مسجد الرفاعي كنز تراثي عاصر عددا كبيرا من حكام الدولة المالكة، ويعتبر مكانًا للطريقة الرفاعية في مصر؛ يترددون عليه بشكل مستمر، ويستمتع مريدوه في شهر رمضان بروحانيات تصعد بهم إلى عنان السماء. استمر بناء مسجد الرفاعي أكثر من 40 عاما، ويحتوي على عدد من المقابر لأفراد أسرة محمد علي؛ حيث يضم قبر الملك فاروق الأول، والخديوي إسماعيل ووالدته خوشيار هانم، والسلطان حسين كامل بن إسماعيل، وقبر شاه إيران رضا بهلوي ومحمد رضا بهلوي. وشيد "الرفاعي" على أرض مسجد الذخيرة الذي يعود إلى العصر الأيوبي، ووصفه شيخ المؤرخين المصريين أحمد بن علي المقريزي "بأنه كان في مقابل شبابيك مدرسة السلطان حسن، وكانت بجواره زاوية عرفت بالزاوية البيضاء أو زاوية الرفاعي، وضمت قبور عدد من المشايخ؛ من بينهم أبو شباك ويحيى الأنصاري وحسن الشيخوني". الهلال مع الصليب إنشاء مسجد الرفاعي كان بأمر من السيدة خوشيار هانم والدة الخديوي إسماعيل، التي كلفت مهندس القصور الملكية ورئيس دائرة الأوقاف حسين فهمي باشا، بوضع التصميم الهندسي للمسجد، ويتميز بالزخارف على الحوائط والعمدان العملاقة والمئذنة، والأغرب هو تزين واجهة المسجد بالصلبان المسيحية، بالإضافة إلى الآيات القرآنية. يفسر بعض المختصين الجمع بين الهلال والصليب أنه يدل على التسامح الديني في ذلك الوقت، وآخرون يقولون إنه يرجع إلى المهندس النمساوي الذي أشرف على بناء المسجد، وترى فئة ثالثة أنه ينم عن مدى تأثر الخديوي إسماعيل بباريس التي كان يسعى إلى تحويل القاهرة على غرارها. وسط الآثار الإسلامية يقع جامع الرفاعي بمنطقة الخليفة بالقاهرة في الجهة المواجهة لقلعة صلاح الدين الأيوبي بجوار مسجد السلطان حسن، على مساحة 6 آلاف و500 متر مربع منها ألف و767 مترا مربعا لخدمة الصلاة، على شكل مستطيل داخل منطقة أثرية تضم عددا كبيرا من الآثار الإسلامية تؤرخ للعصور السابقة. كان بناؤه عندما نذرت السيدة خوشيار هانم، بناء مسجد إذا انقضت الظروف العصيبة التي كانت تمر بها البلاد في تلك الفترة، وبالفعل وفيت بالنذر واختارت مكان مسجد الذخيرة التابع للرافعين، وكان مقرا لشيوخ الطريقة الرفاعية، وبعد موتهم أُلحقت بها قبورهم. عقبات أمام استكمال البناء وأثناء التشييد وقعت بعض الأحداث التي عطلت البناء أكثر من 25 عاما، حيث توفيت السيدة خوشيار ولحق بها المهندس حسين فهمي، ليتوقف العمل عام 1885، وتم دفنها بالمقابر المتواجدة بالمسجد، وتوفي بعدها ابنها الخديوي إسماعيل، إلى أن تولى الخديوي عباس حلمي الثاني، وفي عام 1905م عهد إلى أحمد خيري باشا، مدير الأوقاف الخصوصية، وماكس هرتز باشا، مهندس الآثار العربية، بإتمام المسجد، ليفتتح أبوابه أمام المصلين لأداء صلاة الجمعة في عام 1912. ويجمع مسجد الرفاعي بين الطراز المملوكي والأوروبي، فهو يشابه مسجد السلطان حسن المواجه له من حيث الفخامة والضخامة، وذكرت سعاد ماهر في موسوعة مساجد مصر وأولياؤها الصالحون "أن المسجد لم ينُسب للسيدة خوشيار، رغم أنها صاحبة فكرة إنشائه، إنما سمي الرفاعي"، نسبة إلى الشيخ أحمد الرفاعي، شيخ الطريقة الصوفية المعروفة بالرفاعية، حيث لازمت التسمية الزاوية قديماً ثم المسجد. سرقة المسجد تعرض مسجد الرفاعي على مدار الأعوام الماضية إلى عدة سرقات نظرا لما يضمه من تراث مقابر العائلة المالكة، وآخر واقعة سرقة كانت في يناير الماضي، حيث سرقة 6 مشكاوات أثرية من داخل حجرة الملك فؤاد الأول، وعلى إثرها قامت وزارة الأوقاف بالتنسيق مع شركة المقاولون العرب، بعمل دراسة لعملية صيانة مسجد الرفاعى بحى الخليفة، بعد الحالة السيئة التي وصل إليها المسجد.