يبدو أن معركة اليسار واليمين في أمريكا اللاتينية وخاصة في فنزويلا لم تنته بعد، حيث تشهد كاركاس أزمة سياسية متفاقمة بدأت في الأيام القليلة الماضية، بعدما استولت المحكمة العليا الفنزويلية على صلاحيات البرلمان الذي يسيطر عليه معارضو حكومة الرئيس الإشتراكي اليساري نيكولاس مادورو، الأمر الذي يشكل تصعيدا في الأزمة السياسية القائمة منذ الفوز الكبير لمعارضي الرئيس الراحل هوجو تشافيز في الانتخابات التشريعية نهاية 2015، فيما أبدت الحكومات اللاتيتينة التي تتمتع بحكم يميني تأييدها لمعارضي مادورو مهددة بسحب سفرائها من فنزويلا ردًا على القرارات الآخيرة. وجاء في القرار الذي نشرته أعلى سلطة قضائية في البلاد الخميس "طالما أن الجمعية الوطنية خارجة عن القانون، سيمارس المجلس الدستوري (للمحكمة العليا) المسؤوليات البرلمانية مباشرة"، الأمر الذي أثار غضب المعارضة وصب الزيت على النار في العلاقة مع مادورو، لاسيما وأن المعارضة اليمينية حركت الكثير من الدعوات لإقالة الرئيس الفنزويلي. واتهم خوليو بورخيس، رئيس البرلمان، الرئيس نيكولاس مادورو، بتدبير "انقلاب" بعد قرار المحكمة العليا المعروفة بأنها قريبة من السلطة بأن تمنح نفسها صلاحية إصدار القوانين، وقال أمام البرلمان: "في فنزويلا نيكولاس مادورو نفذ انقلابا"، داعيا الجيش إلى الخروج عن "صمته" إزاء خرق الدستور. وأكد أنه "لا يمكن أن يكون مادورو فوق الدستور"، معتبرا أن الرئيس "سحب السلطة من الشعب الفنزويلي". ودافع مادورو، خليفة تشافيز، الذي حمل الراية الاشتراكية في فنزويلا بعد رحيله عن قرارات المحكمة، نافيًا أن يكون هناك انتهاك للنظام الدستوري في فنزويلا بعدما استولت المحكمة العليا القريبة من السلطة على سلطات البرلمان، وقال مادورو خلال أحد الاجتماعات "في فنزويلا، الدستور والحقوق المدنية والسياسية وحقوق الإنسان وسلطة الشعب لا تزال سارية بالكامل". لكن مادورو، حاول أن يخفف حدة الأزمة بعدم اصطدامه مع المعارضة خاصة أن بعد إغلاق العشرات من معارضي الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو طريقا سريعا في العاصمة كراكاس في مستهل احتجاجات في الشوارع، موجها دعوة للقادة الأمنيين الفنزويليين لحضور اجتماعات عاجلة، في محاولة لحل ما أسماه "طريقا مسدودا"، وقال الرئيس الفنزويلي إن حل الأزمة بين البرلمان والمحكمة العليا سيتم من خلال الحوار وفي إطار الدستور. وكانت الحكومة الفنزويلية رفضت، يوم الجمعة الماضي، اتهامها بتنفيذ "انقلاب"، وقالت وزارة الخارجية في بيان "من الخطأ القول بأن انقلابا حصل في فنزويلا، على العكس، إن مؤسساتها قامت بتصحيح قانوني لوضع حد للموقف الانقلابي لنواب المعارضة". ورفضت الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي، الخميس الماضي، ما وصفته ب"انتهاك النظام الدستوري" في فنزويلا، كما أدانت 6 دول في أمريكا الجنوبية انتهاك "النظام الديموقراطي" في فنزويلا ودعت للعودة إليه سريعا، وذلك في بيان مشترك صدر في بوينس آيرس. وعبرت الأرجنتين والبرازيل وكولومبيا وأوروجواي وباراجواي، وهي دول أعضاء في اتحاد بلدان امريكا الجنوبية "أوناسور" عن احتجاجها على قرار المحكمة العليا الفنزويلية، فيما اتخذت بيرو أكثر المواقف صرامة في الأمريكيتين تجاه الإجراءات الفتزويلية الجديدة، وتجلى ذلك بسحب سفيرها من كاراكاس، مشيرة إلى أن خطوتها هذه تعني خفض مستوى العلاقات الثنائية بين الدولتين، واصفة قرار المحكمة بأنه "انتهاك صارخ للديمقراطية"، وبدورها استدعت حكومة تشيلي سفيرها في كاراكاس للتشاور. فيما ردت الخارجية الفنزويلية على حملة التنديد الخارجية هذه بأنها "عاصفة (مصدرها) حكومات اليمين الموالي للإمبريالية بقيادة الخارجية الأمريكية ومراكز السلطة الأمريكية"، وأدانت ما أسمته "حلفا إقليميا يمينيا" ضدها بعد أن تعرضت لانتقادات لاذعة في أرجاء أمريكا اللاتينية بشأن مسوغاتها في الديمقراطية، وقال وزير الخارجية ديلسي رودريجيز، في سلسلة تغريدات موجهة إلى دول تنتقد تحركا نحو إبطال دور الكونجرس الذي تقوده المعارضة: "نحن نرفض دعم حكومة بيرو الفج للقطاعات العنيفة والمتطرفة في فنزويلا".