اعتبر عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) مروان البرغوثي المعتقل في السجون الإسرائيلية منذ 11 عامًا، اليوم الأحد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية "وسيط غير نزيه" في المفاوضات مع إسرائيل. وحمَّل من داخل سجن (هداريم) الإسرائيلي في رد على أسئلة لوكالة أنباء "شينخوا" نقلها له محاميه إلياس صباغ، الولاياتالمتحدة فشل عملية التسوية خلال الأعوام الماضية؛ بسبب الانحياز التام لإسرائيل والاهتمام بإدارة الأزمة أكثر من تحقيق السلام، قائلًا: إن "الرئيس الأمريكي باراك أوباما كان مخيبًا لآمال كثيرة في العالم وحتى الآن على قاعدة القياس بالنتائج فقد فشل في إجبار إسرائيل على الالتزام بمتطلبات نجاح علمية السلام ولم يظهر إرادة حقيقية حتى اللحظة في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية". واعتبر أن أوباما "هو الذي عطل حق فلسطين في الانضمام للوكالات الدولية بعد الحصول على صفة دولة مراقب غير عضو في الأممالمتحدة في نوفمبر الماضي، ومن عطل الحصول على العضوية الكاملة في المنظمة الدولية، وأنه وإدارته "يقدمون لإسرائيل كل أنواع الدعم السياسي والعسكري الذي وصل إلى ذروته في عهده"، معتبرًا أن أمامه "فرصة في تحقيق السلام خلال ولايته الثانية إذا أظهر عزما وإرادة لمواجهة التطرف الإسرائيلي أولا". وقال: إن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي يخوض محادثات مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، عليه أن "يطلب من إسرائيل إنهاء الاحتلال وإقامة دولة كاملة السيادة"، معتبرًا أنه مفتاح السلام وإن لم يفعل فإن الفشل حليفه بالتأكيد". وأضاف أن على كيري الإدراك بأن الفلسطينيين لا يطالبون ولا ينتظرون حسن نوايا من قبل إسرائيل، وإنما حقوقًا وطنية مقدسة وثابتة ولا يقبلوا بمشروع السلام الاقتصادي على حساب الحرية والعودة والاستقلال، معتبرًا أن "تجربة السلام الاقتصادي فشلت فشلًا ذريعًا في الأعوام الماضية لأنه من الوهم الاعتقاد بإمكانية التنمية وبناء اقتصاد وطني في ظل الاحتلال والاستيطان". ورأى أنه "إذا قررت القيادة الفلسطينية الذهاب للمفاوضات قبل التزام إسرائيل بوقف واضح وصريح بإنهاء الاحتلال والانسحاب لحدود 1967، وإقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدسالشرقية، وضمان حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم وبلادهم طبقا للقرار الدولي 194، وتحرير كافة الأسرى والمعتقلين، فإن ذلك سيلحق ضررًا بإلغا بالمصالح الوطنية العليا"، منتقدًا إعلان وفد عربي برئاسة رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها حمد بن جاسم ال ثانى، في واشنطن أخيرا، أن اتفاق السلام مع إسرائيل ينبغي أن يستند إلى حل الدولتين على أساس خط الرابع من يونيو 1967 مع إمكانية تبادل طفيف متفق عليه، مساو ومتبادل للأراضي. وقال: إن الوفد العربي الذي ذهب إلى واشنطن "ليس مخولًا وليس من حقه تقديم التنازلات"، معتبرًا أن مسألة تعديل الحدود وتبادل الأراضي "أمر مرفوض ويمس بالثوابت الفلسطينية والعربية، ويفتح شهية إسرائيل على مزيد من التنازلات العربية". وأضاف أن ذلك يمثل "محاولة لتشريع الاستيطان الذي يرفضه القانون الدولي جملة وتفصيلا، على اعتبار أن