يقع متحف بيت الفنان والمخرج السينمائي سيرجي باراجانوف على ربوة مرتفعة بمدينة يريفان العاصمة الأرمنية, ويضم العديد من أفيشات أفلامه، وأعمال فنية تعبر عن فترة اعتقاله في ظل الحكم السوفيتي، إذ أنجز خلال فترة سجنه العديد منها. وهو يرصد خلال أعماله محطات حياته الفنية وفترات اعتقاله من قبل السلطات السوفيتية؛ بسبب أفلامه التي عبرت عن واقع الشعوب الأرمنية والأوكرانية التي عاشت تحت وطأة الاحتلال السوفيتي، ويضم المتحف مجموعة من الأعمال الفنية التي أنجزها بنفسه، ومنها عدة لوحات فنية تعبر عن حالة ومحطات حياته وعدد من المقتنيات الشخصية التي استخدمها في حياته. ولد "باراجانوف" عام 1920 لأبوين أرمنيين ضمن الجالية الأرمنية التي عاشت في العاصمة الجورجية، وفي عام 1956 تزوج من فتاة أوكرانية اسمها سفيتلانا وأنجبا صبيًا، ولكن زواجهما لم يستمر سوى خمس سنوات, ومات عام 1990، ودُفن في مدافن العظماء في أرمينيا، وحضر جنازته عشرات الألوف ممن أحبوا فنه ولم يفهموه على السواء. قبل وفاته نقل كل أعماله الفنية ومقتنياته إلى أرمينيا، وتم عرضها في بيت تراثي جميل في العاصمة الأرمنية يريفان، كان في الأصل قد تم تخصيصه من قبل الحكومة الأرمنية لكي ينتقل للعيش فيه, وكان يخيط بنفسه كل الأزياء المستعملة في أفلامه وجميع الزخارف والأفاريز والنقوش، ويضع كولاجا لكل مشهد، وقدم في مناسبات عديدة تصاميم كولاجات وأزياء للمصمم العالمي إيف سان لوران. ولم تُوحِ بدايات "باراجانوف" أنه سيكون أكثر السينمائيين السوفييت مشاكسة أو مثيرًا للجدل، إذ أن أغلب أفلامه التي أخرجها في الخمسينيات كانت تسجيلية قصيرة تتناول حياة فنانين جورجيين وأرمن وأوكرانيين، إلى أن أخرج فيلم "ظلال الأجداد المنسيين" أو "جياد النار" عام 1965، إذ وقف العالم مشدوها أمام هذا الفيلم الذي نزل كالصاعقة على عالم السينما، يتحدث فيه عن قصة حب تناول فيها قبائل جبال الكاربات السكان الأصليين في أوكرانيا الذين لم يعد لهم وجود، مزج في هذا الفيلم الغناء الشعبي والكورس مع ألوان الطبيعة وجمالها. وكان يمكن أن يمر عرض الفيلم مرور الكرام لدى السلطة السوفييتية وقتها، لولا أنه أثناء العرض في فرنسا عام 1966، صرح "باراجانوف" لمجلة الآداب الفرنسية قائلا: "تعمدت أن يكون الفيلم مشاكسًا، وهو ينضح بحس قومي شعبي"، ونال الفيلم شهرة واسعة، وتم ترشيحه ل16 جائزة دولية، بعدها بدأت السلطة السوفيتية تنظر إليه نظرة الريبة وتتحين الفرصة لاعتقاله بتهمة التعصب القومي.