بمغادرة الأشهب بلاد الحجاز والقمة الإسلامية الأمريكية بدأت تنزل صواعق زيارته على قطاع غزة وحركة حماس. صواعق بدأت بالأخبار التي لم تتأكد صحتها، حيث طلبت وزارة الخارجية القطرية من عناصر حركة حماس مغادرة أراضيها, فيما خرج بيان لحماس ينفي ويعلل ذلك بأنها حركة تنقلات دولية لعناصر الحركة, لنتفاجأ بعدها بيوم واحد فقط بقطع العلاقات السعودية والإماراتية، ثم لحقت بها مصر وليبيا وموريتانيا, تحت مجموعة ذرائع وأسباب ورسائل كان جلها يحمل معنى واحدًا: توقفي عن دعم الإرهاب وحركة حماس! هل أصبحت حماس الإرهاب الأكبر في المنطقة, ونسي العرب داعش في العراق وسوريا وسيناء؟ هل أصبحت اسرائيل الحمل الوديع, وحماس الشيطان الأكبر؟! إن تحركات العرب وإن أتت تحت عناوين مختلفة إلَّا أنها واضحة المعالم, رسائل شديدة اللهجة يعتقد البعض أنها قد تحول مسار حركة حماس لتعود لطريق المساومة والانبطاح أمام الإرادة الأمريكية, وإن كانت قطر أساسًا من أفضل الدول العربية علاقة بالكيان الصهيوني, رغم أنها تجابهه الآن بشكل مستميت، ليس لأنَّ العرب ضد قطر! ولكن لأن العرب أمنوا أنَّ حماس يجب أن تنصاع لإرادتهم, وتنصاع لخيانتهم. ذكر في سالف العهد والزمان, قصة مجموعة فتيات دخل عليهن الجنود الإنجليز لاغتصابهن, استسلمت معظم الفتيات إلَّا فتاة واحدة غرست سكينًا في صدر الجندي وخرجت تحمل شرفها, عندما روت الأخريات ممن فقدن شرفهن دون مقاومة قصتها, قالوا الحقوا بها ونادوها بالعاهرة واقتلوها حتى لا تسوء سمعتنا! هل حماس تلك التي خرجت تحمل شرفها بين خصيان العرب لهذا تُحارب؟ الرسائل كانت واضحة من وزارة الخارجية السعودية على لسان الجبير, بالقول إن على قطر وقف دعم الإرهاب وحركة حماس, وفي رسالة الجيش الليبي باتهام حماس والقسام بالتدخل في ليبيا رغم أن الوثائق التي عرضت لا تدل على شيء، فهي متاحة على الشبكة العنكبوتية, وعلى موقع يوتيوب, وهي تقريبًا تفسير لما قاله الأشهب في القمة بأن حماس حركة إرهابية! وهنا قد يسأل سائل: لماذا قطر وليس إيران؟ رغم العلاقات المتوترة أصلًا بين إيران ودول الخليج إلَّا أنهم بدأوا بقطر, ورغم أن إيران تدعم المقاومة الفلسطينية بالسلاح والمال والخبرات, على غرار قطر التي تدعم الجناح السياسية لحركة حماس في ظاهر الأمر, باعتقادي الشخصي أن الخليج والعرب يخافون ردة فعل إيران، الدولة الشيعية التي تمتلك السلاح النووي والصواريخ البالستية، ولكن من الممكن أن يتعرضوا لقطر تلك الدولة صغيرة الحجم, وإيران ما زالت تشكل خطرًا على الدول العربية بنظر البعض، ولكنهم يحاولون اتقاء شرها. قد تنتهي الأزمة القطرية بنفي قيادات حماس ووقف الدعم لحماس وقطاع غزة، وتعود لحضن الخليج العربي والدول العربية، ولكن ستصبح حماس في الزاوية, مما سيؤدي بحماس لفتح جبهة حرب جديدة, تضرب بها وتر العرب وأمريكا معًا وهي طفلهم المدلل إسرئيل. لا أعتقد أن الخطوة العربية بوضع حماس في الزاوية هي خطوة صحيحة في المنطقة, بل هي خطوة قد تكون بداية النهاية، ومن السيناريوهات المحتملة لنهاية الأزمة: أولًا: الصدام المباشر بين دول الاعتدال كما يسمون وقطر بمساندة إيران وتدخل تركي بحجة حماية الوحدة الإسلامية, وبدأت معالم تدلل على حدث كهذا, وهي وقوف إيران ضد القرار العربي واستنكاره كأول رد على ما فعتله السعودية والإمارات, وإقرار البرلمان التركي إرسال قوات عسكرية إلى قطر. ثانيًا: أن تسلم قطر للإرادة الأمريكية والعربية، وأن تطرد وتوقف أشكال الدعم كافة لحركه حماس وبعض قوات الثورة السورية, وهو خيار سهل والأقرب للرؤية الاستراتيجية. الثالث: ضربة عسكرية مؤلمة للكيان الإسرائيلي تنفذها حركة حماس، كنوع من إرسال الرسائل بأن الحفاظ على السلم والهدنة هو مرهون بنا كحركة حماس فقط. هي تحليلات واجتهادات, لكنها قد تصبح واقعًا في ظل الظروف الموضوعية التي تمر بها المنطقة العربية. ونعت الأشهب ترامب لحماس بالإرهاب ما هو إلَّا بداية مرحلة ستكون مؤلمة جدًّا على الكل الفلسطيني, ومرحلة فارقة وستحدد معالم جديدة على الواقع العربي, وستغير قواعد الصراع إلى الأبد.