تعتبر عملية "عيون واد الحرامية" التي نفذها فلسطيني قناص محترف، ينتمي ل"كتائب شهداء الأقصى"، التابعة لحركة "فتح"، ضد حاجز عسكري إسرائيلي شمال مدينة "رام الله" عام 2002 من أشهر عمليات المقاومة الفلسطينية خلال انتفاضة الأقصى التي اندلعت عام 2000. ووفقا لما جاء في "توب نيوز" فإن في تلك العملية قتل فيها 11 جنديا ومستوطنا، وجرح 9 آخرون ب 26 رصاصة أطلقت على ذلك الحاجز، وكانت المفاجأة في تلك العملية بأن منفذها لم يستشهد، ولم يلق القبض عليه، مما فتح الباب علي مصراعيه لرسم القصص والحكايا سواء من قبل الفلسطينيين او الاحتلال الإسرائيلي. ففيما قدرت المصادر الفلسطينية والإسرائيلية أن منفذ تلك العملية طاعن في السن، وربما شارك في الحرب العالمية الثانية، كونه يمتلك تلك البندقية القديمة، والدقة في التصويب، أشارت مصادر أمنية إسرائيلية إلي أن منفذ تلك العملية ربما قناص من الشيشان، استطاع الوصول إلي الأراضي الفلسطينية لمحاربة الاحتلال الإسرائيلي، وبعد 30 شهرا من تنفيذ العملية، تسربت تفاصيل تلك العملية النوعية التي اعتبرتها إسرائيل أخطر عملية تنفذها المقاومة أثناء انتفاضة الأقصى. ففي صباح يوم الاثنين، الثالث من مارس 2002، استيقظ الشاب "ثائر" قبل الفجر، وأدي صلاة الفجر، وارتدي زيا عسكريا لم يرتدها من قبل، وأخذ أمشاط الرصاص، وحمل بندقية ال"ام 1″ أمريكية قديمة من زمن الحرب العالمية الثانية، وتفقد ذخيرته المكونة من 70 رصاصة خاصة بهذا الطراز القديم من البنادق، قبل أن يمتطي صهوة جواده، وينطلق به إلي جبل الباطن، شمال رام الله، في مسالك جبلية وعرة. ووصل إلي المكان، الذي سبق له وعاينه غير مرة، فترجل عن جواده وتركه يمضي، حيث كان متأكدا من شهادته في تلك العملية، وفي أسفل الجبل الذي تمركز فيه "ثائر" عند الساعة الرابعة فجرا، كان حاجز لجنود الاحتلال يسمي حاجز "عيون الحرامية"، حيث ركز "ثائر" البندقية، وتفقد جاهزيتها لآخر مرة، وأطمأن أن المخازن الثلاثة ذات سعة الثماني رصاصات محشوة بها، وتفحص باقي الرصاصات، وأخذ يراقب ويستعد بانتظار ساعة الصفر التي حددها لنفسه. أمضي "ثائر" نحو ساعتين يراقب ويخطط بعناية طول المسافة التي تبعده عن هدفه بين 120 150 مترا، ومع إشارة عقارب ساعة يده الي السادسة صباحا، وأشرقت الشمس وبات كل شيء واضحا، أطلق "ثائر" رصاصته الأولي علي جنود ذلك الحاجز، الذي كان يذيق أبناء المنطقة ألوان الإذلال والقهر. وحسب رواية "ثائر" كان هناك ثلاثة جنود يحرسون الحاجز، فسدد علي الأول فاستقرت الرصاصة في جبهته، فعاجل الثاني برصاصة استقرت في القلب، قبل أن يكبر ويطلق رصاصته الثالثة لتردي الجندي الثالث قتيلا، وعلي صوت الرصاص خرج جنديان آخران من غرفة الحاجز مذعورين يحاولان استطلاع الأمر. وقال "ثائر"، "لم أجد صعوبة في إلحاقهما بمن سبقهما ومن داخل الغرفة ذاتها، رأيت سادسا كان يصرخ مثل مجنون أصابه مس المفاجأة، كان ينادي بالعربية والعبرية، أن انصرفوا، وهو يدور في الداخل كان سلاحه بيده، ولم يطلق في تلك اللحظة الرصاص، لاح لي رأسه من النافذة الصغيرة، أطلقت عليه رصاصة وانقطع الصوت، وساد سكون الموت منطقة الحاجز برهة، أعتقد أنني عالجت أمر الوردية بست رصاصات". وفجأة وصلت إلي المكان سيارة مدنية إسرائيلية، ترجل منها مستوطنان اثنان، صوب الأول سلاحه، وقبل أن يتمكن من الضغط علي الزناد، كان تلقي رصاصة، وسقط صاحبه إلي جواره مع ضغط الزناد التالي. وحسب "ثائر" مضت دقيقتان قبل أن تصل سيارة جيب عسكرية لتبديل الجنود، وما إن اتضح للضابط ومجموعته الأمر، حتي ترجلوا وتفرقوا واخذوا يطلقون الرصاص علي غير هدي في كل اتجاه. وقال "الثائر"، بأن موقع الحاجز في أسفل الجبل مكنه بشكل جيد في تحديد أهدافه، فعالج أمر هؤلاء الجنود بالتزامن مع وصول سيارة أخري للمستوطنين، وشاحنة عربية أجبر سائقها علي الترجل، إلا أن "ثائر" تمكن من إصابة المستوطنين إلي جانبه، من دون أن يمسه هو بأذى. ويقول "ثائر" إن مركبة مدنية إسرائيلية وصلت إلي المكان، ولاحظ أن بداخلها امرأة إسرائيلية مع أطفالها، ويقول كانت في نطاق الهدف، ولكنني امتنعت عن التصويب باتجاهها، بل صرخت فيها بالعربية والعبرية، أن انصرفي خذي أطفالك وعودي، ويذكر أنه لوح لها أيضا بيده طالبا منها الابتعاد. وبعد ذلك انفجرت بندقيته التي لا تحتمل إطلاق الرصاص منها بشكل سريع لقدمها، وتناثرت البندقية في المكان، ما أجبره علي إنهاء المعركة بطريقة مغايرة لما خطط لها، كان قد أطلق بين 24 و26 رصاصة فقط، من عتاده المكون من 70 رصاصة، يعتقد أنها جميعا استقرت في أجساد هدفه حيث قتل 11 جنديا ومستوطنا وأصاب تسعة آخرين.