المسلماني: خطاب الرئيس السيسي في قمة بغداد عبر عن ضمير 400 مليون عربي    ذهاب نهائي الكونفدرالية، نهضة بركان يتقدم على سيمبا بثنائية في الشوط الأول    عمرو وهبي: لم أرى أى ظروف قهرية في أزمة القمة بين الزمالك والأهلي    التربية والتعليم تنشر نموذج امتحان البوكلت في ال math للشهادة الإعدادية    حكاية عروس بولاق قتلها زوجها بعد أيام من الزواج بسبب "العيال"    أخبار الفن اليوم: سر استمرار نجومية الزعيم 60 سنة.. تفاصيل وموعد عرض حلقات مسلسل «بطن الحوت».. و"القاهرة السينمائي" يفوز بجائزة أفضل جناح في سوق مهرجان كان    معيط: صندوق النقد لا يتدخل في سياسات الدول وتوقعات بتحسن الاقتصاد المصري    أمل عمار: عرض منتجات السيدات بالمتحف المصري الكبير    افتتاح ورشة عمل بكلية دار العلوم ضمن مبادرة «أسرتي قوتي»    كوريا الشمالية.. تدريبات جوية ويدعو لرفع حالة التأهب القتالي للجيش    استثناء المرتبات.. طلب عاجل من «النواب» ب إيقاف المعاملات البنكية وتجميد الحسابات في ليبيا    معابر مغلقة وحرب مستمرة.. إلى أين وصلت الأزمة الإنسانية في غزة؟    الجامعة العربية: مستوى التمثيل في القمم لا يجب أن يُقاس بالمثالية    موعد مباراة الدرع الخيرية بين ليفربول وكريستال بالاس    د. أيمن عاشور يقود نهضة التعليم العالي في مصر بتوجيهات رئاسية    نقابة المهندسين تتضامن مع المحامين في أزمة رسوم التقاضي الجديدة    تفاصيل لقاء بطاركة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية بالشرق الأوسط في مركز لوجوس بوادي النطرون    محمد عمران رئيسًا.. "الجبهة الوطنية" يعلن تشكيل أمانة الشباب المركزية    استئناف زينة على نفقة توأمها ضد أحمد عز.. أولى الجلسات 25 مايو    "طفشانين من الحر".. أطفال الزقازيق يهربون إلى مياه بحر مويس للتغلب على ارتفاع الحرارة -صور    مصرع ربة منزل سقطت عليها نخلة بالقليوبية    خبير اقتصادي يكشف توقعات قرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة    قبل حفلهما الغنائي.. تامر حسني يفاجئ محبيه بمقطع طريف مع كزبرة | شاهد    رئيس جامعة الأزهر يكشف الحكمة من تغير أطوار القمر كما ورد في القرآن    أمين الفتوى يوضح أهمية قراءة سورة البقرة    الشيخ رمضان عبد المعز: "اللي يتقي ربنا.. كل حاجة هتتيسر له وهيفتح له أبواب ما كانش يتخيلها"    رئيس جامعة طنطا خلال زيارة طالبات علوم الرياضة: تحركنا لصالح بناتنا    فرحة في الأوليمبي بعد صعود فريق السلة رجال لدورى المحترفين رسمياً (صورة)    موعد عيد الأضحى 2025 ووقفة عرفات فلكيًافي مصر والدول العربية    مصر تفوز بجائزة أفضل جناح فى مهرجان كان 78.. حسين فهمى: التتويج يعد اعترافا عالميا بالمكانة التى تحتلها السينما المصرية اليوم.. ووزير الثقافة: الفوز يسهم فى إبراز مصر كوجهة جذابة للتصوير السينمائى    لميس الحديدي: الرئيس السيسي عبر عن موقف مصر في قضايا المنطقة بكل