ساهم استخدام المبيدات الكيميائية بشكل كبير في تلويث النظام البيئي والإخلال بالتوازن الطبيعي له والأحياء الدقيقة، التي تعيش فيه، كما تؤثر بالسلب على صحة الإنسان والحيوان، والإسراف في استخدامها أدى إلى إحداث خلل في الدورة الطبيعية للبيئة بما فيها من أحياء، فأدى إلى انقراض بعضها وتكاثر أعداد أخرى، بل وظهرت كائنات جديدة من نوع معين لها صفات مكتسبة مقاومة للمبيد، بالإضافة إلى فقدان التوازن بين الآفة وأعدائها الطبيعيين؛ مما أدى إلى زيادة كبيرة وغير متوقعة لبعض أنواع الآفات. فقد حرمت المبيدات التربة من مركباتها الذاتية؛ لموت كثير من الكائنات الحية، والتي تقوم بعمل تحولات بيولوجية، تعتمد على تركيز المبيد وتركيبه الكيماوي، فتقوم بتحويله إلى مركب ذي خواص مختلفة عن خواصه الأولية، حيث إن كثيرًا من المبيدات يحتوي على عناصر معدنية سامة، كعنصر الكبريت والكلور والزرنيخ وغيرها، وعند زيادة تركيز المبيد لا تستطيع الكائنات الحية في التربة أن تسيطر على هذه الكمية الكبيرة، فتبقى جزيئات المبيد في التربة دون تفكك أو تحلل. حيث إن أحد أهم أسباب خصوبة التربة هو وجود الكائنات الحية التي تعيش فيها الجراثيم والبكتيريا والديدان والحشرات والفطور والطحالب ووحيدات الخلية، كل هذه الكائنات ضرورية للتربة؛ لأنها تساعد على تفكيك الصخور والأحجار، وبالتالي تعوض النقص الحاصل في الطبقة السطحية للتربة وتأمين التهوية والتخلخل اللازم لحياة النبات، وهي السبب في حدوث تفاعلات عضوية كيميائية بين المواد المكونة للتربة لتحرير العناصر المعدنية اللازمة لنمو النبات. من هذا المنطلق بدأ التفكير فى محاولة إعادة التوازن البيئى وتهيئة التربة لنمو تلك الكائنات الدقيقة وتكاثر أعدادها، وبالتدريج أمكن استخدام مبيدات صديقة للبيئة أو البدائل الطبيعية؛ للقضاء على الآفات وترشيد استخدام المبيدات الكيميائية قدر المستطاع. وقالت الدكتورة لبنى عبد الجليل، أستاذ مساعد بمركز البحوث الحقلية: بعد اكتشاف خطورة المبيدات الكيماوية، بدأ التوجه إلى استخدام بدائل طبيعية قادرة على تخفيف أضرار الآفات، فتم التوجه إلى المكافحة البيولوجية، وهي استخدام كائنات حية لتقليل المخاطر التي تسببها الأحياء الضارة للمحاصيل الزراعية، وبذلك يكون هدف المكافحة البيولوجية هو عدم الإزالة الكاملة لنوع معين من الآفات، بل الإبقاء على عدد معين منه، يمكن السيطرة عليه وعلى أضراره، وذلك حتى لا يتم القضاء على الأعداء الطبيعيين وعلى التوازن الحيوي البيئي. وأوضحت عبد الجليل أن المكافحة الحيوية تضم العديد من الأنواع، كالمبيدات الحيوية، المفترسات والطفيليات، الكبريت الميكروني، الخميرة البيرة والعسل الأسود،منقوع سماد السوبر. وأكد الدكتور حسن رشيدي، أستاذ الزراعة العضوية بزراعة المنوفية، أن المكافحة الحيوية للآفات الحشرية لها ميزات عديدة، فهي آمنة, لا تضر بالإنسان والبيئة، مستديمة في التربة، بحيث تتكاثر أعدادها طبيعيًّا، ومن الناحية الاقتصادية فهي تعد رخيصة التكاليف مقارنة بطرق المكافحة الأخرى، بالإضافة إلى أنها لا تحتاج إلى أيدٍ عاملة كثيرة، إلا أن نجاحها يعتمد على اتباع بعض القواعد لضمان الحصول على أفضل نتائج، حيث يجب معرفة أنواع الآفات المستهدفة وأعدائها الطبيعية، بجانب الإلمام الجيد بالنواحي البيولوجية والبيئية الخاصة بالآفة وأعدائها الحيوية من حيث نشاطها وانتشارها وكفاءتها، بجانب استخدام طرق المكافحة الزراعية والميكانيكية أطول فترة ممكنة، وتأخير عمليات المكافحة الكيماوية أطول فترة ممكنة. وأشار رشيدي إلى أن اختيار العدو الحيوي المناسب للاستخدام في مكافحة الآفة، سواء في الزراعات المفتوحة أو المحمية، عليه عامل كبير في نجاح المكافحة الطبيعية، لافتًا إلى أن الاعتماد على الأعداء الطبيعية في مكافحة بعض آفات الزراعات المحمية بشكل كلي دون اللجوء إلى استخدام المبيدات الكيميائية حقق نجاحات كبيرة، بعد الانتباه الى اختيار التوقيت المناسب من حيث بلوغ تعداد الآفة لعدد معين في الفدان؛ حتى تكون المكافحة اقتصادية وأيضًا مناسبة للظروف الجوية.