وفاته ننشر واحدة من آخر قصائده التي كتبها في لندن، «متى يعلنون وفاة العرب»:
1-
أحاولُ منذ الطُفولةِ رسْمَ بلادٍ
تُسمّى – مجازا – بلادَ العَرَبْ
تُسامحُني إن كسرتُ زُجاجَ القمرْ…
وتشكرُني إن كتبتُ قصيدةَ حبٍ
وتسمحُ لي أن أمارسَ فعْلَ الهوى
ككلّ العصافير فوق الشجرْ…
أحاول رسم بلادٍ
تُعلّمني أن أكونَ على مستوى العشْقِ دوما
فأفرشَ تحتكِ ، صيفا ، عباءةَ حبي
وأعصرَ ثوبكِ عند هُطول المطرْ…
- 2 -
أحاولُ رسْمَ بلادٍ…
لها برلمانٌ من الياسَمينْ.
وشعبٌ رقيق من الياسَمينْ.
تنامُ حمائمُها فوق رأسي.
وتبكي مآذنُها في عيوني.
أحاول رسم بلادٍ تكون صديقةَ شِعْري.
ولا تتدخلُ بيني وبين ظُنوني.
ولا يتجولُ فيها العساكرُ فوق جبيني.
أحاولُ رسْمَ بلادٍ…
تُكافئني إن كتبتُ قصيدةَ شِعْرٍ
وتصفَحُ عني ، إذا فاض نهرُ جنوني
- 3 -
أحاول رسم مدينةِ حبٍ…
تكون مُحرّرةً من جميع العُقَدْ…
فلايذبحون الأنوثةَ فيها…ولايقمَعون الجَسَدْ…
- 4 -
رَحَلتُ جَنوبا…رحلت شمالا…
ولافائدهْ…
فقهوةُ كلِ المقاهي ، لها نكهةٌ واحدهْ…
وكلُ النساءِ لهنّ – إذا ما تعرّينَ-
رائحةٌ واحدهْ…
وكل رجالِ القبيلةِ لايمْضَغون الطعامْ
ويلتهمون النساءَ بثانيةٍ واحدهْ.
- 5 -
أحاول منذ البداياتِ…
أن لاأكونَ شبيها بأي أحدْ…
رفضتُ الكلامَ المُعلّبَ دوما.
رفضتُ عبادةَ أيِ وثَنْ…
- 6 -
أحاول إحراقَ كلِ النصوصِ التي أرتديها.
فبعضُ القصائدِ قبْرٌ،
وبعضُ اللغاتِ كَفَنْ.
وواعدتُ آخِرَ أنْثى…
ولكنني جئتُ بعد مرورِ الزمنْ…
- 7 -
أحاول أن أتبرّأَ من مُفْرداتي
ومن لعْنةِ المبتدا والخبرْ…
وأنفُضَ عني غُباري.
وأغسِلَ وجهي بماء المطرْ…
أحاول من سلطة الرمْلِ أن أستقيلْ…
وداعا قريشٌ…
وداعا كليبٌ…
وداعا مُضَرْ…
- 8 -
أحاول رسْمَ بلادٍ
تُسمّى – مجازا – بلادَ العربْ
سريري بها ثابتٌ
ورأسي بها ثابتٌ
لكي أعرفَ الفرقَ بين البلادِ وبين السُفُنْ…
ولكنهم…أخذوا عُلبةَ الرسْمِ منّي.
ولم يسمحوا لي بتصويرِ وجهِ الوطنْ…
- 9 -
أحاول منذ الطفولةِ
فتْحَ فضاءٍ من الياسَمينْ
وأسّستُ أولَ فندقِ حبٍ…بتاريخ كل العربْ…
ليستقبلَ العاشقينْ…
وألغيتُ كل الحروب القديمةِ…
بين الرجال…وبين النساءْ…
وبين الحمامِ…ومَن يذبحون الحمامْ…
وبين الرخام ومن يجرحون بياضَ الرخامْ…
ولكنهم…أغلقوا فندقي…
وقالوا بأن الهوى لايليقُ بماضي العربْ…
وطُهْرِ العربْ…
وإرثِ العربْ…
فيا لَلعجبْ!!
- 10 -
أحاول أن أتصورَ ما هو شكلُ الوطنْ؟
أحاول أن أستعيدَ مكانِيَ في بطْنِ أمي
وأسبحَ ضد مياه الزمنْ…
وأسرقَ تينا ، ولوزا ، و خوخا،
وأركضَ مثل العصافير خلف السفنْ.
