اهتمت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية بالاحتجاجات التي تجتاح كل من البرازيل وتركيا، قائلة في افتتاحيتها اليوم: قبل ثلاث سنوات كانت تركيا والبرازيل موضع حسد من قِبَل العديد من بلدان العالم، فكلاهما يمتلك قوى اقتصادية مزدهرة، وقادة بلاد منتخبين ديمقراطيًّا، كما أن البلدين يحظيان بنفوذ كبير في المناطق المحيطة بهم. وأضافت أن رئيسيِّ البلدين انخرطا في مجال الدبلوماسية بين إسرائيل والعرب، وانضما إلى محاولة التوصل لاتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي، ولكن الآن وفجأة امتلأت شوارع البلدين بالآلاف المتظاهرين الغاضبين، غالبيتهم من شباب الطبقة المتوسطة. إن كانت هناك بعض الاختلافات الكبيرة بين تركيا والبرازيل، إلَّا أنه توجد عوامل مشتركة خلف هذا الانفجار والاضطرابات الشعبية، وتتجاهل النخبة السياسية في البلدين المواطنين الغاضبين، فبعد 12 عامًا من تولي "رجب طيب أردوغان" رئيس وزراء لتركيا، أصبح متغطرسًا ومستبدًّا، ويرفض المخاوف المشروعة التي تنتاب المعارضة العلمانية من أجندته الدينية، فضلًا عن الأقليات الطائفية التي ينتابها القلق إزاء السياسات التركية الخارجية. أما رئيسة البرازيل "ديلما روسيف" عضو في حزب العمال تتحمل تفشي الفساد وإنفاق مليارات الدولارات على ملاعب كأس العالم 2014 ودورة الألعاب الأوليمبية في 2016، فحتى الآن تظل الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والنقل العام دون المستوى. ارتكبت الحكومتين خطأ استخدام العنف ضد المتظاهرين، حيث أطلقت الشرطة البرازيلية قنابل الغاز المسيلة للدموع وقنابل الصوت والرصاص المطاطي على المتظاهرين، وفي تركيا كان القمع أسوء بكثير، فقد شنت الشرطة هجمات متكررة على ساحة تكسيم واعتقلت منظمي الاحتجاجات. يعاني كلا البلدين التخلف الديمقراطي، فأحزاب المعارضة ضعيفة ولا تقدم بديلًا معقولًا، فالسيدة "روسيف" لا تزال تفضل الفوز في انتخابات الفترة الرئاسية الثانية، والسيد "أردوغان" يستعد لتغيرات دستورية من شأنها أن تجعله رئيس جمهورية بدلًا من رئيس وزراء. يأمل كلا الشعبين في الحصول على المزيد من الحرية والديمقراطية، فهناك فرصة أفضل في البرازيل حيث أصدرت السيدة "روسيف" بيانا تشيد فيه بالمتظاهرين، وتقول: "أولئك الذين خرجوا إلى الشوارع أوصلوا رسالتهم إلى المجتمع ككل، وخاصة إلى الحكومة"، أما السيد "أردوغان" قدم نفس الخطوة والتقى ببعض المتظاهرين، ولكنه بعد ذلك أرسل الشرطة لاعتقال المحتجين مرة أخرى، مما يثبت أن نهجه وسياسته المتشددة غيرت صورة تركيا كدولة مسلمة ومعتدلة.