كشفت إحصائيات وتصريحات رسمية، مدعومة بشهادات معلمين وأولياء أمور، تفشي ظاهرة الأمية لدى طلاب المرحلة الإعدادية في مختلف محافظات مصر، وبرغم مضي من 6 إلى 9 سنوات دراسية تشمل المرحلتين الابتدائية والإعدادية، فإن نسبة كبيرة من الطلاب لا يجيدون القراءة والكتابة، حتى إن بعضهم لا يعرف أسماء المواد الدراسية، ولا يفرقون بين أفرعها وأقسامها ومناهجها. إحصائيات ورغم تطبيق الوزارة منذ عدة سنوات لبرنامج القرائية المعني بمهارات القراءة والكتابة، إلا أن نتائج امتحانات الفصل الدراسي الأول لطلاب الصف الأول الإعدادي بعدد من مدارس أسيوط كشفت أن 30% من الطلاب لا يجيدون القراءة والكتابة، وبالتالي يرسبون عند انتقالهم للصف الأول الإعدادي مع أول امتحان «تيرم»، وأرجع المسؤولون السبب الرئيسي في ذلك إلى نظام النجاح المتبع في المرحلة الابتدائية، إضافة للكثافة الطلابية والعجز في أعداد المعلمين. الدكتورة هناء سالم المسؤولة عن مشروع «القرائية» بوزارة التربية والتعليم قالت إن الدراسات الخمسية التي قامت بها الوزارة بداية من عام 2010 كشفت أن نحو 85% من تلاميذ التعليم الأساسي بمرحلتيه الابتدائية والإعدادية، و35% من طلاب المرحلة الثانوية، لا يجيدون القراءة والكتابة. بشهادة المدرسين وأولياء الطلاب أحمد أبو النصر مدرس اللغة العربية بمدرسة طارق صالح الإعدادية بنين بالجيزة قال ل«البديل» إن المشكلات الإملائية للطلاب كانت لا تتجاوز التفريق بين التاء المربوطة والمفتوحة، وبين الألف المهموزة وغير المهموزة في بداية الكلمة، وكذا الهمزة وسط الكلمة، وحروف الواو والياء والألف اللينة آخر الكلمة، لكن في الوقت الحالي أصبح طالب الإعدادي لا يجيد حروف الكتابة كلية، كما لا يجيد استهجاء الحرف عند القراءة، والأدهى أن الكثير من الطلاب ينتقلون للتعليم الفني دون سنوات رسوب في محطة الإعدادي، فالمشكلة ليست جديدة، وأتحدى أي مسؤول بالرد حين أقول إن 50% من طلاب التعليم الفني لا يزالون أميين، فما بالك بطلاب الإعدادي! مصطفى مهني ولي أمر أحد طلاب الصف الثاني الإعدادي بمدرسة المنيا التجريبية قال ل«البديل» إن نجله وصل للصف الأول الإعدادي وكان مستواه ضعيفًا في القراءة والكتابة، ولكن بعد 3 أشهر من المتابعة المستمرة وتعليمه أساسيات لغوية ونحوية داخل المنزل، بعدما قرر عدم السفر للخارج، تمكن نجله من القراءة جيدًا والكتابة بسرعة ودقة، مضيفًا: والآن يمكنني القول بأن المدارس لم تعد مؤسسات تعليمية، كان يدهشني ذهاب الطلاب إلى مدارسهم دون ملازم وكتب وأقلام. القصير نموذجًا مدرسة دير القصير الإعدادية بأسيوط، والتي تفتشت بين طلابها الأمية لتصل إلى نسبة 40%، خرجت بعد اجتماع بين مسؤوليها وأولياء أمور طلابها بعدد من التوصيات، منها مجموعات التقوية، وبرامج تعلم القراءة والكتابة، على أن تستمر في فترة الإجازة الصيفية، وقال مسؤول التربية الاجتماعية بالمدرسة إن القرية الحاضنة بالمدرسة تعاني الخصومات الثأرية التي تتسبب في توقف الدراسة أو تغيب الطلاب كثيرًا، كما تسيطر الأمية على أغلب أولياء الطلاب، ما يحرمهم من متابعتهم داخل المنزل. المشكلة وأسبابها أصل المشكلة، كما يقول الدكتور محمد رشدي المدرب بالأكاديمية التعليمية للمعلمين، تتبلور في السياسات التعليمية الخاطئة، والتى تقضى بترحيل التلاميذ من عام دراسي إلى العام الذي يليه، وذلك بعد الرسوب عامين، ما أوجد شريحة طلابية لا تعرف القراءة والكتابة، وأضاف ل«البديل» أن الظروف الاقتصادية دفعت عددًا من الطلاب للخروج للعمل لمساعدة الأسر. باحث «القومي للبحوث التربوية» الدكتور كمال غيث يرى أن المناهج الدراسية كانت تعتمد على الصورة بدلاً من الصوت، كما أنها كانت تتميز بالتفاهة. بالإضافة إلى ذلك تمّ تعيين عدد كبير من معلمي المرحلة الابتدائية عقب إلغاء تكليف كليات التربية أثناء حكومة الجنزوري عام 1997 وما تلاها من حكومات، بطريقة عشوائية، فتحوّل عدد كبير من مشرفي الأنشطة إلى معلمين، وأغلبهم من حملة المؤهلات المتوسطة، ولا يجيدون القراءة والكتابة. المسؤولون وتصريحاتهم مسؤول برنامج «القرائية» بمديرية تعليم أسيوط محمد مراد قال إن الوزارة عممت حصة «القرائية» لكل المدارس كبديل عن «الكتاب» فيما يخص التركيز على مهارات القراءة والكتابة، وذلك منذ عدة سنوات دراسية، ولكن بطريقة علمية، ونكافئ الطلاب المميزين ممن ينتقلون إلى مستوى أفضل في عملية القراءة والكتابة. أما وكيل وزارة التربية والتعليم بأسيوط صلاح فتحى فقال إنه يتم عمل مسح شامل في جميع الإدارات التعليمية؛ لمعرفة عدد الطلاب الذين يعانون من ضعف القراءة والكتابة؛ لوضع البرنامج العلاجي اللازم لهم في ضوء نتائج الاختبارات، مع التنبيه على تحديد النتيجة بمنتهى الموضوعية والشفافية. مضيفًا أنه تم تدريب 7040 من معلمي الصفوف الأولى بالمرحلة الابتدائية ومشرفات مدارس التعليم ومرافقي الصفوف الأولى والتعليم المجتمعي وموجهي مادة اللغة العربية ومنسقي وحدة القرائية، بالتنسيق مع الأكاديمية المهنية للمعلمين العام الماضي.