"عش بعفويتك تاركا للناس اثم الظنون….. فلك اجرهم ولهم ذنب مايعتقدون" .. حكمة تلتها قصة وقعت بالصدفة بين يدى كما يقع بينها الكثير.. أدارت عقلى كعقارب الساعة دورة كاملة بين حسن الظن ومساؤه , وبين الحيرة بين حسن الفطن وأنتكاساته, حسمت القصة الصراع .. وفى القصة العبرة .. يقال ان السلطان العثمانى "بايزيد"رأى هاتفا (مناديا) فى المنام فأنتفض,وأمرأمين سره أن يجهز بعض النفركى يذهبوا جميعا إلى مكان ما ,ودون أن يسأله أمين السر عن الأسباب,فأعلمه أن هاتفا أتاه فى المنام .. فقصد السلطان وصاحبه والحاشية متنكرين المكان المقصود على حسب ما جاء فى المنام ,وعند وصولهم اليه وجدوا حى سكنى يقطنه ذو الحال الميسور, ورأوا لفيفا من الناس ألتفوا حول شخص مات للتو ,فسألهم السلطان: ما الأمر؟ فأجابوا أن هذا شخص يعمل فى حيهم من مدة طويلة وكان مثال الجد والتفانى فى عمله (نعال لحوافر الخيول) وكان يحصل على الأجر الوفير .. أجاد فى عمله قاعدة من قواعد الإيمان عمل بها وطبقها (نعال حوافر الخيول) وليت يطبقها اليوم الكثيرون ممن لا يبزلون اى مجهود فى عملهم .. ففعلها (نعال حوافر الخيول) وشهد له الناس …. فسألهم السلطان لماذا لاتدفنوه أذن ؟! فقالوا أننا لا نعلم أين يسكن ولا من أين يأتى كل يوم ,ثم أنه رغم جده فى عمله كان منبوذا ومكروها من كل أهل الحى لأنه عند أنتهاء عمله كان يشاهد حاملا لزجاجات الخمر ومصاحبا لبنات الهوى,لذلك حين توفى أقسمنا أن نتركه هكذا دون دفن .. فأقترح عليهم السلطان أن يخلصهم من جثته ! فوافقوا.. حمل النفر الجثة وساروا بها .. فهمس السلطان فى أذن أمين سره أن يدفنها فى باحة مسجده (ساحة السلطان بايزيد المشهور حتى يومنا هذا – فى أستانبول) حسب ما جاء فى الحلم .. فحاول أمين السر أن يعترض قائلا : يا سيدى السلطان .. بعد العمر الطويل ستدفن فى هذا المكان ولا يصح أبدا أن يكون قبرك مجاورا لقبر رجلا كهذا .. فقطع السلطان الطريق عليه وأمره أن ينفذ دونما أعتراض ودفن الرجل فى مسجد "بايزيد ".. بقي السلطان حائرا فى أمره وقض عليه مجضعه ,وهو يريد أن يعرف حقيقة أمر ذلك الرجل الميت وحاول مرارا أن يقصد ذلك الحى اللذى حمله منه عسي أن يعثر على بصيص أمل يقربه من الحقيقة .. إلى أن عثر وبعد فترة ليست وجيزة على شيخ هرم يسير على عكازين كان يعرف المتوفى لأنه الميت ساعده ذات يوم ماطر بارد للوصول إلى بيته وأسر إليه أن يسكن فى مكان قريب من حيه فدله عليه ,وكان الحى فى الطرف البعيد من أستابول ,فقصد السلطان المكان وهو متنكراوسأل أهل الحى عن بيت نعال الخيول فدلوه عليه .. طرق الباب ففتحت له أمرأة وقالت له بعد أن ألقي السلام لقد توفى زوجى .. أليس كذلك ؟ فقال :نعم وجلس ينظر فى زوايا الغرفة التى تقطنها مع أولادها فتعجب السلطان وقال : لماذا أنتم على هذه الحال من الفقر وقد علمت أن زوجك المرحوم كان يجتنى مالا كثيرا ؟ أجابته المرأة :لقد كان زوجى الصالح يأتى كل يوم بالقليل من المال ما يسد به رمقنا لمعيشة يوم واحد .. فسألها متعجبا : زوجا صالح ؟! لقد سمعت أنه كان ينصرف من عمله للهو وشرب الخمور .. فتبسمت الزوجة وقالت : لقد كان ينصرف من عمله ويأتى سيرا على قدميه ,فكلما رأى رجلا من حاملى زجاجات الخمر كان يحاول أقناعه بالعدول عن المحرمات فيأخذها منه ويدفع له ثمنها ليكسرها ويهدرها ,أما بنات الهوى فكان يمسك بيد الواحدة منهن وينصحها ويجعلها تعدل عن فعلها للحرام ويوصلها إلى بيتها بعد أن يدفع لها المال ,وكنت أنصحه دائما أن ينقل عمله إلى حينا فيقول :وهل فى حينا من يملك قوت يومه كى ينفق على حماره أو بغله ؟! وقلت له ذات مرة ماذا لو حانت ساعتك وتوفيت فى ذلك الحى البعيد حيث لا أحد يعرف بيتك أو أهلك ؟! فرد على إن الله معنا والسلطان بايزيد سيتولى كل شئ بإذن الله وهاأنت السلطان أبازيد عندنا .. يا الله .. وكم منا لا يحلم"بايزيد" يحسن الظن به ويستفتى قلبه كى يستره ويتحرى فاسقا يقذفه بالفسق والبهتان حتى يؤتيه بحقه ويريح له قلبه .. حسن الظن من حسن الفطن وبعض الظن أثما سطره رب الكون فى كتابه.. حامل النبأ قد يفسق وسئ الظن لا يجد الا السؤ ليجهر به .. والدين المعاملة أساسه حسن الظن بالله وعباده .. فتعلموا.. وإن جائكم الفاسق بالنبأ أن تتبينوا .. حتى لا تصيبوا فتصابوا وإن تستقيموا يرحمكم الله .. ..