مناوشات ومضايقات متبادلة تشهدها جزيرة إيميا المتنازع عليها بين تركيا واليونان، كادت أن تودي في بعض الأحيان إلى اشتباك عسكري واسع، كان آخرها ما جرى الأسبوع الماضي، مما دفع وزير الخارجية اليوناني نيكوس كوتزياس، لتوجيه رسالة تحذيرية للسلطات التركية، أن بلاده ستتخلى عن السلمية في حالة تكرار واقعة اصطدام القارب التركي مع السفينة اليونانية أو على أي استفزازات في جزيرة إيميا. وفي حديث تليفزيوني قال كوتزياس، إن تركيا وصلت للخط الأحمر وتجاوزته في حادث القارب الذي وقع يوم الإثنين الماضي، وحذر من تكرار الحادث مؤكدًا أن اليونان سوف ترد بشكل قاس ولن يكون الرد سلميا كما حدث في الحادثة الماضية. وأضاف كوتزياس، أن الردود الدبلوماسية تأتي أولا، لكنه أشار إلى حق اليونان في استخدام الخيار العسكري للدفاع عن أراضيها وممتلكاتها وقال: "يجب على الأتراك أن يسمعوا هذا لأنهم يواصلون الحديث عن التحذيرات، ونقول لهم نحن دولة منظمة تملك دفاعات جيدة ولدينا حلفاء جيدون وقدرات دبلوماسية عالية"، وأكد أن اليونان تدرس تغريم تركيا بدفع تعويضات عن الخسائر المادية التي لحقت بالسفينة اليونانية. وكان قارب تابع للدورية التركية قد اصطدم مع سفينة تابعة لخفر السواحل اليونانية بالقرب من جزيرة إيميا، وألحق بها أضرارا طفيفة ولم يوقع أي إصابات بشرية، إلا أن اليونان اعتبرت أن مثل هذا الحادث يعرض حياة الناس للخطر نتيجة للأسلوب التصعيدي والاستفزازي الذي أظهرته تركيا على نحو متزايد في الأيام الأخيرة. كما اعتبرت اليونان أن مثل هذه التصرفات تمثل انتهاكا للقانون الدولي ولا تسهم في تطور العلاقات بين البلدين، واستدعت وزارة الخارجية اليونانية، على إثره الحادث، السفير التركي بأثينا وأبلغته احتجاجا يونانيا رسميا. تركيا ترد من جانبه؛ قال المتحدث باسم الخارجية التركية هامي أقصوي، إن تصريح وزير الخارجية اليوناني الأخير، بأن بلاده يمكن أن تستخدم سلوكا غير سلمي ضد تركيا، مثير للقلق وتم تلقيه بمشاعر الأسف، وهذا التصريح يعني أن كوتزياس، تبنى نهجًا غير سلمي ومتجاوزا للحد وبعيدًا عن المسؤوليات التي يتطلبها منصبه السياسي. وأشار أقصوي، إلى الاتصال الهاتفي الذي تم قبل أيام بين رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، ونظيره اليوناني ألكسيس تسيبراس، والذي أعرب يلدريم، فيه للطرف اليوناني عن انزعاج تركيا من التوتر الذي شهده بحر إيجة في الفترة الأخيرة مع اليونان، وانتظار أنقرة أن تتخذ أثينا الإجراءات اللازمة لخفض هذا التوتر. وأضاف أقصوي، أنه رغم التوتر فإن الاتصال تم في أجواء إيجابية، وأكد الطرفان خلاله على العزم على حل المشاكل عن طريق الحوار وتعزيز الثقة بين البلدين، وقال أقصوي، إن هذه المبادرة تدل على أن تركيا تريد خفض التوتر في بحر إيجه، ودعا وزير الخارجية اليوناني إلى التصرف بشكل سليم ويتفق مع الرغبات المشتركة للبلدين والتي أعرب عنها رئيسا وزراء البلدين خلال الاتصال الهاتفي. النزاع حول جزيرة إيميا هناك خلافات بين أنقرةوأثينا في قضايا كثيرة تتراوح بين تقسيم جزيرة قبرص، والهجرة غير الشرعية من تركيا إلى اليونان والسيادة علي المجال الجوي وحركة الطيران وعلى بحر إيجه، لكن تعتبر الجزر المتواجدة في بحر إيجة، أبرز الملفات حساسية في العلاقة بين تركيا واليونان، وعلى الدوام تحصل مناوشات ومضايقات من قبل القوات الجوية والبحرية للجانبين تطورت في بعض الأحيان إلى اشتباك عسكري، وسط تحذيرات دولية من إمكانية أن تؤدي إحدى هذه المناوشات إلى اشتباك عسكري أوسع بين البلدين. وتقع جزيرة إيميا، المعروفة في تركيا باسم كارداك، على بعد 7 كيلومترات فقط من الساحل التركي وتتنازع عليها اليونان وتركيا، وكادت الأمور تصل بين البلدين عام 1996 إلى حد اندلاع حرب لولا ضغط هائل من الإدارة الأمريكية وذلك بعدما أسقطت تركيا مروحية يونانية وقتلت 3 ضباط كانوا على متنها فوق الجزيرة. وتعتبر مشكلة هذه الجزر جزءًا من الخلاف الأكبر المرتبط بجزيرة قبرص المقسمة بين تركيا واليونان منذ محاولة اليونان فرض سيطرتها الكاملة على الجزيرة وتدخل الجيش التركي عام 1974 لحماية القبارصة الأتراك ما نتج عنه تقسيم الجزيرة، ورغم المحاولات الدولية، فشل الجانبان حتى اليوم في التوصل إلى اتفاق للكونفدراية أو الانفصال وتقسيم الأرض والثروات.