إطلاق برنامج "لقاء الجمعة للأطفال" بمسجد الشامخية ببنها    "التعليم": مشروع رأس المال الدائم يؤهل الطلاب كرواد أعمال في المستقبل    الكنيسة الأرثوذكسية تحيي ذكرى نياحة الأنبا إيساك    الوادي الجديد تورد 4000 طن قمح    محافظ الجيزة يتفقد مشروعات التطوير بإمبابة والمنيرة الغربية والعجوزة    شرب وصرف صحي الأقصر تنفى انقطاع المياه .. اليوم    بحضور وزير الاتصالات.. ختام بطولة البرمجيات الدولية في الأقصر    جامعة جنوب الوادي توفر سكن فاخر لمرافقي مصابي الأشقاء الفلسطينيين    بلينكن يدعو جميع الأطراف إلى خفض حدة التصعيد.. ويؤكد: ملتزمون بأمن إسرائيل    معلومات عن نظام أذرخش للدفاع الجوي الإيراني.. تدمير الأهداف على ارتفاعات منخفضة    ارتفاع حصيلة شهداء قطاع غزة ل34012    بدء أكبر انتخابات في العالم بالهند.. 10% من سكان الأرض يشاركون    كارفاخال يغيب عن مران ريال مدريد قبل الكلاسيكو    الأهلي يختتم تدريباته في الكونغو استعدادا لمواجهة مازيمبي    «سلة الأهلي» يواجه أويلرز الأوغندي في بطولة ال«bal».. اليوم    تقارير: ليفربول يرفض رحيل محمد صلاح في الميركاتو الصيفي    العمدة أهلاوي قديم.. الخطيب يحضر جنازة الفنان صلاح السعدني (صورة)    ضبط 42،500 كيلو حشيش بقيمة 3 ملايين جنيه في الإسكندرية    غرق شابين بمياه النيل في بني سويف    «ابدأ» تشارك بعدد من التوصيات لتطوير التعليم الفني والتدريب المهني    توافد نجوم الفن لحضور جنازة الفنان صلاح السعدني    «التنسيق الحضاري» ينهى المرحلة الخامسة من «حكاية شارع» بمصر الجديدة ومدينة نصر    ابن عم الراحل صلاح السعدنى يروى كواليس من حياة عمدة الدراما بكفر القرنين    مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط ينعي الفنان الكبير صلاح السعدني    انطلاق 10 قوافل دعوية.. وعلماء الأوقاف يؤكدون: الصدق طريق الفائزين    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    النشرة الدينية.. أفضل الصيغ ل الصلاة على النبي يوم الجمعة.. هذا العمل يجعلك جسرًا لجهنم    بعد شكوى مريض.. محافظ قنا يأمر بتزويد مستشفى دشنا المركزي ب12 ماكينة غسيل كلوي    الصحة: المجتمع المصري أصبح يعاني أمراضا نفسية بسبب الظروف التي مرت بالبلاد    لمحبي الشاي بالحليب.. 4 أخطاء يجب تجنبها عند تحضيره    الخشت: تخصص الصيدلة وعلم الأدوية بجامعة القاهرة أصبح ال 64 عالميًا    إقبال جماهيري على جناح مصر في بينالي فينيسيا للفنون 2024    بحضور 400 طفل.. «أوقاف القليوبية» تدشن لقاء الجمعة بمسجد في بنها    ضبط مسئول محل لبيع المأكولات لحيازته كمية كبيرة من المواد الغذائية مجهولة المصدر    احذر الرادار.. رصد 8500 سيارة تجاوزت السرعة خلال 24 ساعة    كل ما تريد معرفته عن قانون رعاية حقوق المسنين| إنفوجراف    محافظ أسيوط يعلن ارتفاع معدلات توريد القمح المحلي ل 510 أطنان    احذر| ظهور هذه الأحرف "Lou bott" على شاشة عداد الكهرباء "أبو كارت"    الصحة: فحص 432 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    تجار العملة يتساقطون .. ضبط عدد من المضاربين بحوزتهم 29 مليون جنيه خلال 24 ساعة    "رصدته كاميرات المراقبة".. ضبط عاطل سرق مبلغا ماليا من صيدلية بالقليوبية    اعتماد جداول امتحانات نهاية العام الدراسي في الوادي الجديد    إسعاد يونس تنعى الفنان صلاح السعدني بصورة من كواليس «فوزية البرجوازية»    4 أبراج ما بتعرفش الفشل في الشغل.. الحمل جريء وطموح والقوس مغامر    1490 طنا.. وصول القافلة السادسة من مساعدات التحالف الوطني لأهالي غزة (صور)    طريقة تحضير بخاخ الجيوب الأنفية في المنزل    فتح ممر إنساني نهاية إبريل.. إعلام عبري: عملية رفح محسومة والسؤال عن توقيتها    اقتصادية قناة السويس تشارك ب "مؤتمر التعاون والتبادل بين مصر والصين (تشيجيانج)"    كشف لغز بلاغات سرقة بالقاهرة وضبط مرتكبيها وإعادة المسروقات.. صور    الشعبة الفرنسية بحقوق عين شمس تنظم يوما رياضيا لطلابها    للبقاء مدى الحياة؟ سكاي: بايرن يجهز عرضا لتمديد عقد موسيالا    رضا عبد العال يعلق على أداء عبد الله السعيد مع الزمالك    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    موعد مباراة الترجي وصن داونز بدوري أبطال أفريقيا    الجامعة العربية توصي مجلس الأمن بالاعتراف بمجلس الأمن وضمها لعضوية المنظمة الدولية    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    وزير الخارجية الأسبق يكشف عن نقاط مهمة لحل القضية الفلسطينية    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"زُهرة" التي أحببتها
نشر في البديل يوم 29 - 11 - 2017

أكره تحوّل الأفكار الجميلة إلى أيديولوجيّات، أن تتحوّل أجنحة الطائر إلى أُطُر تحد الأفكار والأحاسيس وتضعها في قوالب تخضع في النهاية إلى قواعد لباقة الحوار ودبلوماسيّة التقديم والصراعات والتوازنات في القوى.
