تناول معولا وأخذ يهدم في الجدار بمفرده ، تذكر الليالي الطويلة المتعاقبة وحرمانه من النور ، الكوة التي بأعلى الحائط بعيدة عن مد بصره ، يتناوب مع زملائه السجود على قوائمه الأربعة ليبص من الكوة الضيقة ، يستنشق الهواء بقوة ، يغمض عينيه عن جرادل قاذوراتهم التي تعبق المكان ، أنوفهم تعودت على الرائحة النتنة بامتياز ، لم يعد هناك فرق . في الأعياد يتركوهم يتريضوا نصف ساعة وبعدها تغلق عليهم الزنازين ، أبوابه عالية مصفحة من الحديد الفولاذ ، ليس هناك مجالا لتداول المتعة سوى النظر في ذكرياتهم المخبؤة بصدورهم أو رسم هلامي يمثل أولادهم على الحوائط الباردة الباهتة ، لا سبيل لتداول المتعة غير هذا ، ومن يحاول امتطائه والعبث يركله بكل قوة وفى إصرار وضراوة ، لاشيء يهم الآن غير الحفاظ على ما تبقى منه : من آدميته لن يحاول ممارسة ألعابهم القذرة ، ينتحي بعيدا عنهم ويظل يرتل بعض القرآن الذي حفظه ، بجانبه زميله جو يرتل بدوره قليل من الترانيم ، المكان يصلح لأن يكون قبرا مفتوحا فمه على الدوام ، يتطلع للمحصول الجديد