وضوح    السودان يتهم الإمارات بطرد واحتجاز دبلوماسيين بالمخالفة ل اتفاقيات فيينا    سوء الأحوال الجوية في دمياط.. إصابة سيدة جراء سقوط لافتة إعلانية    زواج سري أم حب عابر؟.. جدل قديم يتجدد حول علاقة عبد الحليم حافظ وسعاد حسني    عالم أزهري: «ما ينفعش تزور مريض وتفضل تقوله إن كل اللي جالهم المرض ده ماتوا»    داعية: وجوب تقسيم الميراث على وجه السرعة لهذا السبب    محمد رمضان يكشف عن صورة من كواليس فيلم أسد وعرضه بالسينمات قريبا    هيئة الخدمات البيطرية تكشف حقيقة نفوق الطيور في مزارع الدواجن    إصابة 48 طالبة.. رئيس جامعة طنطا يطمئن على الحالة الصحية لطالبات «تربية رياضية»    المسار الأخضر نقطة انطلاق الصناعة المصرية والصادرات    القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى يشهد مناقشة البحث الرئيسى لهيئة البحوث العسكرية    كواليس جلسة الرمادي مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة بتروجيت    مستشار رئيس الوزراء العراقي: قمة بغداد تؤكد أهمية التضامن العربي في مواجهة الأزمات الإقليمية    3 أمناء مساعدين بالجبهة الوطنية.. زكى والصريطي للفنون وضيف الله للتنظيم    الهلال الأحمر يشارك في احتفال سفارة أيرلندا ب50 عامًا على العلاقات مع مصر    تشييع جثمان ابن شقيقة الفنان الراحل عبدالوهاب خليل بكفر الشيخ (صور)    قائد تشيلسي: مصير المشاركة في دوري أبطال أوروبا بأيدينا    الزمالك يتحرك لحل أزمة مستحقات ميشالاك قبل عقوبة "فيفا"    فابريجاس: أريد تحقيق المزيد ل كومو.. وتحدثت مع أندية آخرى    اليوم وغدا.. قصور الثقافة تحتفي بسيد حجاب في مسقط رأسه بالدقهلية    مصرع طفل غرقا فى نهر النيل بمنطقة الحوامدية    "وقاية النباتات" ينظم برنامجا تدريبيا لتعزيز الممارسات الذكية في مكافحة الآفات    وكيل الزراعة بالبحيرة يوجه بسرعة توزيع الأسمدة وإزالة التعديات على الأراضي الزراعية في حوش عيسى    مخرجش من المنهج.. ردود أفعال طلاب الشهادة الإعدادية الأزهرية بسوهاج بعد امتحان مادتي اللغة العربية والهندسة "فيديو"    رئيس الوزراء يتفقد أعمال التطوير في منطقة السيدة عائشة وطريق صلاح سالم    قصر العيني يحتفل ب 80 عامًا على تأسيس قسم المسالك ويطلق برنامجًا لأطباء الامتياز    موجة شديدة تضرب البلاد اليوم| وتوقعات بتخطي درجات الحرارة حاجز ال 40 مئوية    اللقب مصري.. نور الشربيني تتأهل لمواجهة هانيا الحمامي في نهائي بطولة العالم للاسكواش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باسل رمسيس: تأملات شخصانية – 1: المشير.. بكري.. الجبالي.. واليمامة التي طارت
نشر في البديل يوم 07 - 03 - 2012

تقول الأغنية التراثية: (يمامة بيضا.. ومنين أجيبها.. طارت يا نينة.. عند صاحبها).. طارت اليمامة الأسبوع الماضي، ذهبت في الطائرة العسكرية.. أنهت تعسفيا معركة “تحرر مصر وسيادتها”.. وتركتنا لنتساءل إن كانت هذه المعركة حول كرامة الوطن، العمالة لأمريكا، سيادتنا الوطنية، ورفض التدخل الأجنبي في هذا البلد، الذي لا يركع.. قد انتهت لأنها استنفدت أهدافها؟ أم أنها أنهيت بهذا الشكل المرتبك، لخطأ ما؟ أم أن الأخوة الأشقاء في المخابرات الأمريكية، الذين يحددون للمجلس العسكري كل خطواته وسياساته، قد أمروه باغلاقها بهذا الشكل، لغرض ما؟
فلنترك اليمامة لتطير براحتها، ونبقي هنا لنتساءل عما يجمع بين المشير طنطاوي ومصطفي بكري والمستشارة تهاني الجبالي. هل السمة المشتركة هي الجعجعة؟ أم أن هناك سمات أخري؟
في عام 1991، خلال حرب الخليج الأولي، كان أحد زملائنا في جامعة عين شمس، يعمل في جريدة مصر الفتاة. وكان مصطفي بكري يدير هذه الجريدة، بالإضافة لعمله كمراسل لإذاعة مونت كارلو من القاهرة. كنا نقوم بتنظيم المظاهرات المناهضة لحرب الخليج، وللمشاركة المصرية فيها، داخل جامعتنا، وكانت أضعف من نظيراتها في جامعات أخري. إن شارك في أحدها، علي سبيل المثال، ألف طالب، كنا نتصورهم ألفين، بسبب الحماس، وبسبب القليل من المبالغة الشبابية. فيقوم زميلنا الصحفي بإبلاغ مصطفي بكري بهذا الرقم. فنجده في المساء، يعلن عن مظاهرات شارك بها أكثر من خمسة آلاف طالب.. خرجوا للشوارع.. اصطدموا بالأمن.. ومازالت المعارك جارية بين الأمن والطلاب!!! بينما نحن قد وصلنا لبيوتنا منذ ساعات طويلة. وكان كل هذا مصاحبا لأغنية فيروز: بكرة لما بيرجعوا الخيالة. وأحيانا ما كان يختلط صوت مصطفي بكري مع صوت ياسر عرفات، مناديا: يا صدام يا جبل ما يهزك ريح. أو بصوت القذافي مهددا الولايات المتحدة والجميع بأنه سيفجر الثورة العالمية، التي لم تنفجر أبدا.
هل كان مصطفي بكري وطنيا متحمسا، ومبالغا مثلنا؟ لم نكن نفهم وقتها هذه الشبكة الجهنمية من العلاقات، من ليبيا، إلي العراق، مرورا ببعض دوائر المخابرات المصرية.. دون إغفال البيزنيس، والنجومية، والأسباب التي تدفعك لأن تحني رأسك، فيما بعد، أمام جمال مبارك. فالبحث عن سيد، أو ممول، هي رغبة مشتعلة، أكثر قوة من الجنس، تلتهب داخلك، إن لمستها ولو مرة واحدة.
علي نفس الناصية، تقف السيدة المستشارة تهاني الجبالي، التي لا يمكن اتهامها بالفساد المالي. لكنها لا تنام الليل بسبب القلق علي هيبة الدولة، وتماسكها. مرعوبة من المؤامرات التي تهدد “دولتها”، ويتم استخدام أطفال الشوارع كأداة بها – هذا ما قالته وقت أحداث القصر العيني ومجلس الوزراء – فتعجز عن فهم خطاب المستشارة، إلا عندما تلاحظ أن هذه الدولة تضيق تدريجيا، فتصبح في نسختها الأخيرة المشير ومجلسه العسكري. سيادة القاضية لا تنسي بالطبع، وبحكم وظيفتها، القضاء المصري الشامخ، المستقل، والنزيه.. فتراه إحدى الدعامات القليلة الباقية من هذه الدولة. وقد أصابت، فهاهم أطفال الشوارع، وليس المشير طنطاوي، قد دمروا الدولة، انتهكوا القضاء واستقلاليته ونزاهته.. ورموا كل هذا في الزبالة، في اللحظة التي طارت فيها اليمامة عند صاحبها.
