* شعارات مؤيدي القذافي تشبه شعارات النازية “الله واحد ألمانيا واحدة والفهرر واحد” وهي خلاصة للفاشية بالنسخة العربية البديل – وكالات : تحت عنوان “رحلة في بلاد الفوضى” قال الصحفي والمحلل العسكري لصحيفة “يديعوت احرونوت” روني بن يشاي أمس الجمعة، إنه دخل العاصمة الليبية طرابلس مع بداية الأحداث الدموية بهويته الإسرائيلية ودون حاجة لانتحال شخصية أو جنسية أخرى. وقال: “هبطت غمامة من الغبار الأصفر أمس الأول الأربعاء على العاصمة طرابلس والعاصف الرملية في هذه البلاد إمرار عادي ومتكرر والمدينة الصحراوية تعيش داخلها”. ونقلت وكالة أنباء “معا” الفلسطينية عن بشاي قوله: من كل حدب وصوب تظهر صور القذافي الزعيم والعقيد كما يدعونه هنا ساجدين، وتوقفت في طريقي للمطار مع مجموعة من الصحفيين في حي أبو سليم وأخرجت الكاميرا وخلال دقائق تحلق حولي العشرات، رجال، أطفال، نساء، رافعين صور القذافي هاتفين “الله معمر ليبيا وبس” وهي شعار مؤيدي القذافي في طرابلس وهي تشبه شعار النازية “الله واحد ألمانيا واحدة والفهرر واحد” وهي تعتبر خلاصة للفاشية بالنسخة العربية. وبدأ الجمع يحيط بالصحفيين من كل جانب وبصعوبة استطعنا الهرب والولوج داخل الحافلة الصغيرة التي ستقودنا إلى المطار وغادرت البلاد بهمهمات وتنهدات تنم عن الراحة. وأضاف بشاي لقد بني القذافي قصير القامة لنفسه على مدى 41 عاما هي سني حكمه امة كاملة تحمل قسماته وتتشابه مع صورته وشخصيته فالجماهير التي تتبعه بشوق تتصرف بروتين عنيف يسوده الصراخ والتدافع وصولا إلى إطلاق النار الحية، وأصبح هذا السلوك يشكل نمط حياتهم فهو يسيطر على دولته بخليط خاص من مسح الدماغ وتقديس الشخص والفاشية وإتباعه لا يؤمنون بإيديولوجيته إن وجدت وإنما يؤمنون به شخصيا. ويكثر القذافي هذه الأيام من الإطلالات الشخصية وذلك لزيادة تأثيره الشخصي قدر الإمكان فهو يجعل من نفسه وكأنه عارفا بالأشياء فترد عليه الجماهير بالهتافات وصرخات الحب وما تعجز عنه شخصية الزعيم يقوم به مسلحو القذافي الذين يسيطر على طرابلس والمدن المحيطة على العكس من المناطق البعيدة مثل بنغازي وذلك لأنه يتواجد في المكان وكذلك رجال الأمن التابعين له والمتواجدون في كل زاوية وشارع. أضاف الصحفي الإسرائيلي: بدأت رحلتي إلى ليبيا يوم الاثنين قبل عشرة أيام، حاولت في مالطا الصعود على متن إحدى السفن التي خرجت لإنقاذ العمال الأجانب الذين تقطعت بهم السبل لكن طاقم السفينة لم يسمح لي قائلا “رجال القذافي سيلقون بك وبنا خارجا إذا لم تتزود بتأشيرة رسمية من السفارة الليبية”. وبالضبط حين وصلت السفارة في العاصمة “فيلتا” خرج السفير الليبي معلنا للمتظاهرين المتجمعين قبالة السفارة انضمامه للمحتجين مع جميع أفراد طاقم السفارة ورفع العلم الليبي القديم وعاد بشكل درامي إلى داخل السفارة وبهذا انتهت فرصتي في الحصول على تأشيرة في مالطا. قال لي بعض الأصدقاء إن السفارة الليبية في لندن لا زالت تعمل وعلى ولائها للقذافي وبهذا يوجد فرصة للحصول على التأشيرة، وسارعت بالسفر إلى لندن وبعد محادثة قصيرة مع الملحق الإعلامي في السفارة اتضح لي بأنني محظوظ حيث أعلن نجل القذافي سيف الإسلام في اليوم الذي وصلت فيه العاصمة البريطانية إن أي صحفي يريد القدوم إلى ليبيا للاطلاع على ما يجري ويرغب في معرفة مدى الأكاذيب التي تبثها الجزيرة والعربية وشبكة BBC فهو مدعو إلى ليبيا ومرحب به. “أهب إلى المطار” قال لي الملحق الإعلامي ستقوم الخطوط الجوية الليبية بنقلك دون “فيزا” ولم ارغب في أن أقول له بأنني إسرائيلي، وفعلا صدق الملحق وفي يوم الجمعة وفي ذروة العاصفة الرملية هبطت في العاصمة طرابلس وكوني حضرت دون تأشيرة انتظرت ساعات