أحاول أن أتخيّلَ جنّة عَدْنٍ
وكيف سأقضي الإجازةَ بين نُهور العقيقْ…
وبين نُهور اللبنْ…
وحين أفقتُ…اكتشفتُ هَشاشةَ حُلمي
فلا قمرٌ في سماءِ أريحا…
ولا سمكٌ في مياهِ الفُرات…
ولا قهوةٌ في عَدَنْ…
- 11 -
أحاول بالشعْرِ…أن أُمسِكَ المستحيلْ…
وأزرعَ نخلا…
ولكنهم في بلادي ، يقُصّون شَعْر النخيلْ…
أحاول أن أجعلَ الخيلَ أعلى صهيلا
ولكنّ أهلَ المدينةِيحتقرون الصهيلْ!!
- 12 -
أحاول – سيدتي – أن أحبّكِ…
خارجَ كلِ الطقوسْ…
وخارج كل النصوصْ…
وخارج كل الشرائعِ والأنْظِمَهْ
أحاول – سيدتي – أن أحبّكِ…
في أي منفى ذهبت إليه…
لأشعرَ – حين أضمّكِ يوما لصدري -
بأنّي أضمّ تراب الوَطَنْ…
- 13 -
أحاول – مذْ كنتُ طفلا، قراءة أي كتابٍ
تحدّث عن أنبياء العربْ.
وعن حكماءِ العربْ… وعن شعراءِ العربْ…
فلم أر إلا قصائدَ تلحَسُ رجلَ الخليفةِ
من أجل جَفْنةِ رزٍ… وخمسين درهمْ…
فيا للعَجَبْ!!
ولم أر إلا قبائل ليست تُفرّق ما بين لحم النساء…
وبين الرُطَبْ…
فيا للعَجَبْ!!
ولم أر إلا جرائد تخلع أثوابها الداخليّهْ…
لأيِ رئيسٍ من الغيب يأتي…
وأيِ عقيدٍ على جُثّة الشعب يمشي…
وأيِ مُرابٍ يُكدّس في راحتيه الذهبْ…
فيا للعَجَبْ!!
- 14 -
أنا منذ خمسينَ عاما،
أراقبُ حال العربْ.
وهم يرعدونَ، ولايمُطرونْ…
وهم يدخلون الحروب، ولايخرجونْ…
وهم يعلِكونَ جلود البلاغةِ عَلْكا
ولا يهضمونْ…
- 15 -
أنا منذ خمسينَ عاما
أحاولُ رسمَ بلادٍ
تُسمّى – مجازا – بلادَ العربْ
رسمتُ بلون الشرايينِ حينا
وحينا رسمت بلون الغضبْ.
وحين انتهى الرسمُ، ساءلتُ نفسي:
إذا أعلنوا ذاتَ يومٍ وفاةَ العربْ…
ففي أيِ مقبرةٍ يُدْفَنونْ؟
ومَن سوف يبكي عليهم؟
وليس لديهم بناتٌ…
وليس لديهم بَنونْ…
وليس هنالك حُزْنٌ،
وليس هنالك مَن يحْزُنونْ!!
- 16 -
أحاولُ منذُ بدأتُ كتابةَ شِعْري
قياسَ المسافةِ بيني وبين جدودي العربْ.
رأيتُ جُيوشا…ولا من جيوشْ…
رأيتُ فتوحا…ولا من فتوحْ…
وتابعتُ كلَ الحروبِ على شاشةِ التلْفزهْ…
فقتلى على شاشة التلفزهْ…
وجرحى على شاشة التلفزهْ…
ونصرٌ من الله يأتي إلينا…على شاشة التلفزهْ…
- 17 -
أيا وطني: جعلوك مسلْسلَ رُعْبٍ
نتابع أحداثهُ في المساءْ.
فكيف نراك إذا قطعوا الكهْرُباءْ؟؟
- 18 -
أنا…بعْدَ خمسين عاما
أحاول تسجيل ما قد رأيتْ…
رأيتُ شعوبا تظنّ بأنّ رجالَ المباحثِ
أمْرٌ من الله…مثلَ الصُداعِ…ومثل الزُكامْ…
ومثلَ الجُذامِ…ومثل الجَرَبْ…
رأيتُ العروبةَ معروضةً في مزادِ الأثاث القديمْ…
ولكنني…ما رأيتُ العَرَبْ!!..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.