ذكر موقع “بلومبرج” الاقتصادي البريطاني أن الساسة ووسائل الإعلام في مصر يصدرون الاتهامات بصوت أعلى من أي وقت مضى ضد التدخل الأمريكي في الوقت الذي تسعى فيه البلد لقروض من صندوق النقد الدولي، والذى تعد الولاياتالمتحدة أكبر مساهم فيه. وأضاف الموقع أن مصر بحاجة إلى المال لمساعدة الاقتصاد المصرى المتعثر منذ انتفاضة العام الماضي التي أطاحت بمبارك، فالسياح والمستثمرين ابتعدوا، كما أن البنك المركزي، الذى يسعى لتجنب حدوث أزمة في العملة، أنفق أكثر من نصف الاحتياطى. وارتفعت عائدات السندات هذا الشهر وسط مخاوف المستثمرين من أن تفاقم الخلاف مع الولاياتالمتحدة سيؤدي إلى تعقيد الجهود لجمع الأموال. ونقل الموقع عن سيرجي ديرجاشيف، الذي يساعد فى إدارة أصول للأسواق الناشئة بقيمة 8.5 مليار دولار في شركة يونيون أنفستمنت بريفتفوندز التي تتخذ من فرانكفورت مقرا لها، أن هذا الصدع “يصب الزيت على النار، ويمكن أن يؤثر سلبا على الشروط التى قد تحصل مصر بموجبها على قرض من صندوق النقد الدولي”. وأضاف أن الولاياتالمتحدة لاتزال تهيمن بشكل كبير على الصندوق. وكان ممتاز السعيد وزير المالية، أعلن أن مصر تحتاج إلى11 مليار دولار لتمويل إصلاحات اقتصادية. وكان رئيس الوزراء كمال الجنزوري اشتكى مرارا من أنه لم يتلق الأموال التي تعهدت بها الدول غربية وعربية . انخفضت احتياطيات النقد الأجنبي إلى 16.4مليار دولار في يناير، والتى تغطي ما يزيد قليلا على ثلاثة أشهر من الواردات. ويقول قادة مصريين إنهم لا يمكنهم التدخل في اختصاصات السلطة القضائية. وقال الجنزوري يوم8 فبراير إنه لن يرضخ لضغوط أمريكية حتى ولو على حساب المساعدات . وتمنح الولاياتالمتحدة مصر حوالي 2 مليار دولار سنويا، معظمها للقوات المسلحة، منذ أن وقعت معاهدة سلام مع إسرائيل في عام 1979، ووعدت بمساعدة إضافية لدعم الانتقال الى الديمقراطية بعد سقوط مبارك، لكن أمريكا حذرت من أن هذا التعامل مع المنظمات غير الحكومية قد يهدد المساعدات . وأشاد الإخوان المسلمين، الذين فاز حزبهم بما يقارب نصف المقاعد البرلمانية، بما وصفوه بأنه موقف “وطني” للحكومة. وقال محمد مرسي، الذي يرأس الحزب السياسي للجماعة، في مقطع فيديو بثه موقع الجماعة أن المساعدات السنوية للولايات المتحدة مرتبطة بالمعاهدة مع إسرائيل، وأشار إلى أن قطعها قد يؤدي إلى إعادة النظر في الاتفاقية . ومن جانبه، قال شادي حميد، مدير الأبحاث في مركز بروكنجز إنه “في الوقت الذي تحتاج فيه مصر للحصول على مساعدة دولية بقدر ما يمكن، فإن هذه المساعدة مهددة بسبب وجود فايزة أبوالنجا على رأس هذه الوزارة “، وأضاف ” ربما هي لا تدرك المفارقة: مهاجمة المنظمات غير الحكومية لتلقي أموال أمريكية، في حين أن حكومتها تتلقى أكثر من 1.3 مليار دولار من المساعدات سنويا.” ومن جانبها اعتبرت أبو النجا، في تصريحات لبلومبرج، أن النزاع مع المنظمات غير الحكومية لن يؤثر على “علاقة مصر الاستراتيجية” مع الولاياتالمتحدة أو محادثات مع صندوق النقد الدولي. قال صندوق النقد الدولي ردا على سؤال تأثير الخلاف بين مصر والولاياتالمتحدة على احتمالات إتمام القرض، إن “نجاح البرنامج الاقتصادى للسلطات يتوقف بشكل حاسم على دعم سياسي واسع من شريحة كبيرة من أصحاب المصلحة المعنيين في مصر، فضلا عن الدعم المالي من شركاء تنمية ثنائية ومتعددة الأطراف.” ومن جانبه، قال الاقتصادي مايكل كيرامى، إن ” العديد من الجهات المانحة في انتظار التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي أولا”، وأضاف أنه “من الصعب تصور مشاركة الولاياتالمتحدة كواحدة من الجهات المانحة، وفي الوقت نفسه يتم اتهام العاملين في المنظمات غير الحكومية الامريكية .” وأضاف الموقع أن القضية سلطت الضوء على حالة الاستياء بين المصريين بشأن دعم الولاياتالمتحدة لمبارك وغيره من الأنظمة العربية الاستبدادية، كما يتم النظر إليها باعتبارها تعمل لصالح إسرائيل على حساب الفلسطينيين . وعلى الجانب الآخر، يرى بعض المستثمرين أن الخلاف مع المنظمات لن يكون له تأثير كبير على محادثات صندوق النقد الدولي . قال رامي صيداني ، رئيس استثمارات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شرودر للاستثمار: “نعتقد أن هاتين القضيتين منفصلتين تماما”، وأضاف أن ” الجيش يحاول استعادة العلاقة مع الولاياتالمتحدة، لذلك لا نتوقع أي تصعيد “.