الديون الخارجية الدوامة التي دخلتها الحكومة دون أن تعرف طريق الخروج منها، عكف البنك المركزي خلال عام 2017 على سداد مديونيات مصر الخارجية، والتي بلغت 30 مليار دولار، تم سدادها من ديون والتزامات على مصر، إلا أن الدين الخارجي لمصر وصل إلى 81 مليار دولار، بعد أن كان 79 مليارًا في نهاية يونيو 2017. حافظ البنك المركزي على رصيد الدولة من صافي الاحتياطات الأجنبية، والذي ارتفع إلى 37.019 مليار دولار بنهاية ديسمبر الماضي مقابل 36.723 مليار دولار في نوفمبر السابق له، ومن المفترض أن سداد مصر 30 مليار دولار ديونًا من أصل 79 مليار دولار قيمة الدين الخارجي يقل بالدين إلى معدل 49 مليار دولار، ولكن هذا لم يحدث؛ حيث إن الدين ارتفع بمقدار 2 مليار دولار رغم السداد. مما سبق نستنتج أن مصر اقترضت أكثر من 32 مليار دولار لسداد الديون ورفع الاحتياطي النقدي الأجنبي، وبحسب المعلومات الواردة فإن الدولة اقترضت اقتراضًا مباشرًا قيمته 18.8 مليار دولار، بالإضافة إلى تجديد قرض الصين وبعض القروض من البنوك الأجنبية، التي تم تجديدها هي الأخرى، بالإضافة إلى 7 مليارات دولار سندات دولية تم طرحها خلال عام 2017. واقترضت الحكومة أيضًا من صندوق النقد الدولي 3.2 مليار دولار، والبنك الدولي مليار دولار، وقروض مشروعات الطاقة والبنية التحتية ومشروعات الصناعة، ومع كل هذه الاقتراضات أكد وزير المالية الدكتور عمرو الجارحي أن الحكومة لديها استراتيجية فيما يتعلق بالدين للسنة المالية المقبلة. يبدو أن استراتيجية الحكومة في مسألة الاقتراض هي الحصول على قروض طويلة الأجل؛ لسداد قرض قديم قصيرة الأجل، أو حان وقت سدادها، حيث تسعى الحكومة خلال الفترة الحالية إلى توفير أموال من قروض وسندات دولية طويلة الأجل؛ من أجل سداد مستحقات قصيرة الأجل وجب سدادها، تفاديًا للامتناع عن السداد والدخول في أزمة حقيقية. وهو ما يمكن أن نطلق عليه حل أزمة كبيرة بأزمة أخرى، يتحملها أبناء الشعب المصري من الأجيال القادمة، حيث إن القروض التي حصلت عليها الحكومة ستقوم بسدادها الأجيال القادمة، في ظل الحكومة الحالية، التي أدخلت مصر دوامة الاقتراض؛ لتستمر حكاية الاقتصاد المصري القائم على القروض والسندات إلى أجل طويل. وقال رضا عيسى، الخبير الاقتصادي، إن السياسة الحكومية تجاه ملف الديون تتلخص في الإكثار من عملية الاقتراض طويل الأجل؛ من أجل سد دين قصير الأجل، وهي أزمة حقيقية لاقتصاد لا يعتمد على الإنتاج، ولا توجد خطة جادة للتمويل الذاتي، بل هي نفس سياسة الأنظمة السابقة التي يجب أن تتغير، فكل ما تجيده الحكومة الحالية هو الاقتراض. وأضاف عيسي أن أسوأ ما في القروض التي تأخذها الحكومة ويتحملها الشعب المصري أنها توجه للاستهلاك؛ لسداد عجز الموازنة وسداد ديون أخرى، ولا توجه لإقامة مشاريع إنتاجية تأتي بعائد مادي، ومع ذلك تستمر الحكومة في سياسة الاقتراض؛ لإنقاذ نفسها من الأزمة الاقتصادية، حيث يتطلع وزير المالية إلى طرح ما بين 3 و4 مليارات دولار سندات دولية جديدة، وزيادة الإيرادات من الضرائب، ورفع الدعم عن الوقود. وكل هذا من أجل سداد ما يقرب من 14 مليار دولار ديونًا مستحقه على مصر في عام 2018. وأكد أن الوضع المالي أصبح قائمًا على الاقتراض، وهذا من شأنه زيادة فوائد الدين، التي كانت في بداية العام المالي 381 مليار جنيه، ولكن بعد رفع سعر الفائدة مرتين متتاليتين أصبحت تتخطى 410 مليار جنيه. ومع كثرة الاقتراض بسعر فائدة مرتفع سيرتفع هذا الرقم مجددًا؛ لأن الحكومة لم تسدد الديون، بل اقترضت ما سددته بفوائد أخرى، يمكن أن تكون مرتفعة عن الفوائد القديمة.