ذكر موقع "جلوبال ريسريش الكندى البحثى"أنه في ظل الأزمة السورية الحالية تجتمع الولاياتالمتحدة وحلفاؤها من حلف شمال الأطلسي وإسرائيل وقطر على تلفيق التهم إلى سوريا، وآخرها أن النظام السورى استخدم الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين في محاولة لتمهيد الطريق أمام التدخل العسكري المباشر بهدف الإطاحة بالرئيس السوري"بشار الأسد". وأعلن البيت الأبيض مؤخرا في رسالة للكونجرس" أن استخبارات الولاياتالمتحدة واثقة من أن النظام السوري استخدم الأسلحة الكيماوية بكميات صغيرة". ويأتي ذلك في خضم جولة وزير الدفاع الأمريكي"تشاك هاجل" لترتيب صفقة الأسلحة البالغ ثمنها 10 مليارات دولار لتزويد إسرائيل والأنظمة الملكية العربية بأسلحة متطورة ضد إيران، فقد ندد"هاجل" باستخدام الأسلحة الكيماوية من قبل النظام السوري، واعتبر أنه انتهاك لاتفاقية الحرب. وبالمثل فقد اتهم رئيس الوزراء البريطاني "ديفيد كاميرون" النظام السوري بارتكاب جرائم حرب، مؤكدا على تزايد الأدلة التي تفيد بأن الأسلحة الكيماوية استخدمت من قبل النظام، ومن المؤكد أن كل هذه التصريحات الملتوية لا تستطيع تأكيد استخدام الأسلحة الكيماوية، وخاصة من قبل النظام. وذلك يؤكد الطابع الاحتيالي لهذه الاتهامات، حيث إنه لا يوجد أي دليل على استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية، والحكومة السورية نفسها تتهم المسلحين المدعومين من الولاياتالمتحدة والتي تربطهم علاقات وثيقة بالقاعدة أنهم حصلوا على أسلحة كيماوية ومستعدين لاستخدامها لتنفيذ هجمات بالغاز في قرية" خان العسل" القريبة من حلب في مارس الماضي. ووفقا للجيش السوري فقد أطلق صاروخا يحمل غاز "الكلور" على نقطة تفتيش عسكرية من منطقة يسيطر عليها المسلحون، مما أدى إلى وفاة العديد من الجنود. ورغم ذلك طلب نظام "الأسد" من الأممالمتحدة إرسال فريق تفتيش للتحقيق في الحادث، ولكن كل من الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا ماطلوا، مطالبين السلطات السورية بتقديم تسهيلات للفريق الدولى ليحقق في كل أنحاء سوريا، ومثل هذه النوعية من التحقيقات هى نفسها التى استخدمت في الإعداد لغزو العراق من قبل. وتعمل الطبقة الحاكمة في الولاياتالمتحدة على استخدام مبررات قوية لدعم خيار التدخل العسكري الأمريكي في سوريا وفى هذا السياق طالبت العديد من وسائل الإعلام والشركات إدارة "أوباما" بتنفيذ تهديداته تجاه استخدام السلاح الكيماوي، بعدما صرح "أن الكيماوى من شأنه أن يغير قواعد اللعبة." ويجب التذكير أن الولاياتالمتحدة نفسها استخدمت السلاح الكيماوي منذ نحو تسع سنوات خلال حصارها لمحافظة "الفلوجة" في العراق، فأثناء الحصار الهمجي قذفت القوات الأمريكية المحافظة ب"الفسفور الأبيض" وهو ما تحظره المواثيق الدولية. ولا يزال يعاني الشعب العراقي من أثر هذه الأسلحة حيث الزيادات الضخمة في سرطان الدم وسرطان الأطفال، وتفشي وباء العيوب الخلقية والبصرية، بالإضافة إلى المدن التي تعرضت لحصار الجيش الأمريكي. كذلك استخدم الجيش البريطاني الأسلحة الكيماوية خلال الحرب في الشرق الأوسط، وأسقط قنابل غاز "الخردل" على القبائل العراقية التي قاومت الاستعمار البريطاني، وأعلن "ونستون تشرشل" وزير الدولة للحرب، أنه في امس الحاجة لاستخدام الغاز السام ضد القبائل غير المتحضرة في العراق. وتواصل واشنطن الدفاع عن مخزونها الضخم من "أسلحة الدمار الشامل" مع الاحتفاظ بحق الرد على أي هجوم كيميائي بالأسلحة النووية. إن الإحباط المتزايد من قبل الولاياتالمتحدة وحلفائها لفشل وكلائها في سوريا فى إحراز أي تقدم في إسقاط نظام "الأسد" وراء هذا التحول والهجوم المفاجئ لتعزيز ذريعة الأسلحة الكيماوية للتدخل العسكري المباشر في سوريا. وتشعر الولاياتالمتحدة وحلفاؤها بقلق متزايد نحو النكسة التي سببتها لهم الحرب السورية، خاصة بعد إعلان كل من بريطانيا وألمانيا وفرنسا سفر العديد من مواطنيهم للانضمام لعناصر القاعدة في سوريا. كما تتظاهر الولاياتالمتحدة بأنها قلقة بشأن حقوق الإنسان في سوريا، ولكن في الواقع تستعد للتخطيط لتفجيرات تطال أنحاء سوريا واستخدام صواريخ "كروز" وطائرات بدون طيار، فضلا عن غزو بري محتمل من شأنه أن يزيد وبشكل كبير أعداد القتلى في سوريا. وفي الواقع إن الدوافع الكامنة وراء هذه الحرب لاعلاقة لها بالأسلحة الكيماوية، وإنما تهتم وبشكل واضح بالمصالح الجيوستراتيجية. وفي نهاية المطاف فإن الهدف من الإمبريالية الأمريكية وحلفائها في حلف الناتو هو الاستعداد لحرب أكبر ضد إيران الهدف منها فرض سيطرة استعمارية جديدة على المنطقة المنتجة للطاقة من الخليج إلى حوض بحر قزوين. القضية الحقيقية في هذا الصراع ليس النظام السوري بل النظم التي تحكم الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والتي تفترس العالم، كما حدث خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية.