نشرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز مقالا افتتاحيا تقول فيه أن العلاقة بين الولاياتالمتحدة ومصر تمر بأوقات صعبة جدا نتيجة لعدد من الصعوبات التى تواجه العلاقات المصرية الامريكية , وذلك قبيل الزيارة المرتقبة لوزيرة الخارجية الامريكية هيلارى كلينتون . فتعتبر الصحيفة أنه مهما كان ما تحمله وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون فى حقيبتها خلال زيارتها لمصر ، فانه لن يكون كافيا لأصلاح ما تعانيه العلاقات المصرية الامريكية . وتشير الصحيفة الى أنه بعيدا عن الابتسامات الدبلوماسية والشكليات والمجاملات المحيطة بزيارة كلينتون , هناك ثلاثة تناقضات أساسية من المرجح أن تحافظ على بقاء علاقات الولاياتالمتحدة مع مصر في حالة ركود لبعض الوقت في المستقبل . ويجب على الولاياتالمتحدة الاعترف بوجود هذه المشكلات والتناقضات ومواجهتها عاجلا وليس آجلا . وتقول لوس أنجلوس تايمز أن أولى هذه التناقضات هى مشكلة الديمقراطية . فالأخبار السارة هى أن مصر منذ رحيل مبارك أصبح لديها سياسات تنافسية ، بينما الأخبار السيئة هى أن القوتين المتنافستين - الجيش والاخوان المسلمين – هما غير ديمقراطيتين بصورة متأصلة ، وربما حتى مناهضين للديمقراطية ، في البنية والفلسفة الايدلوجية . وتضيف أن هذين القوتين -- احيانا بالتنافس وأحيانا بالمواجهة -- مصممين على حماية مصالحهم الخاصة على حساب رؤية وطنية حقيقية لمصر . فى حين أن الضحايا في هذه اللعبة الطويلة هم مؤسسات الدولة المصرية -- البرلمان والجمعية الدستورية والمحاكم – التى الان يتم أنتزاع شرعيتها على نحو متزايد . بينما الأحزاب الاكثر علمانية وليبرالية هى مشتتة جدا وسيئة التنظيم لتملك القدرة على المنافسة حقا . وترى الصحيفة أن الولاياتالمتحدة هى الان عالقة في منتصف لعبة صعبة بين الاسلاميين والجنرالات . وعلى الرغم من أن كلينتون سوف تقول كل الأمور الصحيحة , الا انها محاصرة بين الإسلاميين الذين من المحتمل لا يمكنها أن تشاركهم نفس قيمهم ( على سبيل المثال المساواة بين الجنسين ) ، وبين الجنرالات التى تعتقد أنهم يقوضون الأمل في التغيير الديمقراطي ولكنها فى نفس الوقت هي بحاجة اليهم للحفاظ على مصالح الولاياتالمتحدة الأمنية ومعاهدة السلام مع اسرائيل . وتتابع الصحيفة أن كلينتون تستطيع ان تلقى خطبا مثيرة حافلة بالدفاع عن الديمقراطية ، ولكن إدارة أوباما تفتقر النفوذ الحقيقي ، أو على الأقل تفتقر النفوذ التى يمكنها أستخدامه . حيث أن ال 1.5 مليار دولار المساعدات العسكرية الامريكية لمصر سوف تستمر فى التدفق لأنه بدونها لن يكون للولايات المتحدة أي نفوذ أو تأثير ، كما أن الإسرائيليين يريدونها ان تستمر . وتتسائل الصحيفة انه بعد أن قامت أمريكا بتقديم الكثير من المساعدات لحسني مبارك الاستبدادي ، كيف يمكنها أن توقفها الان فى الوقت الذى تحاول فيه مصر تحقيق الديمقراطية ؟ . وهل امريكا ستستمر فى فعل ما في وسعها لدعم مصر اقتصاديا – مثل الإعفاء من الديون وما إلى ذلك - حتى لو يتحول قادة جماعة الإخوان المسلمين بسرعة الى ديمقراطيين ؟ . لذلك – تقول الصحيفة – الولاياتالمتحدة بالفعل عالقة . وتقول الصحيفة أن ثانى التناقضات تتمثل فى مشكلة اسرائيل , مشيرة الى انه من الواضح جدا أن الحميمية فى العلاقة بين الولاياتالمتحدة ومصر بدأت كنتيجة مباشرة لمعاهدة السلام المصرية الاسرائيلية . وتعتبر انه بدون أنور السادات ومناحيم بيجن ، لما كان هناك أي مساعدة عسكرية واقتصادية لمصر كل تلك السنوات منذ اتفاقات كامب ديفيد عام 1978 ومعاهدة عام 1979 بين مصر وإسرائيل . وتسائلت الصحيفة عن مدى امكانية بقاء العلاقة بين الولاياتالمتحدة ومصر على قضبان الطريق الصحيح اذا تدهورت العلاقة بين مصر وإسرائيل ؟ . وتشير لوس أنجلوس تايمز الى أن الجيش سوف يلتزم بنص المعاهدة ، ولكن قد يتم تطويقها لأن الرأي العام المصري يلعب دورا كبيرا في تحديد اللهجة تجاه اسرائيل . فقد كان من الصعب جعل مبارك يقوم بزيارة إسرائيل أو استقبال رؤساء وزراء اسرائيليين . فدعونا نرى كيف سيفعل الرئيس المنتخب حديثا محمد مرسي . وترى الصحيفة أن التناقض الثالث يتمثل فى مشكلة كراهية المصريين للسياسة الامريكية . حيث أنه فى ظل حكم مبارك نحن يمكننا أيجاد تفسير منطقى لحقيقة أن معظم المصريين لا يعجبهم سياسة أميركا في الشرق الأوسط . لكن الآن هذا لن يكون أمرا سهلا . ففي أحدث استطلاع للرأى أجراه مركز بيو ، كان 76٪ من المصريين لديهم نظرة سلبية مناهضة لإدارة أوباما . لذلك ليس فقط الخطاب المصري سوف على الارجح يكون أكثر حدة ، الا انه قد يكون هناك ايضا المزيد من الدراما ، مثل قضية العاملين الأميركيين فى مصر , التي لم يتم إغلاقها حتى الآن أو تعهد مرسي بالسعى لاطلاق سراح " الشيخ الكفيف عمر عبد الرحمن " الذي كان متورطا في تفجير مركز التجارة العالمي عام 1993 من سجن الولاياتالمتحدة . وتختتم الصحيفة مقالها بالقول انه أنطلاقا من كل ما سبق ذكره , فان العلاقات بين الولاياتالمتحدة ومصر هى فى أوقات صعبة جدا . وعلى الأرجح سوف يتعين علي الولاياتالمتحدة القيام ببعض التنقل والمزج البارع جدا لإدارة هذه العلاقة والسيدة وزيرة الخارجية الامريكية يتعين عليها ان تستعد لهذه المهمة . Comment *