مر نحو عام ونصف تقريبًا على مناقشة الحكومة إنشاء أول مدينة للصناعات النسيجية على أرض محافظة المنيا، لإعادة إحياء صناعات الغزل والنسيج، بعدما تراجعت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وتصفية أعداد كبيرة من المصانع وتوقفها وتشريد العاملين بها، ما تسبب في خسائر فادحة بعدد من القطاعات. الإعلان عن المشروع جاء بالتعاون مع الجانب الصيني، حيث حضر مناقشات إنشاء المدينة نائب رئيس مجلس الصناعات النسيجية الصيني، حتى أطلق عليها "مدينة الصناعات النسيجية الصينيةبالمنيا" دون الإعلان حتى الآن عن آليات التنفيذ والشراكة، وحصص كل جانب، وسط إعلان مسؤولي المنيا جاهزية المنطقة الصناعية لاستقبال المشروع، إلا أنه مضى 17 شهرًا ولم تًطلق شارة البدء حتى الآن. محافظة المنيا كانت قد اشتهرت منذ خمسينيات العام الماضي بقوة صناعتها في الغزل والنسيج، ومصانع حليج الأقطان التي كانت تنتشرعلى 5 مناطق بالمحافظة، بمساحات شاسعة تضم أكثر من 7 مصانع، جميعها تدمرت مؤخرًا بسبب سياسات الحكومة في التسعينيات جراء أعمال الخصخصة، وما تلاها من أضرار بالغة لمصنع الغزل والنسيج الرئيسي بمنطقة ماقوسة أيضا، وضعف عمليات الإنتاج به وعمله حاليًا بأقل من 20% من طاقته في العقود الماضية. وقال المهندس محمود سعد، رئيس مجلس إدارة المنطقة الصناعية بالمنيا، إن المشروع المقرر انطلاقه، ينص على أن تقام المنطقة على مساحة 306 أفدنة، ويشارك الجانب الصيني متمثلًا في مجلس الصناعات النسيجية، في أعمال الإنشاءات والتجهيز، موضحا أنه حتى الآن لم يتم الكشف بشكل حقيقي عن تفاصيل الشراكة أو النسب المحددة لكل جانب، أو كيفية الإدارة فيما بعد، راميا الكرة في ملعب وزارة الاستثمار. وأضاف سعد ل"البديل" أن المنطقة ستكون شديدة الأهمية، لرجوع صناعات الغزل والنسيج مرة أخرى، تزامنا مع بدء الحكومة في تحسين زراعات القطن ومحاولات رجوعه بقوة، موضحا أن أعمال المرافق ستكون جاهزة في أقرب وقت وستخدم المدينة فور الإعلان عن بدء تشييدها، متابعا أن المنطقة الصناعية بالمطاهرة تمتاز بتكاملها وقربها من مدينة المنيا. كما أكد رئيس المنطقة الصناعية بالمنيا، على دخول المدينة النسيجية في أعمال أخرى، على رأسها صباغة المنسوجات، وصناعة الملابس الجاهزة والمفروشات وغيرها، مضيفا أن مساحة المصنع الواحد بها لن يقل عن 20 ألف متر مربع، ما يتيح العمل بشكل متكامل بين المصانع بعضها بعضا، وسهولة التنقل واستكمال الأعمال. وقال خيري مرزوق، رئيس اللجنة النقابية للعاملين بمصانع حليج الأقطان بالمنيا، إن إنشاء المدينة النسيجية يعد خطوة مهمة لتحسين حالة المحافظة الاقتصادية، وتشغيل الآلاف من الشباب، في ظل توقف مصانع شركات النيل لحليج الأقطان بالمنيا منذ عدة سنوات وتشريد أكثر من 5 آلاف عامل، بعدما كانوا ينتجون كميات كبيرة تخدم الاستهلاك المحلي، مطالبا بأن يأتي تشييد المدينة بالتزامن مع عودة المحالج إلى الحياة مرة أخرى، التي مازالت عالقة دون أي أسباب رغم وجود حكما قضائيا نهائيا منذ عام 2011 وحتى الآن دون تنفيذ. وكان محمد قاسم، نائب رئيس مجلس الصناعات النسيجية بمصر، زار المنيا مؤخرًا، وأشار إلى استراتيجية قومية لتطوير صناعة الغزل والنسيج، والبداية ستكون من الصعيد، باعتبار النسيج من أهم القطاعات، التي تمتلك فيه مصر ميزات تنافسية كبيرة، وقيمة مضافة عالية، وستعيد لنا الريادة في تجارة المنسوجات بإفريقيا. ولفت نائب رئيس المجلس المصري للصناعات النسيجية، إلى أن زيارة الجانب الصيني للمنيا مرتين يأتي فى إطار التنسيق المشترك بين الجانبين لوضع إطار عام لتنفيذ الاتفاق الذى وقعته الحكومتان المصرية والصينية، وأنه سيتم توقيع اتفاق آخر خلال المرحلة القريبة المقبلة، يضم المجلسين والهيئة العامة للاستثمار، ويتضمن الاستفادة من الخبرات الصينية المتعلقة بصناعة الغزل والنسيج، خاصة أن الصين تعد من كبرى الدول المصدرة للمنتجات النسيجية فى العالم بحصة سوقية تبلغ40%، وكذا جذب المزيد ممن الاستثمارات الصينية للعمل بهذا المجال، مشيراً إلى أنه سيتم تشكيل لجنة تسيير مصرية صينية مشتركة بهدف متابعة إنشاء المدينة.