ابتهج الإسرائيليون باستفتاء انفصال إقليم كردستان العراق الأسبوع الماضي، لكن نظرا للردود العنيفة من بغداد وغضب إيران وتركيا، اللتان لديهما أقليات كردية، من غير المرجح انفصال كردستان قريبا. الدعم الإسرائيلي لانفصال كردستان يأتي بناء على مصالح تل أبيب المعقدة من الانفصال الكردي، ويصعب اكتشافها كلها الآن، وكان بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، الوحيد الذي دعم الانفصال الكردي، بينما تحدث سياسيون آخرون عن "الحق الأخلاقي" للأكراد في إقامة دولة. على المستوى الظاهري، تكسب إسرائيل الأكراد في صفها؛ لأمتلاكهم كميات كبيرة من النفط، وهم حريصون على بيعه لإسرائيل، على عكس الدول العربية وإيران. وأسباب الدعم الإسرائيلي أكثر عمقا، فكان هناك تعاون سري بين الأكراد وإسرائيل لعقود، ولفتت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن جنرالات متقاعدين من الجيش الإسرائيلي دربوا المليشيات الكردية منذ الستينات، وهذه الاتصالات لم تنته أو تنسى حتى الآن، كما أن مسيرات الانفصال في كردستان رفعت الأعلام الإسرائيلية، وأعلنت رغبتها أن تصبح إسرائيل الثانية. وتعتبر إسرائيل الأكراد حليفا رئيسيا في المنطقة التي يهيمن عليها العرب، والآن مع تراجع تأثير تنظيم داعش، يمكن لكردستان منع إيران من بسط نفوذها في المنطقة، وفقا لوجهة النظر الإسرائيلية، حيث تريد تل أبيب حصنا ضد إيران. وسع آرئيل شارون، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق (متوفي)، هذا المبدأ الأمني في مطلع الثمانينيات، ودعا إسرائيل إلى أن تصبح قوة إمبريالية في الشرق الأوسط، كما سوف تمتلك تل أبيب وحدها في المنطقة أسلحة نووية، بالإضافة إلى عدم تخلي الولاياتالمتحدة عنها. لم يكن شارون صريحا حول كيفية تحقيق حلم إمبراطورية إسرائيل، إلا أنه قدم الإشارة في نفس الوقت لخطة ينون، التي كتبها مسؤول سابق في وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى المنظمة الصهيونية العالمية. اقترح أوديد ينون، بدء العمل على انهيار الشرق الأوسط، وكسر الدول القوية في المنطقة، والمعارضين الرئيسيين لإسرائيل، عن طريق تأجيج الخلاف الطائفي والإثني، وكان الهدف كسر هذه الدول، وإضعافها حتى تتمكن إسرائيل من تأمين مكانتها لتصبح قوة إقليمية وحيدة في المنطقة. بدأ تنفيذ هذه الفكرة في الأراضي المحتلة، حيث قسمت إسرائيل الفلسطينيين إلى سلاسل منفصلة، وقسمت الحركات الوطنية، وحاولت القيام بذلك في جنوبلبنان التي احتلتها لمدة عقدين، لتثير التوترات الطائفية بين المسيحيين والدروز والمسلمين. أيدت الولاياتالمتحدة استراتيجية البلقنة في الشرق الأوسط، وكان ذلك واضحا خلال فترة رئاسة جوروج دبليو بوش، التي شهدت ظهور المحافظين الجدد حيث أيدوا عملية البلقنة. لم تتراجع إسرائيل عن فكرة تدمير الدول القوية خاصة الرافضة للهيمنة الأمريكية الإسرائيلية على المنطقة مثل العراقوسورياوإيران، لكنهم أعطوا الأولوية للإطاحة بصدام حسين، الرئيس العراقي، الذي أطلق صواريخ على إسرائيل في عام 1991 خلال حرب الخليج. ذهبت سوريا إلى طريق مماثل للعراق، فقد أصبحت غارقة في القتال، وتظهر طهران مرة أخرى هدفا لإسرائيل، حيث تحاول إسرائيل إنهاء الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى الذي جرى في عام 2015، وتؤجج التوترات في إيران بين الأقليات العرقية. من المرجح أن يؤدي تفكك خريطة بريطانيا وفرنسا للمنطقة إلى الفوضى من النوع الذي يمكن لإسرائيل القوية والمسلحة نوويا، بدعم من واشنطن، أن تستغله بقوة. المصدر