إحالة معلم بقنا للتحقيق لاستخدامه التليفون في طابور الصباح    استبعاد 6 مرشحين من سباق انتخابات مجلس النواب بالقليوبية لعدم استيفاء الشروط القانونية    تباين أراء مسئولين في مجلس الاحتياط الأمريكي بشأن خفض أسعار الفائدة    كفر الشيخ.. تنفيذ 6 قرارات إزالة على مساحة 1300 متر بمركز الرياض    حرب النفوذ والبترول.. ما وراء التصعيد الأمريكي ضد فنزويلا؟    الهيئة الإنجيلية تشارك في دعم المتضررين في غزة ضمن مبادرة "مسافة السكة"    أوربان يدعو أوروبا إلى بدء مفاوضات مع روسيا بدلا من الغطرسة وتأجيج نيران الحرب    السفير حسام زكي: الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة موضوعية وتركز على عدم التهجير    مباحثات بين روسيا و المغرب بشأن الأوضاع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    انتظام شيكو بانزا وبنتايك في تدريبات الزمالك    فيريرا: شيكو بانزا يحتاج لمزيد من الجهد للعودة لتشكيل الزمالك الأساسي    وفاة شاب في حادث دراجة نارية بطريق الملاحة بطنطا    أول بيان من الداخلية بشأن واقعة منع مسن من ركوب أتوبيس    إطلاق الموقع الإلكتروني الرسمي للمتحف المصري الكبير استعدادًا للافتتاح المنتظر في نوفمبر المقبل    قافلة "مسرح المواجهة والتجوال" تصل رفح دعمًا لأطفال غزة    "الأنصاري" و"قنديل" يناقشان آليات الارتقاء بالخدمات الصحية المقدمة لمواطني الفيوم    رئيس النواب: أتهيأ لأن أضع القلم الذي خدمت به الدستور والقانون    بوتين: روساتوم تستحوذ على 90% من السوق العالمية لبناء المحطات النووية    وعظ كفرالشيخ يشارك في ندوة توعوية بكلية التربية النوعية    جامعة قناة السويس تطلق فعاليات«منحة أدوات النجاح»لتأهيل طلابها وتنمية مهاراتهم    وفد بيراميدز يجري جولة تفقدية لملاعب التدريب في قطر قبل مباريات الإنتركونتيننتال    ترتيب هدافي الدوري المصري قبل انطلاق الجولة ال 11    محامي زيزو ل"اليوم السابع": أدلة مستحقات اللاعب في اتحاد الكرة    رئيس الوزراء: الأمن المائي ليس مجالًا للمساومة.. والنيل بالنسبة لمصر قضية وجود لا تقبل المغامرة    محافظ كفر الشيخ يناقش موقف تنفيذ مشروعات مبادرة «حياة كريمة»    ضبط معمل تحاليل غير مرخص بإحدى قرى سوهاج    محافظ الجيزة يوجه بسرعة تجهيز مبنى سكن أطباء مستشفى الواحات البحرية    مقتل 40 مدنيا قبل الهدنة فى الاشتباكات على الحدود بين أفغانستان وباكستان    آمال ماهر نجمة افتتاح مهرجان ومؤتمر الموسيقي العربية    مايا دياب ل يسرا: محظوظين بأسطورة مثلك    تطورات جديدة في الحالة الصحية للإعلامية آيات أباظة.. اعرف التفاصيل    يروى تاريخ الإمارات.. متحف زايد الوطنى يفتح أبوابه فى 3 ديسمبر    سحر نصر: نبدأ مسيرة عطاء جديدة في صرح تشريعي يعكس طموحات أبناء الوطن    روما يقترب من استعارة زيركيزي لاعب مانشستر يونايتد في يناير    جامعة أسيوط تجري أول جراحة باستخدام مضخة «الباكلوفين» لعلاج التيبس الحاد    في يوم الأغذية العالمي| أطعمة تعيد لشعركِ الحياة والطول والقوة    بطلها حسام عبد المجيد.. صفقة تبادلية بين الزمالك وبيراميدز    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-10-2025 في محافظة الأقصر    طنطا تستقبل عشرات الزوار من السودان للمشاركة في الليلة الختامية لمولد السيد البدوي    قرار جمهوري بترقية اسم الشهيد اللواء حازم مشعل استثنائيا إلى رتبة لواء مساعد وزير الداخلية    «حظهم وحش».. 3 أبراج تفشل في العلاقات والحب    الصحة: فحص 19.5 مليون مواطن ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي    كيف ظهرت سوزي الأردنية داخل قفص الاتهام فى المحكمة الاقتصادية؟    