عاصفة شديدة قابلت تقرير تقصى الحقائق الذى أعلنه المجلس القومى لحقوق الإنسان، فى مؤتمر صحفى عالمى ربما يكون الأكبر من نوعه فى تاريخ المجلس، حملت العاصفة بين رياحها اتهامات وجهت للمجلس حول محاباة المؤسسات الأمنية على حساب ضحايا فض اعتصام رابعة العدوية. «البديل» بدورها تنفرد بأول حوار مع المسئول الأول عن اللجنة المحامى الحقوقى ناصر أمين، رئيس المركز العربى لاستقلال القضاء والمحاماه، ورئيس لجنة تقصى الحقائق التى أعدت التقرير، ليجيب على التساؤلات، ويهدئ رياح العاصفة التى تكاد تخلف دائرة جديدة من دوائر العنف الجهنمى بين السلطة الحاكمة وأنصار الرئيس المعزول محمد مرسى. «أمين» أكد خلال حواره ل«البديل»، أنه كان ينتظر الانتهاء من تقرير تقصى حقائق «رابعة» منذ بداية عمله رئيسًا للجنة، ليوضح فيه دور الشرطة والجيش فى فض الاعتصام، ومعرفة أثره عند عرضه على أعضاء مجلس حقوق الإنسان الدولى. فى البداية.. أثيرت بعض الأحاديث حول عدم موافقة أعضاء من المجلس على إعلان التقرير بالشكل الذى أعلن به.. ما حقيقة ذلك؟ بعد أن أنتهت اللجنة التى أعدّت التقرير، تم عرضه على اجتماع المجلس الشهرى الذى عقد قبل بدء مؤتمر الإعلان بساعتين، وتمت الموافقة عليه بأغلبية أعضاء المجلس. وما هو ردك على العديد من الاتهامات التى وجهت للتقرير حول عدم ذكر أى وجود للجيش فى عملية فض الاعتصام؟ قوات الجيش كما هو فى التقرير تولت مهمة تأمين المنطقة لكنها لم تشارك فى عملية فض الاعتصام. التقارير الصادرة من قبل المنظمات الحقوقية المصرية والدولية أكدت على إطلاق الشرطة النيران بكثافة؟ قوات الشرطة أخطات ثلاثة أخطاء محورية، كما هو مذكور فى التقرير، هم المصارعة بالهجوم ولم تنتظر سوى 15 دقيقة على بدء الضرب، والفشل فى تأمين الممر الآمن المعد لخروج المعتصمين السلميين، وآخيرا لم تراع الفروق التناسبية بينها وبين المعتصمين من حيث فروق التسليح وكثافة إطلاق النيران. أعداد القتلى التى ذكرها التقرير أقل من الأعداد التى أعلنتها جهات حقوقية مختلفة؟ خلال المرحلة الماضية وقبل إعلان التقرير بأيام التقينا القائمين على موقع "ويكى ثورة" الحقوقى وتبادلنا معهم الأرقام وتوصلنا إلى أن أرقام القتلى وصلت إلى 632 قتيل، بينما أكد «ويكى ثورة» أن أعداد القتلى وصلت إلى 982 قتيل. محمد عبد القدوس عضو المجلس أكد أن اللجنة لم تستمع إلى شهادات الناجين من فض الاعتصام.. ما حقيقة ذلك؟ لا صحة لما صرح به الزميل «عبد القدوس»، حيث إننا التقينا عدد من الناجين من اعتصام رابعة العدوية، وعليه أن يتوجه إلى اللجنة ليرى بنفسه اللقاءات التى عقدتها التى هى مضطلعه على إجراءات عمل التقرير. ماذا عن حقيقة الإدعاء بأن «ناصر أمين أدخل على التقرير تعديلات لم يذكرها الباحثون»؟ علينا أن نعرف أن إجراءات إعداد التقرير تمر بعدة مراحل، أولها جمع المعلومات والأدلة والاستماع إلى الشهادات ثم يدخل بعد ذلك مرحلة قراءة المعلومات وتقييمها، ثم مرحلة الصياغة والإقرار، وخلال المرحلة الاولى اللجنة تُخضع الشهادات التى تستمع إليها إلى المنطق والعقل، ويتم تأكيدها لما يمكن إثباته أو نفى ما يتنافى مع العقل. وبالتالى ليس بالضروره ما ورد فى المرحلة الأولى، أن تأخد به اللجنه، وتركه وارد، وأن يتخذ المجلس قرارًا مخالفًا للجنة وارد وهذه مسألة فنية. ما هى الجهات الرسمية التى ستتسلم التقرير؟ التقرير سيسلم إلى 4 جهات رسمية فى الدولة، وهم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والنائب العام ووزير العدل، لمطالبتهم باتخاذ إجراءات القانونية، وسيتم رفع التقرير أيضًا إلى الجهات الدولية سواء الحكومية أو غير الحكومية. وما تأثير التقرير على العرض الدورى الشامل لمصر على مجلس حقوق الإنسان الدولى؟ فى تقديرى، أن التقرير كشف حقيقه ما جرى فى فض اعتصام «رابعة»، وتوصل إلى حقائق بالغه الأهمية، وإلى الأخطاء التى وقعت فيها قوات الشرطة أثناء فض الاعتصام. هل تعرضتم لأى ضغوط لعدم إعلان التقرير؟ بالتأكيد لم نتعرض لأى ضغوط من أى طرف، فنحن لا نعمل لإرضاء خصوم سياسيين، نحن نعمل بضمير الأمة، ونعلم أن الحقيقه موجعة لكل الأطراف. بوجهة نظر حقوقية كيف ترى التقرير؟ التقرير أول وأعظم تقرير يصدر من المجلس القومى لحقوق الانسان، حيث يحتوى على حجم هائل من الإدانة لمؤسسات الدولة، وهذا تطور غير مسبوق، ولذلك يعد نقلة ليست فى أداء المجلس القومى لحقوق الإنسان فحسب، بل فى تغيير طبيعة المؤسسات الرسمية فى مصر بدلاً من تبريرها لما تقوم به من أخطاء إلى مراجعتها والعمل عليها، ويعتبر التقرير شهادة ميلاد جديدة للمجلس القومى. ويعد التقرير توجيهًا للدولة، للقيام بدورها فى التحقيق القضائى، ويعد بلاغًا عاجلاً للنائب العام، للبدء فى التحقيق الفورى لما ورد فى التقرير. كما أن التقرير، هو الوحيد الذى يصدر فى هذا الشأن، فلم تصدر مؤسسة حكومية أو غير حكومية من مؤسسات الدولة، أى تقارير عن فض اعتصام رابعة، لكن المجلس كان لديه الشجاعة الحقيقة فى هذا الأمر، الذى فضل الجميع السكوت عنه، والاكتفاء بصدور بيانات صغيرة لا تؤدى إلى كشف الحقيقة. هل توقعت هذا الهجوم على نتائج التقرير؟ المعترضون على التقرير أو الذين كانوا يرغبون فى عدم إعلانه خشية على بعض الأجهزة الأمنية، صمتوا طوال الفترة الماضية لأسباب غير معلومة، وهو أمر ليس له مبرر على الإطلاق، فهناك بعض ممن لا يرغب فى فتح ملف رابعة العدوية، من أجل حماية الشرطة أو سمعة مصر الدولية، من خلال محاولاتهم الاشتباك فى قضايا أخرى، نحن كان لدينا الشجاعة، وأنا أعتقد أنها شجاعه نادرة من المجلس الآن. هل كنت تتوقع الهجوم عليك بعد إعلان التقرير؟ بالمناسبة، أنا تم تحديدى فى ترأس اللجنة من أشخاص بينهم من اعترضوا على التقرير، وتحملت المهمة فى حين أن البعض تنحى خوفًا من الانتقاد الشديد، وسيتعرض للهجوم من الجميع، وهذا تحدى أخذته على نفسى، ولست معنيًا بإرضاء أى طرف، ولذلك كان إصرارى على صدور التقرير، وكنت ضد محاولات منعه، والهجوم الشديد الذى أتعرض له، هو دليل نجاح ونزاهة، لأنه أزعج الجميع، ولذلك هو يهاجم من الجميع، وهذا فى حد ذاته دليل على سلامة هذا التقرير. بعض المنظمات المحلية والدولية وصفت عملية فض رابعة ب«المذبحة» و«أسوأ حادثة قتل جماعى خارج القانون فى التاريخ».. ما هو توصيف التقرير الحقوقى لعملية الفض؟ أنا دائما اقترب من الوصف القانونى، ولا يوجد فى الأدبيات الحقوقية ما يسمى ب«مجزرة» إنما يوجد فقط مصطلحات مثل انتهاك أو مخالفات للقانون والمعايير الدولية، فنحن فى العمل الحقوقى من خلال المنظمات نقف عند كشف الخطأ والانتهاكات ثم نحيله إلى جهات التحقيق، لكن المنظمات الحقوقية لا تستخدم كلمة جرائم انما انتهاك او خارج عن القانون. ووفقا لما يشمله التقرير من واقعتين أساسيتين: «واقعة الانتهاكات التى شهدها الاعتصام وأخرى الانتهاكات التى شهدتها عملية فض الاعتصام»، ولذلك استخدام الأوصاف ربما لا ينطبق على الواقعة الأولى، ولا يمكن أن ينطبق وصف الثانى على الواقعة الأولى، ولذلك المنظمات الحقوقية، لا يجب أن تتحدث سياسيًا أو تستخدم مصطلحات سياسية مثل مصطلح جريمة، وإنما أوصاف مثل خارج القانون أو انتهاك أو مخالف للمعايير الدولية. البعض بدا له من المؤتمر الصحفى أن الشرطة كانت رد فعل ولم تبدأ بالضرب وبذلك تكون بريئة من تهم القتل؟ ليس معنى أن بدء إطلاق النيران من داخل الاعتصام، أن الاعتصام يتحمل مسئولية ما وقع من قتل، وهو ليس مبرر لإطلاق النار، وهناك أمرين لابد من الانتباه إليهما، أولهما: وفقا لمدونة السلوك للموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، والمتعلقة باستخدام الأعيرة النارية، يجب أن يكون هناك تناسبًا فى استخدام الأسلحة بين القوات والعناصر المطلقه للنيران، ويجب أن يكون هناك تنسبًا نوعيًا من من حيث نوع السلاح المستخدم وهما الأمرين اللذين لم يحدثا، فما حدث أن الشرطة أطلقت النار بشكل كثيف، وهو ما يعد انتهاكًا شديدًا، وهذا هو توصيف التقرير الذى يجب أن يقرأ بعناية من قبل الأطراف المختلفة.