بعد أن وضعت حرب العراق ضد تنظيم داعش آوزارها، التي دامت لثلاث سنوات، تاركة ورائها دمارا وخسائر فادحة بشرية ومادية، تسعى العراق لإعادة إعمار منطاق الصراع وإقامة مشاريع تنموية وإنسانية لرعاية ضحايا الحرب وإعادة تأهيل البنى التحتية في البلاد، التي تحتاج بحسب تقديرات البنك الدولي إلى 300 مليار دولار لإعادة إعمارها بشكل كامل. وبدأت يوم الاثنين الماضي في الكويت، أعمال المؤتمر الدولي لإعادة إعمارالعراق، لمدة ثلاثة أيام برعاية أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر صباح، وبحضور حوالي 70 دولة من بينها الولاياتالمتحدةوتركياوالسعودية وإيران ومنظمات إنسانية غير حكومية وشركات استثمار عالمية، إضافة إلى الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية ومسؤولين كبار من الأممالمتحدة. ناقش المؤتمر في يومه الأول "الأضرار التي تم إحصاؤها جراء الحرب والاحتياجات اللازمة لمعالجتها إضافة إلى مشاريع دعم الاستقرار والمصالحة المجتمعية والتعايش السلمي"، وفي اليوم الثاني " الإجراءات الخاصة بتهيئة البيئة المناسبة للاستثمار وعرض مشاريع استثمارية لجميع قطاعات الاقتصاد العراقي منها مشاريع في إقليم كردستان"، وفي اليوم الثالث والأخير ناقش "الدعم الذي ستقدمه الدول المشاركة لإعادة إعمار العراق". تعهدات بقيمة 30 مليار دولار وقال وزير الخارجية الكويتي، صباح خالد الحمد الصباح، إن التعهدات المالية التي أعلنتها الدول والمنظمات الدولية والإقليمية المشاركة في مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق بلغت 30 مليار دولار أمريكي، وستكون هذه المساعدات على شكل قروض وتسهيلات ائتمانية واستثمارات تقدم للعراق من أجل إعادة بناء ما دمرته الحروب. وأعلنت تركيا أنها ستخصص خمسة مليارات دولار للعراق على شكل قروض واستثمارات، بينما قالت بريطانيا، إنها ستمنح العراق تسهيلات ائتمانية في مجال الصادرات تصل إلى مليار دولار سنويا ولمدة عشرة أعوام، أما الكويت فقد قررت تخصيص ملياري دولار على شكل قروض واستثمارات، بينما تعهدت السعودية بتخصيص مليار دولار لمشاريع استثمارية في العراق و500 مليون دولار إضافية لدعم الصادرات العراقية. أمريكا التي يوجه لها الاتهام بأنها المسؤول الأول عن دمار العراق، أعلنت على لسان وزير خارجيتها ريكس تيلرسون، أثناء مشاركته في المؤتمر عن توقيع اتفاقية بين مصرف التجارة الخارجية الأمريكي والعراق لمنح بغداد قروضًا بنحو 3 مليارات دولار. وكان وزير التخطيط العراقي سلمان الجميلي، قال في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر إن بلاده بحاجة إلى 88 مليار دولار لإعادة بناء ما دمرته النزاعات المسلحة وآخرها الحرب ضد تنظيم "داعش" فيما أوضح قصي عبد الفتاح، وهو مدير عام في الوزارة ذاتها أن إعادة إعمار العراق يتطلب جمع 22 مليار دولار بشكل عاجل، إضافة إلى 66 مليار دولار أخرى على المدى المتوسط. عقبة الفساد الخشية من أن تذهب الأموال المخصصة لإعمار العراق إلى جيوب الفاسدين، تعد أبرز المخاوف التي تراود الكثير من الأطراف السياسية العراقية، والتي تجد ضرورة في أن تشرف الجهات المانحة على كل المشاريع التي سيتم تنفيذها بهذه الأموال، وأن يخرج المؤتمر بآلية عمل تتابع مسار الأموال التي سيتم منحها. واعترف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بانتشار الفساد في الدولة العراقية لكنه تعهد بمحاربته كما حارب الإرهاب، قائلا: نؤكد أن إصرارنا على محاربة الفساد وتهيئة بيئة ناجحة، تحت عمل واضح وشفاف، ولن نتوقف عن محاربة الفساد، تلك الآفة الخطيرة التي لا تقل خطورة عن الإرهاب، بل هي أحد الأسباب لنشوء الإرهاب"، كما أعلن أنه في الأسابيع القليلة الماضية أطلقت الحكومة حزمة إجراءات لتحسين بيئة الاستثمار في العراق، ستظهر آثارها على تبسيط الإجراءات لأعمال المستثمرين.