بيان عملى وتوعية ميدانية.. الحماية المدنية تستقبل طلاب مدرسة بالمنوفية    كامل الوزير: تجميع قطارات مترو الإسكندرية بنسبة 40% تصنيع محلى    «سيدات يد الأهلي» يواجه «فلاورز البنيني» بربع نهائي بطولة إفريقيا    الداخلية تكشف ملابسات فيديو سائق ميكروباص بالبحيرة رفع الأجرة وحمّل ركابًا أكثر من المقرر    الداخلية تكثف حملاتها لضبط الأسواق والتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز    وكيل النواب يستعرض تقرير اللجنة الخاصة بشأن اعتراض الرئيس على الإجراءات الجنائية    وزير الاستثمار يعقد مائدة مستديرة مع شركة الاستشارات الدولية McLarty Associates وكبار المستثمرين الأمريكين    إحالة مسؤولين في المرج والسلام إلى النيابة العامة والإدارية    الأهلي: لا ديون على النادي وجميع أقساط الأراضي تم سدادها.. والرعاية ستكون بالدولار    350 مليون دولار استثمارات هندية بمصر.. و«UFLEX» تخطط لإنشاء مصنع جديد بالعين السخنة    بعد توقف 7 سنوات.. انطلاق الدورة الرابعة من معرض الأقصر للكتاب    شوقي علام: سأنضم للجنة الشئون الدينية بالشيوخ لمواصلة الجهد الوطني في مجال الدعوة    الصحة تنصح بتلقي لقاح الإنفلونزا سنويًا    مشكلة الميراث    .. ورضي الله عن أعمال الصالحين الطيبين لاغير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باسل رمسيس : لا نملك إلا الثورة
نشر في البديل يوم 27 - 07 - 2012

أنه الصيف الثاني للثورة المصرية.. مازال البعض يسمون الموجة الثورية "الربيع العربي".. ولم ينتبهوا إلي تتابع الفصول. صيف خانق وحار، ويحمل معه الجديد. الجديد هو نوع من النمل لم يره أغلبنا من قبل.. أكبر من النمل العادي، ويشبه الصراصير الصغيرة. نمل طائر يجتاح البيوت غير المحصنة جيدا، البيوت القديمة، أو بيوت الفقراء، بأعداد كبيرة. ربما تأخذ بين يديك مخدة أو مسندا لتجده تحتها. والناس يحاولون مقاومته، لا يعرفون كيفية القضاء عليه، لكنهم يجربون.
لا يتميز صيف 2012 فقط بالحر والنمل.. دائما ما يكون الصيف المصري خانقا ومتعبا ومرهقا. الصيف السابق كان حارا أيضا، لكنه لم يكن خانقا، كان معبئا بآمال جديدة في إنجاز الكثير، العشرات من الإضرابات الأسبوعية، مظاهرات، احتجاجات، مطالب.. وكنا ننتزع بعض المكاسب. تحدث أشياء لا نفهمها، لكننا كنا واثقين من إننا الكارت الحاسم.
عاد مرة أخري سؤال المليون: انهزمنا أم انتصرنا؟انتهت ثورتنا أم لم تنته؟ لا يعنيني حقيقة هذا السؤال.. تضايقني بعض الإجابات، لكنني أتجاوزها سريعا. فأنا قادر، غالبا، علي شحن طاقتي من جديد. لكنني أفشل أحيانا.
الإرهاق هو العنوان، وهو المنهج الذي استخدمه العسكر والنظام والدولة الأمنية ورجال الأعمال، والإسلاميون.. وأثبت فاعليته. إرهق الناس بشكل مستمر.. استنزفهم بكل الطرق. مررهم بالماء الساخن جدا، لتخرجهم إلي البرودة المطلقة، وسيقبلون بك حتما. إقتلهم من حين إلي آخر، مرر كل أنواع الشائعات المتناقضة، وإغرقهم في المعلومات والأحداث، سيتوهون، ولن يفهموا ما يحدث.. سيصيبهم الصداع ووجع القلب.. فيقبلون بك من جديد. قم باصطياد بعضهم، لمعهم، امنحهم بعض المناصب، إشهرهم، إظهرهم طيلة الوقت في مولد الثورة الفضائية.. إجعلهم يصدقون أنهم قادة. لوح لهم ب "السبوبة".. فيتبعك الأكثر انتهازية وغباء.. ويسيل لعابهم أمام "السبوبة".. حتي وإن كانت تافهة. أما الجموع التي تتأمل المشهد، فإنها ستحبط في هذه اللحظة. والأهم هو ألا تشعر هذه الجموع أبدا بنشوة الانتصار.
