المهندس "نادر عناني" أحد قادة الحركة الطلابية اليسارية في الجامعة، كان له دورا في حرب السادس من أكتوبر حيث إنه كان ضابط احتياط متخصص في التعامل مع الأسلحة والذخيرة، ورغم اعتراضه على رئيس الجمهورية آنذاك محمد أنور السادات إلا أنه شارك في الحرب كمواطن مصري ضد العدو الإسرائيلي المحتل. تخرج "عناني" في كلية الهندسة أواخر 1971 والتحق بالقوات المسلحة عام 1972 ليحالفه الحظ ويتمكن مع زملائه في القوات المسلحة المصرية بعبور القناة في حرب 6 أكتوبر 1973، وشارك في تحقيق النصر العظيم للشعب المصري واستعادة الأرض المحتلةسيناء. . ماذا تمثل لك حرب 6 أكتوبر؟ تمثل لي اتقان كل جندي لعمله فكل منا كان له دورا محددا في الحرب، فالصعقة والمظلات والطيران والمشاة كان لهم دورا رأيته بعيني عندما عبرت، ولكن أنا كان لي دورا آخر في هذه الحرب وهو التعامل مع أسلحة وذخيرة العدو الإسرائيلي، فالتنظيم هو سر نجاح القوات المسلحة في العبور. * ماذا تعني "نفارون"؟ "نفارون" هو موقع على بحر إيجا يطل على مضيق، والألمان احتلوه ليمنعوا السفن من الدخول إلى بحر إيجا فهو موقع حاكم للمرور البحري، وكان على على تبة عالية، وهذا كان فى الحرب العالمية الثانية، وعندما احتل الإسرائليين سيناء أنشأوا خط بارليف على طول الضفة الشرقية من بورسعيد إلى السويس، والنقطة القوية هي نقطة عيون موسي التي انشأوها واسموها "نفارون" وهي متحكمة في المجري المائي لقناة السويس وكان في هذه النقطة مدفعين قطرهم 155 مللي وهذا يعتبر مدفع له قدرة تدميرية ضخمة. * كيف تم احتلال موقع "نفارون" في حرب السادس من أكتوبر؟ عندما عبرت القوات المصرية يوم 6 أكتوبر قمنا بتدمير هذين المدفعين لأنهم متواجدان على قضبان من السكة الحديد يضربان ويعودان إلى مكانهما داخل النقطة القوية التي يصعب تدميرها إلا بالتلاحم الشخصي بين الجندي المصري والإسرائيلي. * متي استولت القوات المصرية على النقطة القوية "نفارون"؟ دخلنا إلى النقطة القوية يوم 8 أكتوبر مساءً وكانت القوات المصرية قد استولت على الموقع يوم 8 صباحاً، وأنا كمهندس أسحلة وذخيرة كانت مهمتي الاستيلاء على ذخيرة العدو والتعامل مع القنابل التي لم تنفجر، كان لكل جندي مهمة اثناء الحرب، فلم أكن من الجنود المقاتلة، فمهمتي تقتصر على التعامل مع الأسلحة والذخيرة الإسرائيلية التي لم تنفجر وإبعادها حتى لا تنفجر في جنودنا الذين احتلوا النقطة القوية، وإرجاع الأسلحة والذخيرة إلى الخلف حتى إذا قام العدو بالهجوم مرة أخرى على النقطة واحتلالها لا يجدون أسلحة، وكنا نقوم بنقل الأسلحة فى 5 عربات كبيرة، وعندما تحركنا بالأسلحة دمرنا ما لم نتمكن من نقله، وتركنا البعض الآخر ولم نعد مجددا لحدوث الثغرة. . مواصفات النقطة القوية "نفارون"؟ مدخلها متعرج وصعب وبالداخل ساحة واسعة وطوابق عالية، وكان في الدور الأرضي الأسلحة والذخيرة التي كانت مهمتي التعامل معها وكان يوجد "400 جيركن من المياه" وطعام وكل شئ تتخيله تكفى لمدة أشهر إذا تم محاصرة هذه النقطة وتحصينات أخرى كثيرة، فالنقطة القوية مثل معادلة الكيمياء تساوي عدم الخروج إذا تم الحصار، ولا يمكن التدمير حتى بالقنابل، فبها تجهيزات وتحصينات وأسلحة قوية، والحرب هي دخول هذه النقاط القوية، وهذا رأيي كملازم أول ظابط احتياط في الجيش المصري . كما وجدت الطعام في أنابيب مثل معجون الأسنان، فكل أنبوب به الجبن أو العسل او المربى وغيرها من الطعام، ووجدت نفسي داخل مكان به مراجيح وكوتشينات كثيرة وسينما وغيرها، ووجدت لافته مكتوب عليها "نفارون بار" وهو البار الخاص بهذه النقطة القوية بعيون موسى، فأخذت اللافته الدالة على ذلك واحتفظت بها، فالانتصار عظيم جداً مقارنة بين قدرات القوات المسلحة المصرية والقوات الإسرائيلية، ورغم كرهي للسادات إلا أن الانتصار أبهر العالم، وهذا ما أحدث لدي مشكلة بعد ذلك عندما تكلمت مع زملائي اليساريين الذين كانوا يقولون أن ما حدث تمثيلية. * كيف كان تنظيم القوات المسلحة المصرية في حرب أكتوبر؟ القوات المصرية في حرب اكتوبر كانت على أعلى تنظيم، وكأننا في عرض عسكري، فالشرطة العسكرية كانت تسألنا إلى أين نذهب وترشدنا إلى المكان الذي نريده، فحضرنا الحرب رغم اعتراضنا على الرئيس "محمد أنور السادات" وأنا من الطلاب اليساريين داخل الجامعة، وكنت في الحركة الطلابية ضد "السادات" وتخرجت في آخر عام 1971 والتحقت بالقوات المسلحة 1972، وإلى 5 أكتوبر كنت لا اثق في أننا سنخوض الحرب، وعند قيام الحرب كانت صدمة بالنسبة لي مثلما كانت صدمة للإسرائيلين ولم أصدق إلا عندما عبرت بنفسي وشعرت بحالة غريبة "فرحه ودهشة واستغراب"، فشعرت أني لابد أن افعل أي شئ كي أكفر عن ذني ومشيت مع كتيبتي مسافة كبيرة من الضفة إلى عيون موسى، وكان الضرب حولنا بين القوات المسلحة المصرية والإسرائيلية وكان تسليحي خفيف وكنا نشاهد الحرب حولنا، ولكن ليس مهمتنا أن نطلق النيران، فكانت مهمتنا الوصول إلى نقطة عيون موسى والتعامل مع الأسلحة والذخيرة. * ماذا عن اتفاقية كامب ديفيد التي وقعها الرئيس أنور السادات؟ أرفض اتفاقية كامب ديفيد لأن شروطها شروط استسلام وليست سلام، فكل حرب يجب أن يحدث بعدها سلام، ولكن ما فعله السادات استسلام فقد فرط في حق عبور الجنود المصريين وكان يتصرف بشكل شخصي.