ليس للاستيطان ولا لأي مستوطن مكان على الأراضي الفلسطينية". وأعرب عن تشاؤمه حيال الوصول إلى حل سلمي مع إسرائيل في ظل حكم اليمين فيها بزعامة بنيامين نتنياهو، معتبرا أن المفاوضات مع إسرائيل "لن تجدي نفعًا في غياب فعل مقاوم على الأرض، وفي ظل الخلل في موازين القوى، وفي ظل حكومة إسرائيلية متطرفة معادية للسلام"، قائلًا: إن رهان الرئيس الفلسطيني محمود عباس "الذي يعمل مخلصًا من أجل السلام منذ توليه قيادة الشعب الفلسطيني قبل ثمانية أعوام على المفاوضات مع إسرائيل وصل إلى طريق مسدودة بسبب الموقف الإسرائيلي المتطرف وغياب الشريك". ورأى أن المطلوب من القيادة الفلسطينية "العودة للأمم المتحدة للحصول على عضوية كاملة لفلسطين والتوقيع على المواثيق والاتفاقات الدولية كافة والتوجه لمحكمة الجنايات الدولية، والعمل مع المجتمع الدولي على عزل إسرائيل ومقاطعتها وفرض عقوبات عليها حتى تنسحب إلى حدود 1967"، مضيفًا أن المطلوب كذلك "مقاطعة فلسطينية للاحتلال اقتصاديًّا وأمنيًّا وإداريًّا وتفاوضيًّا وسياسيًّا، والعمل على تصعيد المقاومة الشعبية وتوسيع دائرتها على أوسع نطاق، وانخراط جميع الفصائل والقيادات فيها والمستندة إلى خطة للمقاومة الشاملة للاحتلال". ويجري كيري مباحثات منذ 20 مارس الماضي لاستئناف مفاوضات السلام المتوقفة بين الفلسطينيين وإسرائيل منذ أكتوبر 2010 بسبب الخلاف على البناء الاستيطاني. ودعا البرغوثي إلى مشاركة الصين في عضوية اللجنة الرباعية الدولية التي تضم كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية وروسيا والاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة والتي وصفها "بالمشلولة والعاجزة حتى تكون أكثر فعالية وتوازنا". وكان المبعوث الصيني الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط السفير وو سي كه قال في لقاء مع الصحفيين لدى زيارته مدينة رام الله في 27 أبريل الماضي قبل زيارة الرئيس عباس أخيرا إلى الصين: "سيكون عملنا بشكل منفصل عن عمل اللجنة الرباعية وليس لدينا أفكار للانضمام إليها، ومع ذلك فإن عدم مشاركتنا بها لا يدل على أننا لا نشارك في عملية السلام"، مضيفًا أن الصين "تتمتع بعلاقات جيدة مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وأنها بصفتها دولة عضو دائم في مجلس الأمن الدولي ستلعب دورا هاما في عملية السلام". وثمن البرغوثي دعوة الرئيس الصيني شي جين بينغ لإسرائيل، بالانسحاب لحدود 1967 وقيام دولة مستقلة كاملة السيادة، مشيرا إلى أن الصين لديها إمكانيات كبيرة للإسهام في دعم الاقتصاد الفلسطيني وتطويره، كما أنه يمكن الاستفادة من التجربة الصينية الغنية والمدهشة في كثير من المجالات. وفي الشأن الفلسطيني الداخلي، رأى أنه ليس هناك إرادة حقيقية للمصالحة الفلسطينية حتى الآن، معتبرا أنه "لو توفرت الإرادة لتحققت المصالحة والوحدة الوطنية التي نعتبرها قانون الانتصار لحركات التحرر وللشعوب المقهورة"، ودعا حركتي حماس وفتح، إلى أن يتحولا لشريكين حقيقيين في قيادة الشعب الفلسطيني بمشاركة الفصائل والشخصيات والفعاليات والمؤسسات، معتبرا أنه "مخطئ من يعتقد أن بإمكانه التفرد بمصير الشعب الفلسطيني". وقال: إن شراكة حماس على قاعدة التفاهم والاتفاق الاستراتيجي هي "خشبة" الإنقاذ للوضع الفلسطيني مع مشاركة القوى والأحزاب كافة تحت شعار الوطن للجميع والجميع للوطن مع احترام إرادة الشعب بالعودة إلى انتخابات حرة ونزيهة مع اتفاق مسبق على تمثيل الجميع في اللجنة التنفيذية والحكومة وباقي الهيئات المنتخبة. وسبق أن توصلت فتح وحماس لاتفاقيتين للمصالحة الأولى في مايو 2011 برعاية مصرية، والثانية في فبراير 2012 برعاية قطرية لتشكيل حكومة موحدة مستقلة تتولى التحضير للانتخابات العامة، غير أن معظم بنودهما ظلت حبرا على ورق. وبشأن اتفاق التهدئة في 21 نوفمبر الماضي بين حركة حماس وإسرائيل في قطاع بوساطة مصرية ما أنهى ثمانية أيام من العنف بين الجانبين أدت إلى مقتل 184 فلسطينيًّا و6 إسرائيليين، اتهم البرغوثي إسرائيل بأنها "لم تحترم اتفاق التهدئة وهي تخترقه بشتى الأشكال وفي كل يوم"، معربًا عن اعتقاده بأن ما وصفها "بالتهدئة الجزئية لن تصمد طويلا"، معتبرًا أن إسرائيل "بحكومتها المتطرفة تتحين الفرصة لتوجيه ضربة وشن عدوان على غزة بعد فشل عدوانها الأخير". ودعا البرغوثي بهذا الصدد جميع الفصائل والحركات الفلسطينية إلى "العمل لتوحيد طاقاتها وتطوير قدراتها لمواجهة أي عدوان إسرائيلي محتمل". وحول قضية الأسرى في السجون الإسرائيلية، اتهم القيادة والفصائل الفلسطينية بعدم "إيلائها الاهتمام الذي تستحقه ما يفسر وجود هذا العدد الكبير في السجون ممن قضوا سنوات طويلة"، واعتبر أن القيادة الفلسطينية "ارتكبت خطئًا قاتلًا عندما وقعت اتفاق أوسلو مع إسرائيل للسلام المرحلي عام 1993 وتركت آلاف الأسرى في سجون الاحتلال"، قائلًا: القيادة الفلسطينية "فاوضت عشرين عاما دون اشتراط الإفراج عن الأسرى، ولا أعتقد أن النهج تغير"، مثمنا في المقابل الحملات الشعبية لإطلاق سراحه الأسرى وكافة. مروان البرغوثي: مفاوضات "أبو مازن" وصلت لطريق مسدود و الوسيط الأمريكي "غير نزيه" وبخصوص إضراب عدد من الأسرى عن الطعام في السجون الإسرائيلية، رأى أنه "سلاح يستخدمه الأسير للدفاع عن حقوقه"، معتبرا أنه "حقق نتائج جيدة"، معتبرًا أن إبعاد إسرائيل بعض الأسرى من مسقط رأسهم في الضفة الغربية إلى قطاع غزة مقابل الإفراج عنهم "قرار خاص بهم مع التأكيد أن غزة هي جزء لا يتجزأ وجزء أصيل من الوطن". وفيما يتعلق بتأثير الانقسام الفلسطيني على الأسرى في السجون الإسرائيلية، قال البرغوثي: إنه "ترك أثره على كل الفلسطينيين سلبًا في كل مكان بما في ذلك السجن"، لكنه أشار إلى أن القيادات الفلسطينية داخل السجون "نجت إلى حد كبير في تجنيب الأسرى تأثيراته وأصبح هناك تعاون وحوار دائم وخطوات متفق عليها"، موضحًا أن الأسرى هم الذين صاغوا وأصدروا وثيقة الأسرى للوفاق الوطني عام 2006، التي مهدت لأول حكومة وحدة وطنية في تاريخ الشعب الفلسطيني، معربًا عن "أسفه لانهيارها بعد قرار حماس فرض السيطرة العسكرية على قطاع غزة عام 2007". وأضاف: "مع ذلك فالحوار بين قيادات الفصائل في السجون متواصل من أجل المساعدة في انجاز المصالحة والوحدة"، مشيرًا إلى أنه "أمام الحركة الأسيرة مجموعة من التحديات أولها تعزيز وحدتها وقيادتها وبرنامجها، واتخاذ قرارات مشتركة لحماية مكتسبات الحركة الأسيرة، ووقف سياسية الإهمال الطبي من قبل مصلحة السجون، والوقوف أمام سياسة التعذيب الممنهج داخل السجون".