" ينبغي جر الرئيس الاسرائيلي الي محكمة دولية ومعه الرئيس الأمريكي، لو كان لهذا العالم ضمير، فأي عالم عبثي الذي نعيش فيه"، بهذه الكلمات التي قالها الرئيس الراحل هوجوشافيز، ابان العدوان الاسرائيلي على غزة، ربما تعبر عن سياسة وشخصية "شافيز"، الزعيم الشعبوي والمناضل اليساري، الذي وقف في وجه الامبريالية الأمريكية وهزمه السرطان حتي رحل عن عالمنا اليوم ،بعد أن قضي حياته ثائرا مناضلا من أجل عالم أكثر عدالة. هو " هوجو شافيز" الذي ولد في 28 يوليو 1954 في بيت جده لأبيه ، كان ضابطا بالجيش الفنزويلي، وقاد انقلابا فاشلا عام 1992، ضد التوجهات الليبرالية لحكومة كارلوس أندريس، وأودع السجن وقضي به سنتين، وخرج منه مناضلا شعبيا، وأسس لحركة " الجمهورية الخامسة"، التي كافحت لمصلحة الفقراء. وفي انتخابات 1998 انتخب "شافيز" رئيسا للبلاد، بسبب الوعود التي أطلقها لدعم الفقراء، الذين يشكلون نسبه كبيرة من سكان فنزويلا، ونفذ "شافيز" وعوده، و شن حملات ضد الفقر والأمراض والأمية، ووجه الدولة نحو الاشتراكية، وصار حليفا للفقراء، ورغم أن فنزويلا تعد رابع منتج للنفط في العالم ،وثاني أكبر مصدر للولايات المتحدة، إلا أن واشنطن لم ترض عن "شافيز" لعدة أسباب؛ منها علاقته الخاصه بالرئيس الكوبي فيدل كاسترو، وزيارته للعراق وليبيا، وانتقاده لأمريكا في حربها ضد أفغانستان و سياستها تجاه العالم الثالث، وكانت عبارته الشهيرة " دعوا كلاب الامبراطورية تنبح، فتلك وظيفتها ، أما نحن فنقاوم لتحرير شعبنا" الحزن علي الزعيم الراحل تشافيز تخطي الحدود الفنزويلية، فلم يحزن عليه فقط الشعب الفنزويلي، وخاصة الفقراء، الذين عبروا عن احساسهم باليتم بعد رحيله، بل حزن عليه كل المنادين بالعدالة الاجتماعية في شتي أنحاء العالم. الشاعر المصري زين العابدين فؤاد له مواقف خاصة مع الراحل، ويروى لنا "زين العابدين" عن حكايته مع شافيز فيقول: " في عام 2004 دعيت للمشاركة بمهرجان الشعر فى فنزويلا، ووجهت الدعوة ل 19 شاعرا من أنحاء العالم، أربعة شعراء من كل قارة، وكنت المصري الوحيد، الذي دعي لحضور المهرجان، والغريب أن "شافيز" نفسه هو الذي استقبالنا فى القصر الجمهوري، ودخل علينا ممسكا بيده كوبا، وطلب أن يتعرف علينا، وعندما عرف أنني مصري، أخذ يحدثني عن "عبدالناصر" وكيف كان مثله الأعلي، وحدثني عن دول عدم الانحياز وتيتو ونهرو، وكان يتحدث عنهم بحزن شديد، لافتا الى أن العالم الثالث افتقدهم وأصبح يتيما بعد رحيلهم، وأثناء حديثي معه اقترحت عليه اعداد قافلة للشعراء فى فنزويلا فوافق، وقال لي إن وزير الثقافة سيقابلني في السابعة صباحا ليتحدث معي عن التفاصيل، وقابلت الوزير الفنزويلي، وبدأنا في الاعداد للقافلة، ثم سافرت الي مصر وعدت بعد فترة قصيرة الي فنزويلا، لتنفيذ قافلة الشعراء، وفي الرجوع الثاني لاحظت حب فقراء فنزويلا ل"شافيز" وكره الأغنياء له، لانه قام بتوصيل الكهرباء والماء والصرف الصحي لكثير من أكواخ الفقراء، علي حساب الحكومة، ما جعله يتعرض للنقد الشديد من جانب الأغنياء، الذين وصفوه بالمستبد، وبعد نجاح قافلة الشعراء، دعيت لحضور مؤتمر بعنوان" دفاعا عن الحرية الانسانية" وفي هذه الزيارة الثالثة لفنزويلا، توطدت علاقتي ب"شافيز"، الذي ظل مشاركا بالمؤتمر طوال أيامه ال 15، وكان يشارك يتصرف ،خلال المناقشات بعفوية شديدة وسلوك بالغ الرقي والانسانية، وفي آخر أيام المؤتمر دعانا للعشاء بالقصر، بعد الانتهاء من توصيات المؤتمر، لكننا انتهينا من جلسة التوصيات في الثانية فجرا، فوقف تشافيز يقول:" كنت أود أن أعزمكم علي العشاء، لكنه للأسف أصبح فطارا مبكرا. وقال "زين العابدين" أن احدي صديقاتي العراقيات، طلبت مني أن أبعث قبلة ل"شافيز" عندما التقيه، لأنه آخر رئيس زار العراق قبل الحرب، فعندما اخبرته بما قالته، قال لى، قل لهذه السيدة العراقية إن كلاب الامبراطورية الأمريكية الزائفة تنبح، وسوف نستمر في النضال من أجل تحرير الشعوب" وبحزن شديد اضاف "زين العابدين" أن فقراء فنزويلا خسروا زعيما ثوريا ومناضلا وطنيا ظل يدافع عن حقوقهم ضد الرأسمالية المتوحشة ، وسيذكر التاريخ أن تشافيز هو من وقف ضد العدوان الاسرائيلي الأمريكي علي غزة في الوقت، الذي صمتت فيه الكثير من الدول العربية. Comment *