رأى محللون صينيون أن الأزمة السورية بصدد انعطافة جديدة في الحرب التي دخلت بالفعل عامها الثالث، ما قد يدفع اللاعبين المختفين وراء الكواليس إلى الظهور على "خشبة المسرح". فالهجمات الإسرائيلية لن تكون الأخيرة مع تأجيل موعد إقلاع طائرة بنيامين نتانياهو عدة ساعات ليترأس اجتماع المجلس الأمني المصغر لإتمام التقييمات ذات الصلة بعد تلك الغارات على سوريا، وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى شانغهاي وفقًا لبرنامج زيارته المقررة للصين من 6 إلى 10 مايو الجاري، ولكن المحللين الصينيين يقولون: الجولة لن تكون سهلة؛ لأنه يقوم بها وعينه على بلاده بعدما شن جيشه مؤخرًا غارات جوية على الأراضي السورية مرتين في غضون ثلاثة أيام. ويعتقد لي قوه فو، الخبير في شؤون الشرق الأوسط بالمركز الصيني للدراسات الدولية، أن تلك الغارات الجوية لن تكون المرة الأخيرة التي تشن فيها إسرائيل هجمات على سوريا في ضوء تصميم تل أبيب من ناحية على "التحرك" مفردها. ومن وجهة نظر "لي" فإن قيام نتانياهو بوضع مهام الحكومة على كاهل وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون بالذات دون غيره من الوزراء ومتابعته لآخر التطورات حتى وهو على متن الطائرة متوجهًا إلى الصين يدل على أن "الإجراءات الإسرائيلية الجديدة قد تزج بالأزمة السورية إلى مرحلة جديدة". ويتوقع المحللون الصينيون أن تؤدي الهجمات الإسرائيلية المتكررة إلى دفع "اللاعبين المختفين الآخرين" إلى بؤرة الأضواء. وقال لي: إنه بعد سنتين من "ممارسة ضبط النفس وإلتزام الحذر" لتفادي الانغماس بشكل مباشر في مستنقع الأزمة السورية، قد تفرض التطورات الأخيرة ضغوطًا جديدة على الأطراف المعنية بالأزمة السورية وتدفعها إلى الإسراع بإبداء رد فعل مباشر. وشرح وانغ لين تسونغ الخبير السياسي في أكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية وجهة نظره، قائلًا: إن إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن تأييده للهجمات الإسرائيلية بعد خمس ساعات فقط من الضربة تشير إلى شعوره بالرضا إزاء نتائج الهجمات التي شكلت تهديدًا خارجيًّا للجيش الحكومي السوري ودعمت عن غير قصد المعارضة السورية مع أنها لم تهدف إلى التدخل في الحرب الداخلية الدائرة رحاها في سوريا. ولكن إدارة أوباما، حسبما يقول وانغ، باتت الآن في مأزق إثر تخوفها من اتساع نطاق الهجمات الإسرائيلية في المنطقة لدرجة خروجها عن السيطرة، لذا أعلنت عزم الأسطول الخامس الأمريكي ومقره البحرين إجراء مناورات عسكرية بحرية مشتركة مع 41 دولة في المنطقة، هادفا إلى تهدئة مخاوف إسرائيل الأمنية. وذكر وانغ أن عدم صدور بيانات مؤكدة حول الطرف الذي استخدم الأسلحة الكيميائية في سوريا يمنح واشنطن مزيدا من الوقت للتفكير في خطواتها القادمة بشأن الأزمة السورية ولا سيما وأن أوباما تراجع عن "خطه الأحمر" الذى رسمه حيال تعامله مع النظام السوري، وهو ما يدل على أن واشنطن لا تريد على أي حال من الأحوال التدخل بشكل مباشر في الأزمة السورية على المدى القصوحذروا من تحول طبيعة الحرب الداخلية السورية إلى حرب بين العرب والإسرئيليين. وقال وانغ: إنه إذا ما استمرت إسرائيل في توجيه هجمات على أهداف داخل الأراضي السورية، فإنها قد تتسبب من جانب في اختلال التوازن العسكري الميداني بين الحكومة السورية والمعارضة، وتؤجج من جانب آخر مشاعر الغضب لدى الدول العربية التي تعتبر أن إسرائيل بفعلتها هذه انتهكت سيادة أراضي عربية، وهذا يتضح من خلال إدانة أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي لتلك الغارات ومطالبته مجلس الأمن ب "التحرك لعدم تكرارها". وشرح أن إسرائيل تفهم جيدًا أن تدخلها في الحرب السورية قد يزيد الأزمة تعقيدًا، قائلًا: إن تل أبيب لا بد أن تدرك أيضًا أن استمرار غاراتها قد ينذر بتحويل الحرب الداخلية السورية إلى حرب بين البلدان العربية وإسرائيل. وفي اتساق مع رأي وانغ، قال لو بينغ الخبير المتخصص في الشؤون الإسرائيلية إنه رغم احتمالية استمرار إسرائيل مستقبلا في القيام بعمليات عسكرية من هذا القبيل، إلا أنها غير مستعدة للتدخل في الحرب الداخلية السورية ولن تميل إلى أي جانب سواء كانت الحكومة السورية أو المعارضة، مشددًا على أن إسرائيل لن تنغمس في هذا الوحل حتى إذا طلبت الولاياتالمتحدة منها أن تكون وكيلة لها في هذه المرحلة الحساسة. وكالات أخبار مصر- البديل