بدأت علاقات تركيا مع إسرائيل منذ عام 1949، بعد اعتراف أنقرة بدولة إسرائيل وتحولت تل أبيب لمورد رئيسي للسلاح لتركيا وتزايد التعاون العسكري فيما بين البلدين فضلا عن تعزيز العلاقات الاقتصادية. ومع وصول "رجب أوردغان" لرئاسة الحكومة التركية في مارس 2003 ازدادت العلاقات بين أنقرة وتل أبيبب صلابة، ورغم ما شهدته هذه الفترة من توترات طفيفة بين البلدين، إلا أن حجم التبادل الاقتصادي بينهما لم يتأثر بتلك الخلافات. لقد أدركت القيادة التركية منذ البداية أنه لا سبيل لتوطيد علاقاتها مع الدول الغربية والولايات المتحدةالأمريكية بشكل خاص سوى توثيق علاقاتها مع حليف واشنطن الأول في الشرق الأوسط ألا وهي تل أبيب. وربما يكون هذا الهدف مبررا للدونية التي تعاملت بها إسرائيل منذ البداية في علاقاتها مع تركيا والتي وصلت لحد بالغ خلال رئاسة "أوردغان"، فرغم انتقاداته للهجوم على سفينة "مرمرة" من قبل الجيش الإسرائيلي، إلا أنه كان حريصا على فتح قنوات اتصال سرية مع القيادات الإسرائيلية. وخلال الشهر الماضي كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية النقاب عن الصفقات التجارية التي كان يعقدها نجل "أوردغان" مع إسرائيل السنوات الثلاثة الماضية عقب الهجوم على مرمرة مايو2010، وأوضحت الصحيفة أن نجل رئيس الحكومة التركية هو أحد أصحاب شركة نقل بحري تملك سفينتين تجاريتين أبحرتا عدة مرات بين موانىء تركيا وإسرائيل لتنقلا البضائع ذهابا وإيابا. ورغم زعم "أوردغان" تجميد التجارة مع إسرائيل عام 2009، إلا أنه سرعان ما تراجع عن ذلك وأعلن تجميد التجارة العسكرية فقط دون الاقتصادية، حيث بلغت العلاقات التجارية بين البلدين خلال ما يعُرف بفترة الأزمة بين البلدين 4 مليارات دولار. كما ظهر مستوى الدونية التي تتعامل بها إسرائيل مع تركيا جليا عبر الطريقة التي قدم بها رئيس الحكومة الإسرائيلية الاعتذار ل "أردوغان" عن حادث الاعتداء على مرمرة، حيث اقتصر على مجرد مكالمة هاتفية من "نتنياهو" لنظيره التركي عبر وساطة أمريكية قام بها "باراك أوباما". وعقب هذا الاتصال الهاتفي بدأت تتكشف حقيقة رئيس الحكومة التركية وتعاملاته مع إسرائيل، حيث لم يكتف باللقاءات التي عقدتها وفود رسمية من البلدين، بل سعى للضغط على عائلات ضحايا سفينة "مرمرة" من أجل تعويضهم ماليا مقابل التنازل عن الدعاوي القضائية المقامة ضد قيادات الجيش الإسرائيلي. وبرغم كل المساع الجادة التي يبذلها "أردوغان" لإظهار حرصه على توطيد العلاقات بين تل أبيب وأنقرة، إلا أنه مؤخرا تعالت الأصوات الإسرائيلية التي تشكك في منافع العلاقات مع تركيا تحت قيادة "أردوغان" وطالبت هذه الأصوات القيادات الإسرائيلية بعدم تعزيز العلاقات مع أنقرة تحت قيادة "أردوغان"، خاصة وأنها فقدت مؤخرا أهميتها ونفوذها بمنطقة الشرق الأوسط في ظل رئاسته للحكومة التركية. وخلال حلقة نقاشية عقدتها القناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيلي آواخر الشهر الماضي حول جدوى العلاقات بين تركيا وإسرائيل، قال محلل القناة للشئون العسكرية "روني دانيال" إنه لا حاجة اليوم لتوطيد العلاقات مع تركيا تحت قيادة "أردوغان" لفقدان أنقرة أهميتها ونفوذها. وأضاف "دانيال" أن رئيس الحكومة التركية "رجب أردوغان" يحاول جاهدا مغازلة إسرائيل عبر التصريحات التوددية من أجل إثارة اهتمام تل أبيب به والسعي لتوطيد علاقاتها مع أنقرة.