المستشارة مثقفة، وتتحدث بلباقة.. وهو ضروري. أما النائب متعدد الوظائف، فهو شعبوي.. يقول أي كلام، ويتواءم كلامه مع أي موقف. هو عبارة عن ميكروفون زاعق بلهجة صعيدية. يقوم بتعطيش الجيم افتعالا، كي يصدقه البسطاء في هذه القري البعيدة، ويرونه ابنهم البار، فلا يسألونه عن علاقاته السابقة بالقذافي أو بصدام حسين أو بجمال مبارك. لا تجعله الثورة ينكمش، بل يتمدد أحيانا، ليغازلنا نحن، أبناء المدن. فيشهر وطنيته ودماثته، أثناء حواره مع الرويني، حين يبدأ الأخير في الهجوم علي تميم البرغوثي، مصححا له: (سيادة اللواء.. الشاعر تميم البرغوثي هو مصري، هو ابن أستاذتنا الأديبة رضوي عاشور، وشاعرنا الفلسطيني مريد البرغوثي!!!).. في خلطة فريدة من الدماثة، والشهامة، والثقافة، والبعد القومي العربي
الجعجعة “الوطنية” هي أحد الجوانب المشتركة بين مصطفي بكري وتهاني الجبالي. لكن المشير لا يشاركهما هذه الصفة.. هو صامت، لا يتحدث، وإن فعل فتكفيه كلمات قليلة مضطربة وخافتة.. يحتاج لمن “يجعجع” له.. يحتاج للموظفين، ممن يرونه كسيد، مثلما كان حاله هو شخصيا مع مبارك. سيادة المشير لا يملك أن نوع من أنواع الكاريزما، أو المواهب السياسية، كان يقف في الظل دائما، وراء السيد. لا يملك اللون أو الطعم أو الرائحة التي تجعله شبيها بعمر سليمان، علي سبيل المثال. أنه موظف وضعه مصيره وطموحه المهني في موقع المسؤول عن دفاتر الجيش، وليس السياسة. فالسياسة يلعبها الآخرون. ويأتي المصير مرة أخري ليجعله في لحظة ما واجهة للانقلاب العسكري، الذي استهدف إجهاض الثورة.
أبواق الجعجعة المزعجة، لن تنتهي مبكرا، فدولة الاستبداد الفاسدة والهزيلة والمتداعية، تحتاجها لتدعيم الحالة الفاشية.. بالرغم من اعتقادي بأن المشير نفسه سيرحل قريبا، حين ينهي دوره في إعادة التماسك، النسبي، لهذا النظام، بعد الضربة الموجعة التي تلقاها. لم أصدق أبدا مزاعم ارتباك المجلس وحسن نيته. وأعتقد أنه كان واضحا للكثيرين منا، أن هذا المجلس بمشيره وبأعوانه هم مجرد أعداء، أو وكلاء للعدو، علي أقل تقدير. هم قليلو المواهب والخبرات للدرجة التي لا تجعلهم قادرين علي أكثر من لعب دور الواجهة، المؤقتة، لنظام لا يستطيع التماسك، والعيش من جديد، دون الارتباط بمصالح الشركات والاحتكارات الدولية الكبري والمشبوهة.
إذا، ما الذي يجمع الثلاثة؟ هل تجمعهم حقيقة أن لكل منهم سيدا؟ لهذا تحديدا لا يمكن سؤالهم عن سبب تصنيع حادثة “اليمامة البيضا”.. أو عن السبب في تطيير اليمامة في هذا الوقت بالذات، وبهذه الطريقة التي فضحت ما يتم تسميته بهيبة الدولة والقضاء. هل نسأل المخابرات الأمريكية إذا؟ أم نسأل عمر سليمان وعمرو موسي؟ لنترك هذا السؤال الأخير، فهو موضوع تأملات شخصانية تالية.
بمناسبة اليمامة، ربما وجب التذكير بالمثل الشعبي القائل: الحداية مبترميش كتاكيت.
باسل رمسيس
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.