تختلف ذكرى تحرير الجنوب اللبناني هذا العام عن كل السنوات السابقة له، حيث يأتى هذا العام في تطور واضح في الجبهة الشمالية السورية ومؤشرات أولية تلمح لاقتراب ساعة الحسم وتحرير الجولان المحتلة. مازالت صور فرار جنود الاحتلال الصهيوني من الجنوب اللبناني حاضرة في ذاكرة العدو بقوة لتظل دليلا قائما على الهزيمة الوحيدة التى لم يستطع إنكارها، فالصورة النمطية لجندي يهرول مسرعا بالفرار من الجنوب اللبناني بعد احتلال ومواجهة دامت 18 عاما بقيت خيبة أمل وفشل للعدو الصهيوني، تؤلمه كلسع سياط أينما يولى وجهة على كل الأرض المحتلة. وجاء التحرير في مايو 2000 بعد تكاتف من فصائل المقاومة اللبنانية والفلسطينية والجبهة السورية ضد عدو مازال هو الهدف المشترك بين هذه الفصائل رغم اختلاف نهجها ومرجعيتها، وصورة هذا الترابط عادت من جديد خلال الفترة القليلة الماضية التى شهدت رغبة من النظام السوري في فتح خط المواجهة مرة أخري مع العدو الصهيوني، واستعداد من حزب الله وتأييده لتحرير هضبة الجولان، وكذلك الجبهة الشعبية الفلسطينية. دلائل اعتراف العدو الصهيوني بهزيمة وخطأ تورطه في المستنقع اللبناني واضحة لا تحتاج لدليل ويكفي أن جل تدريباتهم الداخلية تأتى تحت عنوان عودة إلى المستنقع اللبنانى أو الاستعداد لحرب لبنان الثالثة، ما يؤكد أن صورة الهزيمة مازالت مترسخة بالذهن الصهيوني وقادته العسكريين. لقد شهدت المواجهة بين المقاومة وقوات الاحتلال في السنوات الخمس التي سبقت التحرير تطورا نوعيا، حيث لجأت المقاومة إلى استخدام سلاح العبوات التي كانت تفجر عن بعد والتي أودت بعدد كبير من القادة العسكريين الإسرائيليين ولاسيما مسئول الجيش الإسرائيلي في الشريط المحتل "أيرز غرنشتاين" الذي لقي مصرعه بتفجير عبوة أثناء مرور موكبه عام 1999 وقائد جيش لبنان الجنوبي هاشم عقل الذي قتل أيضا بانفجار عبوة عام 2000. وجاء قرار الانسحاب الإسرائيلي تحت نيران المقاومة بعد فشل جميع الوسائل التي استخدمتها إسرائيل لضرب المقاومة حيث أظهرت المقاومة الوطنية اللبنانية بنية تنظيمية متماسكة غير قابلة للاختراق من جانب الاستخبارات الإسرائيلية فبعد سنوات من القتال والمواجهة ثبت لإسرائيل أن النواة الصلبة المقاتلة للمقاومة اللبنانية غير قابلة للكسر وخاصة بعد أن شهدت السنوات الأخيرة التفافا شعبيا وإجماعا لبنانيا حول المقاومة قل مثيله في تاريخ العرب.