أحببت نسويّة "زُهرة"، الفلاحة الآتية من الريف هاربة من زيجة قسرية من مُسن فحملها القطار إلى الإسكندرية، حيث بنسيون "ميرامار". أحببت نسويّة زُهرة حينما قرأتها، أحببت سعيها إلى التعلّم والترقّي داخل ذاتها الطموحة واعتزازها بذاتها التي كان يسعى الجميع إلى دهسها، أحببت كل ذلك حينما قرأت رواية "ميرامار" التي خطّها قلم الأستاذ نجيب محفوظ، ولكنني حينما رأيتها بعيني لحمًا ودمًا… أحببت زهرة نفسها، أحببتها في شادية وأحببت شادية فيها ورأيت زهرة –كملايين رأوها من قبلي- بعين شادية الفنانة ذات الموهبة المُتفجّرة والنظرة الثاقبة والروح المجتهدة الشفّافة.
طيلة الوقت لديّ قناعة بأن شادية إحدى أهم الممثلات في تاريخ السينما المصريّة، وهي التي لم تخطئ تقدير شخصية درامية سواء بالمغالاة أو التقصير. ولعل "ميرامار" هو أهم النماذج تلك، فهو الفيلم الذي لم يقدّم لنا المطربة شادية التي أتت لتغنّي وسط مشاهد تمثيليّة متقنة، لكن المخرج "كمال الشيخ" قدّمها هنا كممثلة جاءت لتتحوّل أمام الكاميرات إلى زُهرة… وما أجملك يا زهرة.
لم تصرخ صرخة واحدة حينما صُدِمَت في حبيبها، رجل الاتحاد الاشتراكي الذي قال عن نفسه بأنه "لم يؤمن بالثورة قبلها أو بعدها، وإنما أثناء حدوثها" وهي عبارة لا تصدر إلا من منافق محترف وشغوف بالنفاق والوصولية. رجل سيصل على أكتاف الجميع بمن فيهم فقراء الوطن الذين يسعى إلى الاتجار ببضائعهم المدعمة في السوق السوداء، وكذلك بأحلام زهرة الفلاحة الطموحة التي لا ترتضي عن الحب بديلًا، والتي لم تملأ الدنيا صرخًا مع خيانته ولا نواحًا مع موته وإنما بهتت كل ملامحها وخفتت روحها كالسحر وهنا تجلّت شادية الممثلة ذات الثِقَل القارئة المجتهدة التي تتوحّد مع الشخصية التي تخرج من الورق متجسدة أمامنا كلحم ودم.
الحقيقة أن فقدان الجمهور لشادية لم يأت حينما فارقت روحها أرض الأحياء، بل يوم اعتزالها الفن وحتى تلك الخطوة لم تتخذها بشكل تقليديّ، لم تقل كلمة واحدة تحط من شأن الفن كمن سبقوها وتبعوها في تلك الخطوة، بل أنها احترمت أيقونيّة وجودها في مخيّلة الجماهير واحتجبت تمامًا عن الأنظار والأسماع حتى سمعناها في مداخلة هاتفية عام 2011 بالتزامن مع قيام الثورة المصرية متحدّثة إلى برنامج العاشرة مساءً بلهجة الأم المتوجهة بالنصح للشباب والكبار على حد سواء بأن مهما كان ما يحدث لا يجب أن يصب فيما يضر بالبلاد، نصيحة أم أو جدّة مصريّة لا مصلحة لها مع أي جانب من جانبيّ الصراع. لا يمكن أن تصنّف بأي شكل من الأشكال.
والحقيقة أيضًا أن الحديث عن شادية ليس حديثًا بسيطًا، فنحن أمام ممثلة غير مسبوقة المستوى، ومطربة لا يوجد صوت يشبه صوتها لا قبل ظهورها ولا بعد احتجابها حتى يومنا هذا، ولعل أحد أهم من أدركوا أبعاد ذلك الصوت ولعبوا بما يحمله من أنوثة وقوّة وعذوبة هو منير مراد، الذي لحّن لها "إن راح منّك يا عين" الأغنية التي اكتملت فيها مؤامرة الملحّن والمؤلف "فتحي قورة" والمطرب على صناعة جملة تجمع في لفظها وحركتها التوعّد والأنوثة والقوة باللحن والكلمة والأداء "ولا يهمّك يا عين، هايروح من قلبي فين؟"، ومما قدّم معها منير مراد أيضًا لحن "يا حبيبي عود لي تاني" على سلّم موسيقي خماسي في تيمة سودانية قدّمتها شادية باقتدار وصوت في قمة الجمال. ويأتي مع منير مراد أيضًا "محمد الموجي" الذي قدّم معها "غاب القمر" التي كانت عنوان ديوان الشاعر الكبير "مجدي نجيب" وهو أيضًا أحد أهم من كتبوا كلمات أغانيها.
الحزن اليوم ليس حزنًا لانقطاع سيرتها الفنيّة كالآخرين، فإنتاجها توقّف باعتزالها الفن وسيستمر باستمرار الحياة وطالما هناك من يهتم بالفن مشاهدةً واستماعًا، وإنما ربّما كان وجودها على قيد الحياة يحمل القليل من الأمل أو رائحة من ماضٍ يحمل الكثير من الجمال، وقد حملت شادية الكثير والكثير من هذا الجمال الذي يحمله ذلك الماضي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.