يمتد تاريخ وزارة الثقافة المصرية لأكثر من 6 عقود، منذ أن كانت وزارة تُعنى بالمعارف، وبرغم من إنتاجها لنماذج نسائية ثقافية وأدبية متميزة، إلا أن أيا منهن لم ترقَ يوما لتقلد منصب وزير الثقافة المصرية! وكأن كل الوزارات المتعاقبة ضنت بهذا المنصب على المرأة، أو استشعرت نقصا فى الطبيعة النسائية حال بينها وبين سدة الوزارة! قد يكون من المفيد العروج على تاريخ وزارة الثقافة المصرية، وحصر الوزراء الرجال اللذين تعاقبوا على تاريخها وهم 17 وزيرًا، 12 منهم قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير وخمسة وزراء بعد الثورة.. ومن المفارقة أن 10 هيئات ثقافية تابعة لوزارة الثقافة، لم تترقَّ المرأة فيها لمناصب قيادية، بينما انتزعت الدكتورة/ إيناس عبد الدائم منصب رئيس الهيئة العامة لمركز الثقافة القومى "دار الأوبرا" مؤخرا بعد كفاح تطلب 6 عقود! مر تاريخ وزارة الثقافة المصرية بسجال طويل بين دمج الثقافة والإعلام والسياحة والآثار تارة، أو تكليفها بمهمة الإرشاد القومى والاصطباغ الأيديولوجى تارة أخرى! ربما كان يقف وراء ذلك إدراك قيادة البلاد آنذاك لحجم وأهمية الدور الذى قد تلعبه وزارة الثقافة فى تثبيت دعائم النظام السياسى وإحكام قبضتة على الجماهير! جاء أول ذكر لوزارة الثقافة فى أكتوبر 1958 حين عين الدكتور ثروت عكاشة أول وزير للثقافة والإرشاد القومي حتى عام 1961 . ثم عين الدكتور محمد عبد القادر حاتم وزيراً للثقافة والإرشاد القومي عام 1962، ونائباً لرئيس الوزارة للثقافة والإرشاد القومي ومشرفا على الإعلام ووزارة السياحة والآثار عام 1964. فى العام التالى أصبح الدكتور محمد عبد القادر حاتم نائبا لرئيس الوزارء ووزيراً للثقافة والإرشاد القومي والسياحي، وعين معه في هذه الوزارة الدكتور سليمان حزين وزيراً للثقافة والدكتور عزيز أحمد ياسين وزيراً للسياحة والآثار، وأمين حامد هويدى وزيراً للإرشاد القومي.. وكانت هذه من المرات النادرة التي ضمت الوزارة فيها نائباً لرئيس الوزارة وثلاثة وزراء لهذا القطاع. عام 1966 تولى الدكتور ثروت عكاشة الوزارة وأصبح مسمى منصبه نائب رئيس الوزارء ووزيراً للثقافة حيث بدأ الفصل بين وزارة الثقافة والإرشاد القومى. فى يونية 1967 عين الدكتور ثروت عكاشة وزيراً للثقافة فقط بعد أن كان نائباً لرئيس الوزارء ووزيراً للثقافة. تولى د. ثروت عكاشة وزارة الثقافة مرة أخرى وخلفه الأستاذ بدر الدين أبو غازي فى نوفمبر 1970 حتى مايو 1971. فى مايو 1971 عين الدكتور إسماعيل غانم وزيراً للثقافة ثم تولى الدكتور عبد القادر حاتم نائب رئيس الوزارة ووزارتى الثقافة والإعلام معاً عام 1971 حتى يناير 1972. ثم جاء الأستاذ يوسف السباعي وزيراً للثقافة واحتفظ بمنصبه لمدة ثلاث سنوات متصلة. وفى مارس عام 1976 جمع كل من الدكتور جمال العطيفي وخلفه عبد المنعم الصاوي بين وزارتي الثقافة والإعلام فلم يتوليا إحداهما بدون الأخرى كل منهما بقى فى المنصب عامًا. وفى عام 1978 تم ضم وزارة الثقافة إلى وزارة التعليم والبحث العلمي وتولى هذه