وصل العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز في الأول من مارس إلى إندونيسيا، في زيارة استغرقت تسعة أيام، وتم الترحيب به بحرارة، ليس فقط كونه حاكم واحدة من أغنى دول العالم، بل كونه حاكمًا لأقدس مدينتين في الإسلام، مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة. ظهر سلمان وكأنه يقضي عطلة بدلًا من الشروع في زيارة رسمية للدولة، حيث قضى الحاكم البالغ من العمر 81 عامًا ستة أيام في منتجع في بالي، ولكن كان هناك بعض الأعمال الجادة لحضورها، حيث تم الإعلان عن محاولة لتعزيز "التفاعل الاجتماعي" بين السعودية وإندونسيا، وأعلن سلمان عن حزمة مساعدات بقيمة مليار دولار، ورحلات غير محدودة بين البلدين، وتخصيص 50 ألف مكان إضافي سنويًّا للحجاج الإندونسيين. يبدو أن الهدف الحقيقي من الرحلة هو تعزيز الوهابية، تلك التعاليم الدينية المتطرفة في أكبر دولة مسلمة في العالم (إندونسيا)، والتي أشاد بها الغرب على أنها مثال للمجتمع الإسلامي المعتدل. ويصف الصحفي كريتيكا فاراجور المقيم في جاكرتا، الذي يكتب في مجلة ذي أتلانتك، في اليوم الثاني من زيارة الملك، الجهود السعودية في إندونيسيا بقوله: منذ عام 1980 خصصت المملكة العربية السعودية ملايين الدولارات لتصدير علامتها الإسلامية الصارمة والسلفية إلى إندونيسيا المتسامحة تاريخيًّا ومتنوعة، وقامت ببناء أكثر من 150 مسجدًا في جاكرتا، والعديد من معاهد اللغة العربية، وزودت أكثر من 100 مدرسة داخلية بكتب ومدرسين، وجلبت الواعظين، وصرفت آلاف المنح الدراسية للدراسات العليا في السعودية. وقد أثر هذا النفوذ السعودي على إندونيسيا، حيث إن90٪ من سكانها البالغ عددهم 250 مليون نسمة من المسلمين، وعلى الرغم من دستورها التعددي الذي يقول: تضمن الدولة لكل مواطن حرية الدين والعبادة وفقًا لدينه ومعتقده، إلا أن إندونيسيا التي أعلنت استقلالها في عام 1945، تزايد بها التعصب تجاه المسيحيين والهندوس وغيرهم. قبل محاولات المملكة العربية السعودية لنشر السلفية في العالم الإسلامي، لم يكن لدى إندونيسيا منظمات إرهابية مثل حماس إندونيسيا، وأسكار جهاد، وحزب التحرير، وجبهة المدافعين الإسلاميين، والجماعة الإسلامية، على سبيل المثال لا الحصر. واليوم تنتشر هذه الجماعات، التي تلتزم بشكل صارم بالشريعة الإسلامية، والنظام القانوني الملزم في السعودية، والذي تروج له في المؤسسات التعليمية، متشابهة في ذلك مع تنظيم القاعدة وداعش، فهم ينكرون حقوق المرأة، ويؤمنون بالقتل بالرجم للزنا وبتر اليد للصوص، وقتل المثليين والمسلمين "المرتدين". وكان آخر مثال على الطريقة التي اجتاح بها هذا التطرف إندونيسيا، بعد ثلاثة أسابيع فقط من اختتام العاهل السعودي لرحلته، في 31 مارس، خروج ما لا يقل عن 15 ألف متظاهر متشدد إلى شوارع جاكرتا بعد صلاة الجمعة، داعين الى حبس حاكم العاصمة، وهو مسيحي، بتهمة إهانة القرآن. تراجعت هذه النسبة مقارنة مع الحشود التي بلغت حوالي 200 ألف في كل مظاهرة، والتي اجتاحت المدينةجاكرتا في نوفمبر الماضي، وديسمبر وفبراير. كانت الحشود تطالب بسجن بسوكي تيخاجا بورناما (المعروف باسم أشوك)، لإخباره مجموعة من الصيادين بأنه يتم الكذب عليهم بشأن وجود تعاليم في القرآن تمنع حكمهم من قبل غير المسلم باعتباره كافرًا، وبالتالي هو يفهم رفض انتخاب البعض له. في حالة إدانة أشوك، سيتم سجنه خمس سنوات، ولكن من المحزن أن يتم سجنه ليس لفكرة السجن، ولكن لفكرة إرضاء ومجاملة "سلمان"؛ نظرًا لهداياه الفخمة للبلاد. المصدر