تتربع السيرة الهلالية على عرش السير الشعبية العربية، نظرًا لأنها أكبر عمل أدبي ملحمي في التراث العربى؛ لذلك فقد أطلق عليها لقب «إلياذة العرب»، حيث تتضمن ما يقرب من مليون بيت شعر. طاف الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي خلال ثلاثين عامًا بين رواة وشعراء السيرة الهلالية على مختلف هوياتهم ممن أضافوا إلى الوجدان الشعبي، وأثروا برواياتهم للسيرة الخيال والقدرات السردية؛ ليجمعها الأبنودي، ويجعل منها ملتقى فكريًّا للتراث الشعبي وأدبائه من خلال المتحف الذي أنشأه لهذا. يشمل المتحف الذي يقع على مساحة 870 مترًا مربعًا مكتبة أبنود، وتضم 9864 كتابًا، منها 6917 في جميع المجالات و2447 كتابًا مهدى من الشاعر عبد الرحمن الأبنودي والكاتب جمال الغيطاني، وكذلك 500 كتاب مهدى من الهيئة العامة للكتاب، هذا بالإضافة إلى الكتب والدواوين المسموعة والبالغة 18 كتابًا. كما يضم بين جنباته نصوص السيرة الهلالية، 14 جزءًا في 32 نسخة، و8 مجلدات للسيرة الهلالية، و132 من أشرطة الكاسيت للرواية الأصلية للسيرة الهلالية ودواوين الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، ويشمل قاعة عرض متحفي، وتحتوي علي صور فوتوغرافية للشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي من أحقاب زمنية مختلفة بين رواة وشعراء السيرة الهلالية. شكَّل الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي مع شيخ القوالين وراوي السيرة الهلالية سيد الضوي ثنائيًّا، كرسا حياتهما لسرد السيرة الهلالية، خصوصًا عبر شاشة التليفزيون المصري، وطاف الثنائي قرابة النصف قرن أنحاء الوطن العربي لنشر السيرة الهلالية وإشباع نهم المهتمين بها من العرب، حتى جمعت داخل المتحف الذي أقيم في مسقط رأس الأبنودي. قدم الضوي عدة عروض في بيت السحيمي بالقاهرة، إضافة إلى مشاركته في مهرجان فنون الحكي الأول، الذي نظمته مؤسسة دوم الثقافية بالتعاون مع وزارة الثقافة بقنا في مارس 2014، ولشدة براعته في سردها أطلق عليه عدة ألقاب، منها «آخر الأبطال»، بجانب «فارس بني هلال الأخير»، و«المكتبة المتنقلة». كان قبل سرده دائمًا يقرأ الفاتحة، ثم ينشد قائلًا: «بعد المديح في المكمل.. أحمد أبو درب سالك.. أحكي في سيرة وأكمل.. عرب يذكروا قبل ذلك.. في سيرة عرب أقدمين.. كانوا ناس يخشوا الملامة.. ريسهم سبع ومتين.. يسمى أبو زيد الهلالي». ظل الضوي طوال حياته معتزًّا بذكرياته التي جمعته مع الراحل عبد الرحمن الأبنودي، ويقول عنه: «تعرفت على الأبنودي من الستينيات، تربينا أنا وهو في أبنود، وهو تربية أبوي على فكرة، وكان بينهم محبة شديدة، وعيلة الأبنودي ما كانوش يجيبوا حد في الأفراح غير الحاج ضوي، وكان يجيني قوص هو وعطيات قبل ما ياخد نهال، ويقعد باليومين والتلاتة والأسبوع، نسجل السيرة على شرطان، وسجلت للإذاعة 3 سنين، ويسافر هو لناس كتير قِبلي وبَحَرى يسجل معاهم».