الوزارات الثلاث الدكتور حسن إسماعيل. وفى عام 1979 أسند الإشراف على وزارتى الثقافة والإعلام إلى الوزير منصور حسن وزير رئاسة الجمهورية وبذلك كان منصور حسن خامس وزير يجمع الوزارتين بعد كل من حاتم والسباعى والعطيفى والصاوى، وهنا تتجلى لنا اهمية تلك الوزارة للحفاظ على شكل النظام السياسى وضمان عملية صياغة العقل الجمعى المصرى وتشكيل الرأى العام الداعم للنظام انذاك. عين منصور حسن وزيراً للدولة للثقافة والإعلام عام 1980، ثم وزيراً للرئاسة والثقافة والإعلام فى يناير 1981.. ثم أسندت الثقافة (فقط) إلى محمد عبد الحميد رضوان عام 1981م، الذى احتفظ بهذا المنصب لأربع سنوات. وفى 1985 أسند المنصب إلى الدكتور أحمد هيكل الذى احتفظ بالمنصب لمدة عامين، وفى أكتوبر 1987 تولى فاروق حسني منصب وزير للثقافة ليكون صاحب أطول مدة فى تولى هذا المنصب لتقوم ثورة الخامس والعشرين من يناير لتجلب إلى سدة الوزارة 5 وزراء رجال فى أقل من عامين، فقد تولي منصب وزير الثقافة خمسة وزراء وإن ظلت أبرز إنجازات تلك الوزارات هي تعيين د. شاكر عبد الحميد لقيادتين نسائيتين هما للدكتورة كاميليا صبحي في منصب أمين عام المجلس الأعلي للثقافة، والدكتورة إيناس عبد الدايم رئيس دار الأوبرا. وقد اعتذرت الدكتورة كاميليا عن الاستمرار في السباق القيادي لظروف شخصية خاصة بها، ثم ما لبثت أن عادت إليه مؤخراً كمدير للمركز القومي للترجمة. إذا سلمنا بحقيقة انثروبيولوجية تقول : إن المرأة أكثر قدرة على الإبداع ومواجهة الجمود ودفع التطور فى المجتمعات .. تبقى الإشكالية أين الحقيقة من الحالة الثقافية المصرية الغارقة فى إقصاء المرأة واستبعادها عن الأدوار المنوطة, فى الوقت الذى تقود فيه دولا أوروبية تجارب رائدة فى تمكين المرأة، فلأول مرة في تاريخ النرويج مثلا أقدم رئيس الوزراء النرويجي على تعيين امرأة مسلمة كوزيرة للثقافة.. هادية طاجيك ذات ال 29 ربيعا!. "البديل" تطرح تساؤلا شائكا حول هذه القضية في التحقيق التالي في البداية أرجعت المستشاره تهانى الجبالى السبب إلى المرأة نفسها فعليها وحدها تقع مسئولية إثبات إنها جديرة للمجتمع وإنها "قد المسئولية"مهما تكن ولاتقبل بمنطق التسليم كأمر واقع أن تبقى خارج المنافسة مشيرة إلى أن المشكلة تكمن فى تنشئة المرأة اجتماعيا بطريقة تزرع فيها فكرة ان الاسلم ان تبقى بعيدا عن القيادة فى العمل وفى المجال العام لان ذلك يؤذى الرجل فى الحقيقة وان عليها ان تبتعد عن ايذاءه لكن لو نظرنا لها من زاوية المنطق فماالذى يؤذى الرجل اذا نجحت المرأة واثبتت جدارتها ونافسته انه فى الحقيقة يخشى منافستها لانها تسلبة جانبا من مكتسبات الرجال وهم يريدون ان يستأثروا بها لتظل المرأة فى موقع التبعية دائما والرجل فى المقدمة وتضيف الجبالي المرأه القاضية احتاجت ان تناضل لعدة عقود حتى انتزعت استحقاقها واعتلت منصة القضاء وان كانت هناك مناصب فى القضاء تحرم على المرأة الاقتراب منها والنضال مستمر حتى لايصبح المنظور الاولى هو النوع .. مؤكده الجبالى ان على المرأة فى مجال الثقافة