احتفالا بذكري رحيل الكاتب الصحفي الساخر جلال عامر الذي توفي يوم 12 فبراير إثر أزمة قلبية أثناء مشاركته في مظاهرة مناهضة لحكم العسكر، أقامت جريدة "البديل" مساء أمس الاثنين، أمسية خاصة لاستعادة روحه الساخرة وأعماله التي بشرت بالثورة المصرية، شارك بالندوة أصدقاء عامر الكاتبان الصحفيان "سليمان الحكيم، مدحت الزاهد" ونجلاه "ريهام وراجي"، والكاتب الصحفي "محمد زيادة" رئيس تحرير البديل، كما شارك في الاحتفالية أيضا "فرقة بيان حالة الموسيقية التي تغنت بأغنية خاصة للراحل" يا عم جلال. قال الكاتب الصحفي محمد زيادة إن الراحل جلال عامر كان صاحب مدرسة متفردة في الكتابة الساخرة تعتمد علي التداعي الحر للأفكار والتكثيف الشديد وطرح عدد كبير من الأفكار في المقالة الواحدة وربطها معا بشكل غير قابل للتفكيك، وأشار الي تجربة عامر في "البديل" مؤكدا أن عامر كان إضافة حقيقية للجريدة. وذكر بعض أقوال عامر مثل "الجبن المصري تصنعه المصانع والجبن العربي تصنعه القصور"، موضحا ما بها من حكمة وفلسفة وقدرته غير العادية علي التلخيص. "يصعب علي أن أكون في هذا الموقف فمثل جلال عامر لا يرحل إنه آخر حبة في عنقود الكتابة الساخرة في مصر" هكذا بدأ الكاتب الصحفي سليمان الحكيم حديثه عن صديقه "جلال عامر"، حيث قال إن عامر أحد أهم الساخرين في مصر والعالم العربي وهو آخر حبة في عنقود الكتابة الساخرة في مصر التي بدأت في العصر الحديث بعبدالله النديم من خلال كتابه "التنكيت والتبكيت" مرورا بمحمد سليمان حتي محمود السعدني ومن بعده جلال عامر. وأشار إلى أن عامر كان متخصصا في اكتشاف التناقض فيما هو عادي ومألوف في مصر ومن خلال هذا التناقض سب وقذف كل ما هو قبيح في مصر بدءا من الأشخاص والأماكن والظروف حيث كان مقاله مليئًا بالسب والقذف دون أن تستطيع تأكيد أن ما يكتبه سب وقذف. وذكر الحكيم أنه كان معترضا علي أن يكتب جلال عامر مقاله في المصري اليوم تحت عنوان تخاريف وقد قال لعامر رأيه إلا أنه رد عليه قائلا "عمرك شوفت حد بيقدم شكوي في حد بيخرف ويكتب تخاريفه". وحكي عن بداية صداقته مع "عامر" حيث قال: "تعرفت عليه في الجيش، واستمرت العلاقة حتي أنهيت الخدمة العسكرية وبعد ثلاثين عاما قابلته في جريدة الأهالي ومنذ ذلك الوقت توطدت علاقتي به علي المستوي الإنساني والعملي أيضا، ولم أصدق خبر وفاته فأنا آخر واحد هيعترف ان جلال عامر مات". وقال الكاتب الصحفي مدحت الزاهد إنه تزامل مع جلال عامر في عدة صحف منها "الأهالي، البديل وفي التجمع أيضا" فوجده إنسانا راقيا جدا ومثقف ثقافة عميقة ولديه إحساس عميق بالمهمشين، مشيرا الي أنه ترك أثرا خالدا وباقيا لأن مثل جلال عامر يرحل بجسده فقط وتبقي روحه وكتاباته وأقواله التي مازلنا نذكرها . "من حسن حظ جلال عامر أنه اختار الوقت المناسب للرحيل" جملة قالها نجله "رامي جلال عامر" الذي وضح جملته قائلا: "أعتقد أن أبي اختار الوقت المناسب للرحيل لأنه لم يكن يتحمل أن يعيش مع هذه الجماعات المتطرفة التي تقدس محمد بن عبدالوهاب وتضعه في مكانة أعلي من محمد بن عبدالله ، فالصحة النفسية عند جلال عامر ارتبطت ارتباطا كبيرا بالثورة المصرية وعندما خرج أبي يوم 10 فبراير للمشاركة في مظاهرة من القائد إبراهيم الي رأس التين وكانت هناك مظاهرة أخري لتوفيق عكاشة وأنصاره وشاهد المصريين وهم يقتلون بعضهم لم يتحمل جلال عامر رؤية هذا المشهد الدموي وظل يقول "المصريين هيموتوا بعض" وخاصة عندما شاهد مذبحة بورسعيد، ولذلك أعتقد أن أبي اختار الوقت المناسب فكثير من المذابح حدثت ومع كل مذبحة كان أبي سيموت. وأشار راجي الي أن تجربة عامر في جريدة "البديل" كانت فريدة من نوعها مؤكدا أنه تلقي الكثير من العروض من صحف أخري بمبالغ مادية كبيرة ولكنه كان متمسكا بالبديل وكان يراها صوت الفقراء والمهمشين، وعن تجربة عامر في جريدة القاهرة، قال "كان العدو الرئيسي لجلال عامر في جريدة القاهرة هو الجماعات المتطرفة وكان يحاول نبذ العنف والتطرف والجهل أملا في نشر الوعي من خلال مقالاته". وذكرت ريهام إحدي بنات عامر أن والدها تعرض للكثير من السرقات الأدبية ووضحت قائلة: "أقوال ومقالات بابا تسرق وكلماته أحيانا أقرأها مانشيت في بعض الصحف ليس ذلك فقط بل كان هناك من ينتحل شخصيته ومن المضحك أن احدي السيدات ادعت أنه زوجها أثناء عمله بجريدة القاهرة . وأضافت ريهام أن والدها كان ممنوعا من الكتابة أثناء وجوده بالمؤسسة العسكرية وفي عهد مبارك كان ممنوعا من الظهور في التليفزيون ومن برامج التوك شو أيضا التي أصبح مقدمو برامجها زعماء سياسيين اليوم علي حد قول ريهام. وعن تجربة عامر في خوض الانتخابات البرلمانية قالت ريهام إن والدها لم يدخل المعركة الانتخابية للفوز بعضوية مجلس الشعب ولكنه كان يجد أن خوض هذه المعركة فرصة كبيرة له للاحتكاك بالناس وتوصيل فكره لهم وحثهم علي المشاركة الإيجابية والحصول علي حقوقهم المنهوبة، كما ذكرت أن والدها قد تلقي عرضا مباشرا للفوز في انتخابات 2010 مقابل التحاقه بالحزب الوطني ولكنه لم يهتم بهذا الأمر وظل يسخر منه. أخبار مصر – البديل Comment *