في مصر يعرف الجميع أن “الخلفية” منطقة محظورة لدى المصريين، فالمواطن الذي يعاني من زيادة في الوزن لن يقبل مثلا أن تجادله في موضوع سياسي وتقول له “انت معندكش أي خلفية” ، سيفهم الجملة بمعنى أخر، حتى لو حدث العكس وقلت له “واضح ان عند حضرتك خلفية كبيرة” قد يلعب الشيطان في عقله ويظن بك السوء، كما أنه لا يوجد بالطبع سيدة أيا كان وزنها تسمح لك بالكلام أمامها عن “الخلفيات”. رغم ذلك لا يفهم الساسة المصريون “مزاج” الشعب الذين يخاطبونه، ويظنون ومعظم ظنهم إثم أن المصطلحات الكبيرة ستسهل مهمتهم العظيمة في السيطرة على عقول الناس، لكن السخرية الفياضة التي يقابل بها المصريون تلك المصطلحات تؤكد أن هذا الشعب لا يمتلك إلا “خلفية كوميدية” ، فبعدما اتضح أن الرئيس التوافقي غير موجود في مصر أصلا بل في اليمن حيث طرح نائب علي عبد الله صالح نفسه رئيسا توافقيا هناك تجنبا لمزيد من الفوضى على حد قوله، عادت مرة أخرى التصريحات حول المرشحين للرئاسة و “الخلفيات” التي يجب أن يتمتعوا بها، فبعد فترة من الكلام عن “الخلفية “العسكرية، خرج مرشد الإخوان يتكلم عن “الخلفية” الإسلامية، وكلا الطرفين لا يدركان أنهما يضعان المرشح المدعوم من جانبهما في حرج بالغ فور الإعلان عن إسمه، فلو دعم المجلس العسكري مرشحا بعينه، سيبحث الناس عن “الخلفية” العسكرية التي يملكها، ويقيسون مدى “عسكريتها” ، ثم ماذا لو طرح مرشح أخر نفسه بعيدا عن المجلس وقال أنه أيضا يمتلك “خلفية” عسكرية، هل ستكون المناظرة بينهما عن “الخلفية” الأحق بإن تُنتخب، وهل مطلوب أن نختار رئيس لخلفيته أم لنظرته المستقبلية، ثم هل الرئيس ذو “الخلفية” العسكرية هو الذي دخل الجيش “عسكري” لمدة سنة، أم “ضابط احتياط “لمدة ثلاث سنوات، أو لابد أن يكون قد حارب وقتل واتقتل، ولو تعاملنا مع الفرضية الأخيرة أي أن يكون قد حارب بالفعل، فماذا سنفعل بعدما يكون كل أبطال أكتوبر في سن لا تسمح لهم بالترشح للرئاسة، من أين سنأتي برئيس ذي “خلفية” عسكرية مناسبة ..؟؟ إسلاميا لعل الوضع اسوأ، فالمفترض أن كل من يلتزم بالعبادات لديه “خلفية” إسلامية، لكن “خلفية” الأزهري مثلا اكبر وأوسع من غيره، ومن دخل في جماعة الإخوان المسلمين مثلا هل “خلفيته” إسلامية فقط، أم إنها سياسية أيضا واجتماعية كذلك، ثم هناك من الأقباط المصريين من لديهم معلومات عن الإسلام توفر لهم تلك “الخلفية” فهل يحق لهم الترشح حسب تصريحات المرشد، بالتالي نريد أولا تعرف لحدود تلك “الخلفية” حتى نفهم المقصود بها. وإلى ذلك الحين، متي يدرك الساسة في مصر إننا بحاجة لرئيس خلفيته الوحيدة أنه يريد دفع هذه البلد للإمام، بينما هما يريدون منا أن نظل ننظر للخلف كي نتأكد من “خلفية” هذا المرشح او ذاك. للتواصل مع الكاتب عبر تويتر https://twitter.com/#!/MhmdAbdelRahman