ان تتطلع للقيادة وان تنافس من اجل الترقى وان لاتقنع بدور السنيد ولاتبقى صوتها منخفضا وساعتها فقط سنجد وزير ثقافة امرأة من جانبها قالت الدكتوره ميرفت التلاوى امين عام المجلس القومى للمرأة ترى ان مسيرة المرأة فى اعتى حضارات العالم واكثرها تطبيقا للمساواة احتاجت ان تتجاوز القرون وان المرأة المصرية تقود حركة النهضة والتطور متزامنة مع الرجل عندما ساندتة فى معركة الإستقلال بدايات القرن الماضى ولااحد ينكر انها انتزعت الكثير من حقوقها ولكن لانغفل ايضا انة لايزال المشوار طويل وبالنسبة لوزارة الثقافة فأعتقد ان المرأه حققت انجازها الاول بوصول ايناس عبد الدائم لرئاسة دار الاوبرا ولأول مرة نجد الأوبرا تخرج من عباءتها الحريرية وتنزل من برجها العاجي لتتلاحم مع البسطاء في قصور الثقافة بالمحافظات كما حدث في دمنهور لتحقيق ديمقراطية الثقافة وخلق جمهور جديد للأوبرا وماتفعلة رئيسة الاوبرا الان اكبر دليل على قدرة المرأة وجدارتها لخوض معارك الثقافة . بينما استهل الداعية الاسلامى وعضو الجبهة السلفية ناجح ابراهيم المكالمة بضحكة مطولة وكأننى اطلقت نكتة لتوى مجيبا على سؤالى بسؤال مالذى يمنعها ان تكون وزيرة ! ثم قال ان الاسلام هو صاحب الفضل فى اعادة حقوق المرأة واقرارها لتكون امرا واقعا بل وأثاب الرجل الذى يكرمها يعنى يعطيعها فوق حقها واكثر ! لكن اذا كانت المرأة ترغب ان تكون وزيرة للثقافة فلتكون "خليها توصل"فماالذى يمنعها؟! أما ايناس عبد الدائم فتري انه لكى تصل المرأة لمراكز قيادية يجب ان يكون هناك رجل يؤمن بقدرتها على خوض غمار المعركة وامكاناتها الابداعية فى معالجة المشكلات التى تواجهها لذا اعتقد ان المعركة الحقيقة تبدأ فى البيت ومن مراحل التربية الاولى للابناء لكى نجد وزيرة ثقافة ربما بعد عقد قادم؟ لكن المعركة الحقيقة من وجهة نظر عبد الدائم ان هناك حالة ردة على مكتسبات المرأة التى جنتها فى نصف قرن والمصيبة انها تتشح برداء الدين وتتخذ من الشريعة الاسلامية ذريعتها عن غير فهم لمضمون ومقاصد الشريعة ولم تنسى ان تؤكد ان على المرأة فى اى مجال ان تحقق ذاتها وتقدم نموذجا ناجحا ومتفانيا يحتذى به فالمعركة باتت حامية الوطيس بين دعاة الرجعية والابداع والتطور بينما تساءلت الكاتبة والاديبة سلوى بكر : لماذا تستبعد المرأة من موقع القرار الثقافى بصفة عامة؟ موضحة ان ثمة اشكالية ثقافية اجماعية تحيط بالمرأة تركز على قصورها وعدم جدارتها القيادية و لابد ان تتصدى المرأة لمعارك وجودها فليست المعركة الوحيدة ان المرأة ليست وزيرة وانما اين المرأة فى المؤسسات الثقافية نفسها كى تكون مطروحة ؟ وكررت تساؤلها اين المرأة فى الثقافة الجماهرية, لماذا لم تقترب مؤسسات وهيئات وزارة الثقافة من تجربة ايناس عبدالدائم, لماذا عندما يطرح اسم نسائى يتم الضغط عليها سواء أسريا أو ثقافيا او اجتماعيا لتنسحب!! واختتمت قائلة الاشكالية الاساسية تتعلق بضرورة طرح خطاب ثقافى تنويرى مدرك لدور المرأة ومستوعبا لقدراتها وجدارتها التى تؤهلها لتتأهل لمواقع قيادية. Comment *