تواصل بريطانيا تورطها في الحرب التي تقودها السعودية ضد اليمن، ففي ختام زيارته للمملكة المتحدة التقى الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي بوزير الدفاع البريطاني جافين وليامسون، ووزير الخارجية بوريس جونسون، في قاعدة نورث هولت الجوية، وجرى توقيع مذكرتي تفاهم وترتيبات خاصة بتعزيز أوجه التعاون والشراكة بين البلدين في مجالات القدرات الدفاعية والشراكة الصناعية والتدريب والبحث والتطوير والاستشارات الفنية. وأعلنت شركة مجموعة الصناعات الجوية والدفاعية البريطانية "بي ايه اي سيستمز"، الجمعة الماضية، عن توقيع اتفاق نوايا بين السعودية وبريطانيا لشراء 48 طائرة مقاتلة من طراز "يوروفايتر تايفون"، واعتبرت الشركة أن توقيع اتفاق النوايا يشكل مرحلة إيجابية نحو إنجاز العقد بشكل كامل مع السعوديين، ووقع الاتفاق بعد محادثات كانت جارية بين البلدين بهذا الشأن ما يؤكد اهتمام السعودية بهذا الطراز من الطائرات التي سبق وأن تلقت منها 72 طائرة قبل 10 سنوات. وتشكل الصفقة السعودية طوق نجاة لبرنامج تصنيع المقاتلات "يورو فايتر"، الذي يعاني من بطء في الإنتاج، أدى إلى تسريح 1400 موظف من الشركة المصنعة للمقاتلة، كما أنه لا تزال هناك محادثات جارية مع قطر لشراء 24 مقاتلة من نفس الطراز بقيمة 8 مليارات دولار. ويتم تصنيع المقاتلة في إطار برنامج وضعته 4 دول هي: بريطانيا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا، وبدأ تصنيعها في عام 2003، ولكن صادرات هذه المقاتلة التي تعتبر المنافسة لمقاتلات "رافال" الفرنسية، قليلة حتى الآن إذ لم تطلبها سوى 4 دول هي النمسا والسعودية والكويت وعُمان، فضلا عن الدول الأربع المشاركة في المشروع. مصالح متبادلة تعتبر السعودية الشريك الاقتصادي العربي الأكبر لبريطانيا، وتحاول لندن خلال الفترة الراهنة توسيع نطاق شراكاتها الاقتصادية خارج السوق الأوروبية التي قد تغادرها العام المقبل، في ضوء قرارها الخاص بالخروج من الاتحاد الأوروبي. وعلى الجانب الآخر، تتبنى السعودية رؤية المملكة 2030 التي يقف خلفها ولي العهد السعودي، والتي تريد الانفتاح على اقتصاد الدول المتقدمة لإحداث تغيير جذري في الاقتصاد السعودي، وإعادة هيكلة قطاعاته وتنويع مصادره وتوجهاته، حتى تصل السعودية، وفقاً للرؤية، إلى التحرر من الاعتماد على النفط مصدراً أساسياً للدخل. وفي هذا الإطار، اتفق ولي العهد السعودي مع رئيسة الوزراء البريطانية على إطلاق مجلس الشراكة الاستراتيجية على أن يعقد بشكل سنوي، ليكون آلية رئيسية لحوار منتظم لتعزيز كل جوانب العلاقة الثنائية، بما في ذلك المجالات الاقتصادية والدفاع والأمن والمساعدات الإنسانية والمواضيع الإقليمية والدولية. واتفق الطرفان على خطة تنفيذ لتحقيق هذه الشراكة الاستراتيجية ومتابعتها في اجتماعات أخرى خلال عام 2018. انتقادات حادة الاتفاق الأخير، أثار عاصفة انتقادات داخل بريطانيا، وأكدت صحيفة الجارديان أن الاتفاقية التي وقعتها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي مع النظام السعودي خلال زيارة ولي العهد محمد بن سلمان للندن تمثل وصمة عار لبريطانيا. وأشارت الصحيفة إلى أن الاتفاقيات التي وقعت أثارت غضب نواب المعارضة مع وجود مخاوف جدية بخصوص دور النظام السعودي في العدوان على اليمن، واعتبرت كات أوسامور، وزيرة العمل والتنمية الدولية في حكومة الظل البريطانية، أن بريطانيا عندما وقعت اتفاقا مع السعودية فإنها بذلك تكون قد تحالفت مع دولة مسؤولة في المقام الأول عن واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث هناك نحو 4 إلى 8 ملايين شخص في اليمن معرضون لخطر المجاعة الوشيك. وانتقد ألان هوغارث، رئيس قسم السياسات والشؤون الحكومية في منظمة العفو الدولية في بريطانيا، ما وصفه بالنفاق الذي تتعامل به الحكومة البريطانية مع الوضع في اليمن، مشيرا إلى أنها تقدم المساعدات الإنسانية إلى المواطنين اليمنيين، وباليد الأخرى تقدم الأسلحة إلى النظام السعودي مثيرة بذلك أزمة إنسانية كبرى.