قبل استشهاد "الحسيني أبو ضيف" فارس الصحافة المصرية بأيام قليلة تكاد أن تعد على أصابع اليدين ودع الشهيد "جابر محمد صلاح" الشهير "بجيكا" شهيد أحداث "محمد محمود" الأخيرة وسار في جنازته وهو لا يعلم انه هو الشهيد القادم الذي سيسير شهيد آخر في جنازته. وأجمع الصحفيون كافة على حب "الحسيني أبو ضيف" سواء من أصدقائه أو من غيرهم لأنه لم يترك أي صديق في محنة، كما لم يرتفع صوته في حديث مع صغير أو كبير، برغم من ارتفاع صوته عاليًا مدويًا في المظاهرات والفعاليات السياسية؛ لأنه كان دمث الخلق، بشوشًا متدينًا مصريًّا حتى النخاع مؤمنًا بوحدة شعب مصر ولأنه كان معنيًا أولًا وأخيرًا بكشف الممارسات التي يقوم بها التيار المعادى لمدنية الدولة "التيار الاسلامي" لهذا كله استهدفوا البطل الشهيد الحسيني أبو ضيف. ولد الحسيني بمدينة طما بمحافظة سوهاج وكان طالب بكلية حقوق أسيوط وناشط طلّابي معروف في الجامعة باتجاهه السياسي الناصري وليس أخوانيًّا كما يدعي البعض، والانضمام إلى حركة كفايا عقب إنشائها للنضال ضد سياسات "المخلوع"، كان يقف مع طلاب الإخوان في عهد النظام السابق ضد الاستبداد وتقييد الحريّات في الجامعة ، كما وقف الحسيني في عام 2006 على سلالم نقابة الصحفيين يهتف ضد محاكمة خيرت الشاطر و 40 من قيادات الإخوان أمام محاكم عسكريّة. كان أبو ضيف دائما ما يقف في المظاهرات التي تندد بالظلم والفساد وتقييد الحريات؛ لأن قضيته هي القضاء علي الفساد ومحاربته ، وأكبر دليل على وقفه ضد الفساد إنه عندما قامت جامعة أسيوط برفع المصاريف الجامعية، قام "الحسيني" بإقامة دعوة قضائية ضد إدارة الجامعة لتقليل المصاريف لتناسب الطلاب، وكان من المعتقلين لدى أمن الدولة التي تستدعيه لأنه من منظمي الأنشطة السياسيّة بالجامعة. وشارك "الحسيني" في الثورة المصرية لإسقاط الديكتاتورية والاستبداد والظلم وتحقيق العدالة الاجتماعية والحرية وكان "يقول إلى أصدقائه " طنطاوى هو الابن البار لمبارك، وعمل على حمايته بعد الثورة، وليس من المنطقي أن ينحاز للثوار." وبعد استشهاد مينا دانيال في أحداث ماسبيروا أصبح "الحسيني" من أقرب الأصدقاء إلى "مارى دانيال" التي كان يعتبرها شقيقته محاولاً أن يخفف عنها استشهاد "مينا وكان دائماً يقول "أتركوا مارى دانيال في الصفوف الأولى تقاتل، فهي تفتقد مينا، وتريد الذهاب إليه فلا تضغطوا عليها." وقف الحسيني في الجولة الثانية لدعم محمد مرسي في انتخابات الرئاسة، ليفوز بالانتخابات للخروج من مأزق أحمد شفيق ، لكنة لم يكن يعلم أن "الرياح ستأتي بما لا تشتهي السفن" وان استشهاده سيكون على يد من أعطاه صوته ولكنه لم يستسلم كما هو معرف عنه وأدرك أن انتخابه لمرسى من اكبر الأخطاء التي ارتكبها في حق الثورة فعاد ليناضل ضد مرسي بعد أن علم بمخطاط الأخوان لإسقاط الثورة وان همه الأول والأخير هو الوصول إلى الحكم وإجهاد الثورة وشارك الحسيني في المليونيات والوقفات الاحتجاجية وكان دائماً يردد: "يسقط يسقط حكم المرشد". أخيرا وكأنه يخاطب الموت قبل نزوله إلى محيط الاتحادية ليرصد وجوه القتلة بالكاميرا الخاصة به التي اشتراها بمدخراته بعد الثورة ، كتب على حسابه في تويتر هذه آخر تويته قبل نزولي للدفاع عن الثورة بالتحرير وإذا استشهدت لا اطلب منكم سوى أكمال الثورة. وبالفعل استشهد "أبو ضيف" حيث جاءته رصاصة من مكان قريب تقصد الرأس، أدت إلى تهتك بالجمجمة ونزيف دموي غزير، وبالطبع جاء الدور على سلاحه واختفت الكاميرا وما سجله عليها،وما بها من قتله، لكن جماعة الإخوان لم تفوت الفرصة وراحت تلوح بأن «أبو ضيف» من شهداء الإخوان وأنه قتل واقفا في صفوفهم ، ولكن اثبت بالفعل كذب كلامهم فهو كان " ناصري صميم" وظل "أبو ضيف" متأثرا بجراحه في المستشفى إلى أن وفاته المنية يوم الأربعاء الموافق 12 ديسمبر ، ليكون شهيد للصحافة المصرية. فلقد ضحت الصحافة المصرية بأبناء لها ليكون أخرهم "الحسيني أبو ضيف" من أجل أن تعيش مصر حرة يتحقق فيها العدل والمساواة، يتحقق قيها حرية الصحافة واستقلال الإعلام ، وهذا ما خرج لتحقيقه ولقي حتفه وهو يناضل من اجله. إن أفضل ما نقدمه للحسيني أبو ضيف هو أن ننفذ وصيته وان "نكمل الثورة" فأيدينا جميعا ملطخه بدماء كل شهيد سقط ، ولابد أن نأتي بحقهم ولا بد أن تستمر الثورة، ومن الطبيعي أن ينجلي الظلم وتعيش مصر عصر من أزهى عصورها.. "فالثورة مستمرة". أخبار مصر Comment *