كشف الدكتور عصام الحداد، مساعد رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية، أن مصر تسعى لبناء منظومة علاقات إيجابية يتكامل فيها مساري التعاون في قضايا التنمية وملف المياه، في إطار مقاربة متعددة الأبعاد لإعادة بناء العلاقات المصرية الإثيوبية، تجعل القضايا الخلافية، جزء من منظومة أكبر للتعاون، تحافظ بمكوناتها المتنوعة على المصالح الوطنية للجانبين. وقال "الحداد"، في مقال له نشر في المدونة المصرية للعلاقات الدولية، إذا كانت الرؤية الاستراتيجية للسياسة الخارجية المصرية تضع أولوية للبعد الإفريقي، فإن العلاقات المصرية الأثيوبية تأتى في قلب هذا الاهتمام، وإثيوبيا دولة هامة ومؤثرة في القارة الإفريقية، وأحد اقتصاداتها الصاعدة، كما أنها طرف أصيل في منطقة القرن الإفريقي التي لا تزال تشهد تفاعلات سياسية واقتصادية واجتماعية، تؤثر بشكل غير مباشر على المصالح الوطنية ذات الصلة بالأمن القومي المصري، هذا بالإضافة إلى كونها الشريك الأهم، مع السودان، في ملف حوض النيل باعتبارها دولة أساسية من دول المنابع، نظرا لسيادتها على منابع هضبة الحبشة، إلى جانب تأثيرها المباشر فى منطقة البحيرات الاستوائية، وتشير تلك المعطيات مجتمعة إلى ضرورة تطوير علاقات ثنائية "مصرية - إثيوبية" قوية ومستقرة، وهو ما تعرض لكثير من التراجع منذ منتصف تسعينيات القرن الماضى. وأضاف الدكتور عصام الحداد، ومن هذا المنطلق، تتبنى مصر توجها جديدا لإعادة بناء تلك العلاقات المصرية الإثيوبية يعتمد اقترابا متعدد الأبعاد، ويرتكز على مبدأ الشراكة في التنمية، مستهدفا خلق شبكة مصالح سياسية واقتصادية بين البلدين. وأوضح مساعد رئيس الجمهورية، أن مصر تعتمد في ذلك على مقاربة متعددة الأبعاد، تشمل تواصلا سياسيا مستديما مع إثيوبيا على كافة المستويات، بدءا باتصالات وزيارات رئاسية متبادلة، مرورا بالتنسيق بين كافة الوزارات المعنية للبلدين، ووصولا إلى تفعيل مؤسسات المجتمع المدني والعلاقات الشعبية والتوعية الثقافية والإعلامية بأهمية العلاقات المصرية الإثيوبية والإفريقية ككل. وأردف "الحداد"، فيما يتصل بالاتفاقية الإطارية، فهي مشكلة تتخطى ثنائية مصر وإثيوبيا إلى بقية دول حوض النيل. وتكمن مشكلتها الأساسية في عدم النص على الالتزام بالحصص التاريخية لكل من مصر والسودان والمترتبة على الاتفاقيات السابقة، وعلى الرغم من سلامة الموقف المصري/السوداني، قانونيا، إلا أن التجربة أثبتت أن النتيجة النهائية تعتمد كثيرا على أبعاد سياسية للعلاقات بين الدول. واستطرد، إن مصر ترى ضرورة إطلاق التفاوض من جديد، وأن تبذل الدبلوماسية المصرية جهدا مضاعفا للتوصل إلى اتفاق يرضي كافة الأطراف، من خلال تبني مفهوم عدالة الاستخدام. وأشار "الحداد"، فيما يتصل بسد النهضة الإثيوبي، فالطرح الحالي الذي يصدر بشأنه تقريرا نهائيا من اللجنة الفنية المختصة يثير المخاوف من تأثيره سلبا على حصة مصر من المياه ونوعيتها. وأكد أن مصر تسعى لأن تكون شريكا حقيقيا في تنمية إفريقيا، وتعي وتحترم حقوق ومطالب الشعوب في التنمية، ولكنها تتمسك أيضا بمبدأ عدم الإضرار بأي من الأطراف؛ كنتيجة لمشروعات تنموية حالية أو مستقبلية. وأضاف عصام الحداد، أن التحرك المصري في هذا الإطار يتم بالتنسيق الكامل مع السودان، من خلال لجنة الخبراء الثلاثية الدولية المنوط بها إصدار التقارير الخاصة بتقييم السد، مع التأكيد الدائم من الجانب المصرى لدى الدول والجهات المانحة لمشروع بناء السد على ضرورة انتظار التقارير الفنية الرسمية النهائية قبل تمويل المشروعات المرتبطة بالسد، كما تتحرك الدبلوماسية المصرية مع الدول والجهات المانحة للمشروعات في أي من دول الحوض بعدم البدء في المشروعات المائية بدون إخطار مسبق والتوافق مع الدول الأخرى المتأثرة بتلك المشروعات.