"هوجة عرابي" و"انتفاضة الحرامية" و"عيال يناير"، 3 مسميات أطلقتها الثورة المضادة، على ثورات وانتفاضات شعبية في محاولة لتشويه كل من شارك فيها، ف"عرابي" الذي تحدي الخديوي والإنجليز، وقاد الفلاحين في واحدة من أعظم الثورات المصرية، بات في نظر الشعب بعد حملة تشويه ممنهجة خائن تسبب في احتلال مصر، رغم محاولات القوي الوطنية انصاف عرابي وفي مقدمتها، كتاب "أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه" للكاتب والأديب الوطني محمود الخفيف، قبل أن تأتي ثورة يوليو لتصنفه وتعيد له حقه، وكرامته. الأمر نفسه تكرر مع طلاب الجامعات، والحركات اليسارية التي قادت مظاهرات شعبية خرجت عفوية احتجاجا على قرار الرئيس الراحل أنور السادات برفع الأسعار، ليجد هولاء الذين رفضوا سياسات السادات الاقتصادية "الانفتاح"، والخارجية "الارتماء في أحضان البيت الأبيض"، والتخلي عن دماء المصريين والقضية الفلسطينية" وتوقيعه معاهدة "كامب ديفيد"، متهمون بأنهم "حرامية" قادوا احتجاجات شعبية لتنفيذ عمليات سرقة، ونهب، قبل أن يصدر المستشار حكيم منير صليب حكم ببراءة المتهمين ويكذب رواية السلطة، وينقلب السحر على الساحر ليحول القاضي الجلسة إلى محاكمة للنظام، يفضح فيها أكاذيبه، ويتحدث بلسان وأوجاع ملايين المصريين الذين وجدوا أنفسهم بين وعود الرخاء، وسياسات النهب. أما في حالتنا.. "عيال يناير" وهما كلمتين اتفق العائدون من كهف المعزول "مبارك على استخدامهما في إطار حملة تشويه ممنهجة لكل من شارك في ثورة 25 يناير، فباتت الكلمتين الأشهر كعناوين مقالات في الصحف وعلى ألسنة مقدمي برامج مشهورين بعض منهم كنا نظن أن ينتمي لمعسكر الثورة قبل أن ينضم راضياً مرضياً إلى المعسكر الأخر. ويحاول العائدون من كهف المعزول، أن يوصموا كل من شارك في الثورة بأنه "عيل" والكلمة هنا تحمل من الخبث الكثير ويقصد بها رسالة أن من شارك في الثورة :"لا يفقه شيء في السياسة- تحركه عواطفه- يلعب بأحلام الوطن- غاضب – مقموص- زعلان". وعذرا أصدقائي سأتحدث عن رفاقي وأصدقائي من "العيال" مع حفظ عامل السن، والمقام، والتاريخ. كان التصميم منذ البداية على تسمية ثورة 25 يناير بأنها ثورة الشباب دون غيرهم، كأنها خطة محكمة للانقضاض عليها في الوقت المناسب، على الرغم من أن الثورة في حد ذاتها هي عمل شاب، لكنها ليست وليدة لحظة بل تتويج لتاريخ نضال شعبي طويل على مدار 40 عاما دفع ثمنه الكثيرون في عتمة السجون منذ أن كان الأشهر في عهد السادات سجن القلعة، حتى باتت "المزرعة وبرج العرب" عنوان للقمع المباركي، نضال اتخذ من أهداف الثورة منهجاً في الحركة وفي محطاته الرئيسية فكان عنوان العيش والعدالة الاجتماعية، جلياً في مظاهرات انتفاضة "الخبز" في 18 و19 يناير 1977، ثم كانت المظاهرات التي خرج فيها الجيل نفسه ضد تواطيء السلطة مع الصهاينة و اغتيال سليمان خاطر بهتاف شهير هز أركان القصر الرئاسي "سليمان خاطر مش مجنون قولوا عليه معرفش يخون"، ثم ظهر جيل جديد رفض أن تصبح مصر خادماً للسياسة الأمريكية، ليخرج في مظاهرات تتصدي للمؤامرة الأمريكية على المنطقة، وتعلن رفضها مشاركة مصر في ضرب العراق بهتاف "اللي بيضرب في العراق بكره هيضرب في الوراق"، لتعاود السجون استقبال مناضلين جدد، ثم تأتي الانتفاضة الفلسطينية في 2000 لتمثل باباً لدخول جيل جديد لغمرة النضال الوطني من بوابة فلسطين، قبل أن يقرر المصريون مواجهة رأس النظام من خلال تأسيس حركة "كفاية" بشعار لا للتوريث لا للتمديد" رفضاً لمبارك الأب والأبن، وتتكون جبهات تطالب بالتغيير، ف"شباب وعمال ومحامون وأدباء وفنون وصحفيون وعمال "من أجل التغيير، لتنطلق شرارة المعركة الأخيرة ضد نظام فاسد، قبل أن تنطلق شرارة حركات الاحتجاج العمالي من "المحلة وكفر الدوار وغزل شبين"، لتظهر أعلي موجاتها في إضراب 6 إبريل" الذي نظمه عمال شركة المحلة، وصولاً إلى 25 يناير . "25 يناير" هي مجموع نضال 40 عاما ضد سياسات الفساد والتبعية وزواج رأس المال بالسلطة، و"عيال يناير" هما أنفسهم من رفضوا حكم الإخوان وتآمرهم علي الوطن وتبعيتهم للولايات المتحدة وخرجوا عليهم في 30 يونيو. و"عيال يناير" هم أجيال ضحت وناضلت من أجل أهداف "العدل الاجتماعي والحرية والكرامة والاستقلال الوطني" إحنا عيال يناير ….إنتو مين