صعدت تركيا من ضغطها على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من أجل اتخاذ إجراءات صارمة ضد شبكات الإرهاب التي تعمل على أراضيها منذ وقت طويل بحصانة من العقاب. وتزعم أنقرة أن الاتحاد الأوروبي غض الطرف لسنوات عن أنشطة الجماعات الإرهابية التي تستهدف المواطنين الأتراك والمصالح التركية واستخدمت تلك الجماعات الدعم اللوجستي والأموال التي جمعتها على أراضي الاتحاد الأوروبي. وخلال الأسبوعين الماضيين لم يوقف رئيس الوزراء التركي الصريح رجب طيب أردوغان انتقاداته الشديدة للاتحاد الأوروبي لفشله في اتخاذ التدابيراللازمة لمنع حزب العمال الكردستاني المحظور وجبهة حزب التحريرالشعبي الثوري التي تنتمي لأقصى اليسار من العمل على أراضيه. وتدرج تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حزب العمال الكردستاني وجبهة حزب التحرير الشعبي الثوري على قائمة المنظمات الإرهابية. وقال المحلل السياسي إدريس جورسوي لوكالة أنباء ((شينخوا)) "بدأت الحكومة في الآونة الأخيرة محادثات مع الزعيم المسجون لحزب العمال الكردستاني من أجل تمهيد الطريق لنزع سلاح الجماعة. فهي لا تريد أن يعرقل أي فصيل منشق في أوروبا هذه العملية". وأضاف "لأن المنظمات التي تعمل لصالح حزب العمال الكردستاني تقود شبكة مالية ضخمة في أوروبا، تخشى الحكومة أن يكون البعض غير مهتم بتسليم السلاح أو التخلي عن الأعمال التجارية الضخمة. وبالضغط على الاتحاد الأوروبي يريد أردوغان اتخاذ إجراء ضد أموال حزب العمال الكردستاني في أوروبا". وقد نجحت استراتيجية أردوغان إذ اعتقلت السلطات الإسبانية والفرنسية 23 عضوا من حزب العمال الكردستاني بتهمة الابتزاز لجمع أموال لمنظمة إرهابية. وقد قدمت السلطات الألمانية اتهامات هذا الأسبوع ضد مشتبه به من حزب العمال الكردستاني والذي كان الرئيس السابق للشئون المالية لجماعة غير مشروعة. ويجمع حزب العمال الكردستاني مئات الملايين من اليورو في أوروبا تحت مسميات مثل التبرعات أو رسوم العضوية. لكن في الواقع يتم الحصول على هذه الأموال عن طريق الابتزاز وفرض الضرائب غير القانونية. كما تشارك المنظمة في غسل الأموال وتهريب المخدرات والإتجار بالبشر فضلا عن الهجرة غير الشرعية داخل وخارج الاتحاد الأوروبي. وقال أستاذ إيتكين جيليري من معهد التفكير الاستراتيجي في أنقرة لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن رئيس الوزراء التركي لفت الانتباه إلى الجانب العالمي من مكافحة الإرهاب. وقال "الأمر بالأحرى ساذج لتكون هذه قضية وطنية. تحتاج القضية إلى دعم الشركاء الدوليين. لسوء الحظ زاد تهديد الإرهاب في تركيا بسبب سياسات الاتحاد الأوروبي التي تكيل بمكيالين". وقال جيليري "هناك دعم قوي من كل الدوائر في تركيا لحل مشكلة إرهاب حزب العمال الكردستاني في ضوء المحادثات الأخيرة." وأضاف أن أردوغان يدعو أعضاء الاتحاد الأوروبي مرة أخرى إلى تبني موقف واضح ضد حزب العمال الكردستاني. وبعد تفجير السفارة الأمريكية في أنقرة على يد جبهة حزب التحرير الشعبي الثوري في أول فبراير تشجعت تركيا لممارسة المزيد من الضغط على الاتحاد الأوروبي لأنها تشعر أن بإمكانها تعبئة المزيد من الدعم من واشنطن ضد العدو المشترك. وكان الانتحاري الذي فجر نفسه أمام بوابة السفارة الأمريكية في أنقرة عضوا في جبهة حزب التحرير الشعبي الثوري وكان يعيش في ألمانيا قبل أن يدخل بشكل غير شرعي إلى تركيا. وذكرت وسائل الإعلام التركية أن ألمانيا رفضت طلب تسليم لعديد من المشتبه بهم للشرطة التركية ومن بينهم الانتحاري الذي قام بتفجير السفارة الأمريكية. ويعتقد بعض المحللين أن انتقاد رئيس الوزراء التركي للاتحاد الأوروبي قد يكون جزئيا بدافع الاستعداد لفترة حملة الانتخابات المقبلة إذ تجرى الانتخابات المحلية والانتخابات الرئاسية والانتخابات العامة قريبا. وقال إمري أوسلو وهو خبير تركي في الشئون السياسية إن أردوغان اختار الاتحاد الأوروبي كعدو سياسي في الوقت الحالي لأغراض الحملة الانتخابية. وقال "سيواصل على الأرجح هذه الحملة ضد الاتحاد الأوروبي للتأكد من أن لديه عدوا قويا لحشد الدعم وهو يخوض حملة انتخابية جديدة". وأشار أوسلو إلى أن أردوغان الذي يدرك تراجع الدعم العام لعملية الانضمام للاتحاد الأوروبي يريد الطرق على إحباط الأتراك للاستفادة من ذلك في الانتخابات. وقال أردوغان مرارا إن تركيا قد تكثف من جهودها الرامية إلى الانضمام إلى منظمة شانغهاي للتعاون بدلا من الاتحاد الأوروبي إذا توقفت العملية مع الثاني. وحزب العمال الكردستاني الذي يسعى إلى حكم ذاتي أوسع للأكراد يقاتل الدولة التركية منذ ثلاثة عقود في صراع خلف أكثر من 35 ألف قتيل. أخبار مصر - البديل Comment *