يأتي رمضان هذا العام مع ارتفاع موجة الأسعار مرة أخرى، خاصة للسلع والمواد الغذائية، وذلك ما أعلنت عنه وزارة التموين، حيث زادت أسعار اللحوم السودانية الطازجة إلى 80 جنيهًا للكيلو، بزيادة 5 جنيهات، واللحوم البرازيلية إلى 69 جنيهًا، بدلًا من 48 جنيهًا، بزيادة 21 جنيهًا، وسجلت أسعار الدواجن 31 جنيهًا بزيادة 6 جنيهات. وعلى الرغم من تثبيت وزارة المالية سعر صرف الدولار الجمركي عند 16.5 جنيه خلال شهر مايو، وعلى مدار 30 يومًا؛ للحفاظ على مستوى الأسعار الحالي نسبيًّا خلال شهر رمضان ووقف نزيف القيمة الشرائية للجنيه التي تأثرت بشكل بالغ عقب تعويم الجنيه، إلا أن هناك ارتفاعًا في الأسعار. وقال الدكتور عادل عامر، مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية، إن ارتفاع الأسعار الذي بدأ في الظهور مع اقتراب شهر رمضان هو حصيلة عدة أشهر وليس نتاجًا للشهر الحالي، فالتجار والمستوردون حصلوا على بضائع رمضان التي بدءوا في بيعها منذ أسبوع بالأسعار المرتفعة لسعر الدولار في البنوك، وكذلك بسعر الدولار الجمركي المرتفع نسبيًّا عما هو مفروض. وأضاف عامر ل«البديل» أن هناك من يستغل الشهر الكريم في رفع أسعار السلع الغذائية؛ لزيادة دخله بطريقة غير مشروعة، حيث إن سوق السلع الغذائية في مصر لا تحتكم لأي ضوابط اقتصادية وإنتاجية، ويتم تيسير السوق لخدمة محتكري تجارة السلع الغذائية واستيرادها من دول شرق آسيا وبعض الأسواق الجديدة، لتوريد السلع الغذائية والاستهلاكية بصفة احتكارية لكبار التجار. وأوضح أن ارتفاع أسعار الخضراوات الأساسية واللحوم البيضاء قبل بداية الشهر الكريم يزيد العبء على المواطن الفقير، لأن الجميع يتلاعبون بالمواطن الفقير؛ بسبب غياب الرقابة وعدم تسعير المواد الغذائية؛ منعًا لعمليات التلاعب، إضافة إلى عدم توفير الدعم مثلما كان في السابق على السلع التموينية، وجشع التجار وسعيهم للحصول على أرباح إضافية، مستغلين حاجة المواطن إلى المواد الغذائية في ذلك الشهر. وأكد أن المواطن المصري أصبح يستقبل رمضان وهو لا يحمل أي ابتسامة أمل، بعدما فقدها بسبب زيادة الأسعار المتتالية، مستنكرًا مطالبة الحكومة للشعب دائمًا بالتقشف، في حين الإعلان عن مشروعات اقتصادية بمليارات الجنيهات، مما يجعل المواطن المصري يشعر بحالة من الانفصام. وأشار إلى أن ارتفاع الأسعار يحدث نتيجة أسباب مختلفة، منها العرض والطّلب في السّوق، فهناك فترات زمنيّة تحدث فيها زيادة طلب على سلعٍ معيّنة، وبالتّالي ترتفع أسعار تلك السّلع نتيجة نقصان المعروض، وقد يكون سبب ارتفاع الأسعار جشع التّجار واستغلالهم للوضع الاقتصادي الذي يسمح لهم بزيادة الأسعار بدون وجودٍ رقيبٍ عليهم وعلى تصرّفاتهم، والاحتكار أيضًا من الأساليب التي تؤدّي إلى ارتفاع الأسعار، فالتّاجر عندما يقوم باحتكار السّلع من خلال وضعها في المخازن ثمّ عرضها في وقت حاجة النّاس إليها، فإنّ ذلك يؤدّي إلى ارتفاع الأسعار بلا شكّ، وقد يكون سبب ارتفاع الأسعار قلّة إنتاج السّلع في الدّول المنتجة والمصدّرة. وتوقع أن تزيد نسبة الإنفاق على المأكولات؛ لتصل إلى 55 % أي أكثر من نصف ميزانية المصريين، بعد أن كانت النسبة في السنوات الأخيرة تتأرجح بين 40 و50 %، حيث إن الأسر المصرية تنفق 45% من إجمالي مصروفاتها السنوية على الغذاء، ويستحوذ شهر رمضان وحده على 15% من هذه النسبة، مشيرًا إلى أنه بعد الغلاء المتزايد فإن حركة الشراء ستختلف، وذلك بشراء كميات أقل من منتجات الألبان، واللحوم، والمشروبات بأنواعها، والمنتجات الرمضانية، وشراء كميات وفيرة من الأرز، والمكرونة، والزيت، والسكر، فهي سلع أساسية خصوصًا في رمضان؛ تعويضًا عن السلع التي لن يقدروا على شرائها؛ ولذلك سترتفع أسعار هذه السلع التي لا غنى عنها لكثرة الطلب.