ماذا لو قال لي أحد الأصدقاء، قبل عامين، أنني سوف أحب الأولتراس الكروي، وأبكي معهم؟ كنت سأجيبه غالبا: (أنت أهبل يا بني؟ أنا ولا باحب الكورة ولا باحب الأولتراس).. ربما كانت هذه هي إجابتي منذ عامين.. لكننا أحببنا الأولتراس.. مشينا في تظاهراتهم، ووقفنا أمام النادي الأهلي مرات، منتظرين أن يقودونا. وبكينا مع الأولتراس الذين هم منا.. الذين أشهروا حريتهم وحريتنا.. الذين تحولوا إلي فرسان لهذه الثورة.. هؤلاء الشباب الذين يكمنون وقتا، وفجأة، وعند المواجهة، تجدهم في الصفوف الأولي، فتشعر في وجودهم بالأمان.
فتي لا يملك إلا ثمانية عشر عاما.. رأي رفيقه وعضو مجموعته في الأولتراس يقتل أمامه، لم يأخذ بتاره بعد، ويعلم أن تاره هو أن "يقتل" هذه الدولة التي قتلت رفيقه، وأن يغيرها تماما، بماذا سيفكر حين يدخل سريره ليلا؟ ماذا سيفعل حين يوقفه من جديد الضابط المتعجرف ليسأله عن بطاقته؟ لن أتحدث عن مئات الآلاف من العمال والموظفين الذين يخوضون يوميا إضرابات.. مع استمراريتها ستحسم انتصارنا.. أكتفي بهذا الفتي. هذه هي طاقة الثورة. نعم، فقد بدأنا ما لا نملك رفاهية التراجع عنه، حتي وإن أردنا. ونحن ننتصر بهذه الطاقة.
قبل عشرة أيام كنت في تونس. قضيت هناك عدة أيام. ذهبت خائفا من أن أخرج منها بالعبارات التقليدية: (ثورة تونس أقوي من ثورتنا)، (التوانسة أجدع من المصريين).. إلي آخره. لم يحدث. خرجت محبا لتونس. أحببتها بسبب هؤلاء الشباب والشابات الذين قضيت معهم أياما متواصلة، نعمل ونضحك ونفكر ونتحاور. أحببتهم لأنهم مثلنا، لديهم نفس المخاوف والآمال والآلام والإحباطات. يرون ثورتهم بحزن، لأنها لم تحقق بعض ما كانوا يطمحون إليه.. ويتعاركون نفس معاركنا. يعلمون مثلنا أنهم لا يملكون سوي استكمال ثورتهم.. يعلمون أنهم لا يمتلكون إلا الثورة.
النمل مرة أخري:
ليس اجتياحا من قبل السياسيين الجدد وفقط. أو مجرد عودة للسياسيين القدامي، بفجاجتهم التي تنتمي لما قبل سقوط مبارك. إنما هو اجتياح من النمل أيضا. الأغنياء في بيوتهم المكيفة، المعزولة، قادرون علي مقاومة كل أنواع النمل.. يغلقون نوافذهم، يشغلون المكيفات، أو يهربون إلي المنتجعات الصيفية. يعلمون أنهم قادرون علي حماية طرقهم في الحياة داخل هذه المنتجعات الصيفية، وداخل المنتجعات الدائمة في المدن الجديدة، بقية العام. هؤلاء لا يعانون من النمل. لكن ماذا عن الآخرين، غير المحميين من كل أنواع النمل؟
الفقراء ومن ينتمون لهم يجربون البيروسول.. ولا ينفع. يجربون سوائل بيضاء مسممة وخانقة، بدأت تظهر في الأسواق. سوائل تقتل النمل وربما تقتلهم أيضا، إن ناموا في هذه الغرف مع هذه الرائحة. يخرجون من حين إلي آخر إلي الشوارع لمقاومة النمل السياسي الطائر المقزز.. يتأملون المشهد بمرارة من تصور أنه أصبح حرا تماما.. واكتشف وهمه. يغضبون، يحبطون، يبكون.. ويتظاهرون أحيانا.. فيسقط بعضهم.
نتعلم أن الحل الوحيد هو حرق منبع النمل.. نتعلم أن علينا أن نستعد للثورة.. لا يعنينا إن كانت ثورة جديدة، أو مرحلة جديدة من الثورة الأولي.. لا يعنينا سوي أن نتعلم أننا لا نملك إلا الثورة.
[email protected]
Comment *


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.