دأبت الرقابة العسكرية الإسرائيلية منذ أعوام، على «تحرير» جزء من الوثائق السرية المتعلقة بحرب «يوم الغفران» عام 1973 عشية كل ذكرى سنوية لها، حيث حفل هذا العام أيضا، بالكشف عن عدد مهم من الوثائق تتضمن بمعظمها تفاصيل ميدانية حول سير المعارك على الجبهتين السورية والمصرية. ولعل الأبرز فيها هو ما كتبه العميد السابق في شعبة الاستخبارات العسكرية، أهارون لبران، وأماط اللثام فيه عن تقارير يومية حول سير المعارك كان يرفعها هو ورئيس الموساد في حينه، تسفي زامير، إلى الملك الأردني حسين ابن طلال بهدف عدم اتخاذه قرارا بالانضمام إلى الحرب حليفا لسوريا ومصر. وفي إطار تسليط الضوء على بعض «الإنجازات الاستخبارية من الدرجة الأولى» للحرب التي حُفرت في الوعي الإسرائيلي بوصفها الإخفاق الاستخباري الأكبر في تاريخ إسرائيل، رأى لبران، في مقال نشرته صحيفة «إسرائيل اليوم»، أن «أحد أهم هذه الإنجازات هو التقدير بأن الأردن لن ينضم إلى الحرب، وكذلك المعلومات التي أنذرت بشكل مسبق عن انتقال فرقتي مدرعات مصريتين من شرقي قناة السويس». وأوضح الجنرال الإسرائيلي أنه «بعد الصدمة التي تسببت فيها مفاجأة اندلاع الحرب، لم يكن أسهل على الاستخبارات من تقدير أن الأردن سينضم إلى الحرب. لكن هذا لم يحصل ولم تقله الاستخبارات، الأمر الذي أتاح لرئيس الأركان في حينه، ديفيد إليعازر، أن يقرر نقل فرقة احتياطية إلى الجولان عوضاً عن إبقائها في الضفة الغربية للدفاع عن القدس. وعندما حذر بعض الجنرالات من أن نقل الفرقة سيؤدي إلى جعل طريق القدس مشرعة، جاء التقدير الذي تقدمت به شعبة الاستخبارات العسكرية واستبعدت فيه فتح هذه الجبهة ليساعد باتخاذ القرار الصحيح، وتاليا بإنقاذ هضبة الجولان. وأضاف الضابط الكبير في شعبة الاستخبارات، في حينه، أن «ما لم يعرفه الجمهور الإسرائيلي هو أن الذي ساعد الاستخبارات على التوصل إلى هذا التقدير كانت التقارير اليومية التي نقلتها أنا ورئيس الموساد في حينه، تسفي زامير، إلى الملك حسين ملك الأردن حينذاك حول مسار الحرب وتطوراتها بدافع عدم وقوعه في إغراء الانضمام إليها وتكرار الخطأ الذي ارتكبته عام 1967 حين صدق التقاريرالتي أرسلها إليه الزعيم المصري، جمال عبد الناصر، وجاء فيها أن الجيشين المصري والأردني يسحقان الجيش الإسرائيلي. وبناء على التقارير التي قدمناها له، اتخذ الملك حسين قرارا متوازنا، أي إرسال اللواء المدرع 40 لمساعدة السوريين، وذلك في اليوم السادس للحرب، وكذلك إرسال اللواء 60 عشية انتهائها». أما في ما يتعلق بالإنذار الذي وجهه الملك حسين خلال لقائه برئيسة الوزراء، غولدا مائير، في الخامس والعشرين من سبتمبر، أي قبل نحو عشرة أيام من اندلاع الحرب، والذي حذر فيه من تخطيط كل من سوريا ومصر لشن حرب على إسرائيل في موعد قريب، فلا يعده الجنرال لبران من ضمن الأخطاء الكبرى.