الهجوم السياسي الإسرائيلي على الإدارة الأمريكية بشأن الموقف من معالجة الملف النووي الإيراني على طاولة مباحثات "السداسية" الدولية، مبالغة مدروسة، وخلافاً لما يطفو على السطح، الحكومة الإسرائيلية منضبطة طبقا لقواعد اللعبة التي تديرها مع إدارة أوباما، من تحت الطاولة للضغط على إيران. التصريحات النارية لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وأركان حكومته ضد ما يوصف بتحولات أمريكية إيجابية في الموقف من حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني، وضد إبداء مرونة دبلوماسية أمريكية وأوروبية غربية في معالجة الملف النووي الإيراني من خلال مباحثات "السداسية" الدولية مع طهران في جنيف، يرى فيها محللون سياسيون أنها علامة فارقة في العلاقات الإستراتيجية الأمريكية- الإسرائيلية، تصور فيها تصريحات نتنياهو، على حد وصف صحيفة (هآرتس) في افتتاحيتها 13/11، الولاياتالمتحدة بأنها عدو حقيقي لإسرائيل. ولا تقتصر التصريحات الإسرائيلية الناقدة للسياسات الأمريكية المستجدة، كما تصنفها المراجع السياسية الإسرائيلية العليا، على الملف النووي الإيراني، بل تشمل أيضاً الموقف من الأزمة السورية، والضغط على الجانب الإسرائيلي في المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية، بما يضر بالمصالح الاستراتيجية العليا لإسرائيل. غير أنه، وخلافاً لما يطفو على السطح، تظل الحكومة الإسرائيلية منضبطة لأسس ومبادئ التحالف الاستراتيجي مع الولاياتالمتحدة، التي تشكل شريان الحياة لإسرائيل، وصرح بهذا وزير الخارجية الإسرائيلي العائد افيغدور ليبرمان بتأكيده أن "العلاقات بين إسرائيل والولاياتالمتحدة حيوية وجيدة للغاية ولا شيء قادر على تغيير مسارها.."؛ وتوضيح ليبرمان – فور تسلمه لمهامه كوزير للخارجية- في لقاء مع السفير الأمريكي في إسرائيل أن "الحديث يدور عن علاقات هي حجر الزاوية، والركيزة الأساسية، في السياسة الخارجية الإسرائيلية، ولن يكون بإمكان إسرائيل دونها أن تسيير أمور علاقاتها في العالم أجمع". بدوره كشف وزير المالية في الحكومة الإسرائيلية ورئيس حزب "يوجد مستقبل"، يائير لبيد، عن الغاية من الهجوم الإسرائيلي على المواقف الأمريكية في المباحثات السياسية، بالإعراب عن أمله في أن تأخذ الدول المشاركة في المفاوضات مع طهران بعين الاعتبار المطالب الإسرائيلية؛ وفي السياق ذاته أشاد لبيد بالمواقف المتشددة التي أبدتها فرنسا في الجولة الأخيرة من مباحثات "السداسية" مع إيران في جنيف، لجهة الصيغة التي طرحت لتسوية الخلافات حول الملف النووي الإيراني بوسائل دبلوماسية.