طويلة من شد الأعصاب وفي النهاية اتصل بي شخصا ما من “سلطة الدول الأجنبية” وابلغني بأن موضوعي تحت العلاج وبعد ذلك بساعات وصل سائق سيارة انهي خلال دقائق معدود كل القضايا وخرجنا في النهاية من المطار. حين خروجنا من المطار اجتاحتنا موجة كبيرة من الروائح النتنة وكان المنظر أيضا اشد قسوة من الرائحة، ألاف الأشخاص جلسوا في الظلام متوسدين “بقجة” أغراضهم تحت وطأة البرد الصحراوي شاخصين نحو العاصفة الرملية غالبيتهم عمال مصريين وآخرين من غانا وبنغلادش وتركيا وعدد آخر من الدول انتظروا بلا حول ولا قوة وصول الطائرة التي قد تقلهم إلى منازلهم واختلط بكاء الأطفال بصرخات الرجال وصرخات أفراد الشرطة الذين يحاولون فرض النظام بضربات الهراوات. استقبلني موظف الاستقبال في فندق “ريكسوس” وسط العاصة بحفاوة قائلا :” كل شي على حساب الشعب الليبي” وابتسم لي ولكن صبيحة اليوم التالي اتضح عدم وجود وجبات مجانية والوجوه المبتسمة والحميمية لرجال سلطة الدول الاجنبية ما كانت سوى القناع الذي خفي اليد الحديدية لاجهزة الأمن الليبية وسريعا فهمت بأنني حر في الوصول للمكان الذي اريد، ولكن إذا اردت ان اصل إلى مكان حساس سيخرج لي فورا رجال الأمن ويحيطون بي سواء كانو رجال شرطة أو امن أو جنود أو مجرد مدنين مسلحين وسيعيدونني للمكان الذي خرجت منه دون أي احترام أو ادب زائد وفي احيان أخرى يعيدونني بالعنف الظاهر. في الليل اسمع اصوات إطلاق النار ويوم وصول طرابلس كان يوما قاسيا بشكل خاص حيث اندلعت مواجهات بعد صلاة الجمعة في ضواحي تاجوراء وسوق الجمعه وفرق رجال القذافي المتظاهرين بالغازات المسيلة للدموع وباطلاق النار الحية من المروحيات التي وجهت نيرانها لمناطق بالقرب من المتظاهرين وليس عليهم مباشرة وقام رجل الأمن بالتقاط الصور للمتظاهرين والان وفي ساعات الليل يشرعون بحملات اعتقال حسب الصور التي التقطوها. وابلغني اشخاص قابلتهم فيما بعد ان رجال القذافي يدخلون البيوت ويحققون مع الشبان ويعتقلونهم وبعد ذلك وبكل بساطة يختفي من يتم التحقيق معهم وكل هذا يحدث تحت جنح الظلام بعيدا عن اعين الصحفيين وهذا هو سبب إطلاق النار الذي نسمعه في بعض الاحيان. المدينة تغص بالحواجز ونقاط الحراسة العسكرية والشرطية وتلك التابعة للمليشيات المدنية الموالية للقذافي التي تقيم وبكل بساطة خيمة في وسط الاحياء ويجلسون فيها طيلة ساعات اليوم وايديهم دائما على الكلاتشينكوف. قررت ان اخرج بصحبة صحفي آخر ومترجم إلى حي تاجوراء ولشديد المفاجئة نلنا الاذن لذلك وجدنا طابورا طويلا امام الفرن حيث يوجد نقص في الخبز وكذلك طابورا اخرا يمتد امام مركز لتعبئة غاز الطهي. علي ابراهيم ابن 45 عاما ينقل بعدم راحة بالونة الغاز “الجرة” الفارغه ويلقي نظرة خائفة باتجاه مجموعة من الرجال بالزي المدني يقفون جانبا ويراقبوننا لهذا رفض الاجابة عن اسئلتنا وهكذا تعلمت بأن رجال القذافي منتشرون في كل مكان وهم لا يحملون السلاح بشكل علني ولكن يمكن تمييزهم من قصة شعرهم التي تشبه لدرجة كبيرة قصة شعر الزعيم. في النهاية اجاب علي ووافق على الرد على بعض الاسئلة: س : سمعت بأنهم قصفوقكم ؟ ج: لا، فيما انتشرت بقايا الاطارات المشتعلة على طول الطريق. س : هل كنت في الشارع أمس حين جرت المظاهرات؟ ج : نعم كنت، لانني ادعم التغيير، لكن حين بدأ العنف عدت للبيت. س : عن أي تغيير تتحدث؟ ج : الذي ابحث عنه نفس التغيير الذي يبحث عنه الزعيم، رد بسرعة، “ايضا القذافي والشعب يريدون حقوق المواطن وحرية التعبير كما يوجد في دول أخرى نحن ايضا نستحق هذا الزعيم وعدنا يوم أمس باننا سنحصل على المزيد من الحقوق وعلى السكن والعمل للشبان”. س: هل تصدقه؟ ابتسم علي وقال 80%.